احمد الحمد المندلاوي
بسم الله الرحمن الرحيم
# ورد في كتابي (حلبجة و لوحات الأنين) في قسمه السادس؛قصيدتي :
تيمور يخطب من قاع المقابر..
الى الطفل الكوردي الشجاع ” تيمور ” الذي دفن حياً في جريمة الأنفال المعروفة ، ونجا من الدفن الجماعي بأعجوبة… في زمن الظلم والجور ، فإليه والى أصدقائه وكل شهداء الأنفال ، وشهداء حلبجة ، وشهداء العراق عموما؛أهدي هذه الكلمات المتواضعة . . بمناسبة ذكرى (جريمة الأنفال) بحق 184 ألف ضحية من أبناء كوردستان العراق الأبرياء ،بدفنهم وهم أحياء في بطون الصحارى وتجاويف الوديان..
كتبت القصيدةفي أوائل التسعينات في المهجر:
تَيمورْ…
يا قبساً منْ نورْ
آتٍ لَـنا من ذروةِ الجبالِ،
ومالئاً سلالَـهُ الطّيوبَ،
للنَّاسِ فِي الجنوبْ..
للبَردي والصَّفصافِ …
و التمورْ
أتَى بِـها من جنَّةِ الشَّمالِ
فِي يَـدِهِ عصفورْ..
فِي قلبهِ الرّيحانُ و العطورْ
زاهيـةٌ ألوانُــهُ
كشعرِهِ الأشـقرْ
وقد علَتْ ألحانُـهُ
موطنَـهُ الأكـبرْ
*
لكنَّ كانَ قلبُهُ الصَّغيرْ
محوّطاً بألفِ قيـدٍ،
ألفِ سورْ …
جيءَ بِـهِ للخندقِ المحفـورْ
قدْ ذاقَ ويلاً وَ وَبالْ،
يا أيُّـها العالَمُ .. فِي يَـومٍ حَـرورْ !!
يا قابعينَ فِي الفلَلْ ..
والعاشقينَ المالَ منْ غيرِ حَدودْ
هلّا سمعْتُم قصّةَ تيمورْ!!
*
براءةٌ فِي عينِـهِِ ..
كـ” يُوسفَ “* فِي جُبِّـهِ مغدورْ
هذا الذَّي يفعلُـهُ .. طاغيَةُ الغرورْ
فِي زمنِ الليزرِ،
بلْ فِـي زمـنِ الزّورْ
وناسياً كتابَـهُ المسطورْ..
والقدرَ المقْـدورْ..
بأنْ يعيشَ خاسئاً…
فِي ظلمةِ الجحورْ
وقصرُكَ المبنيُّ من دِمائِـنا مَهجُورْ
و حولَـهُ العناكـبْ
سربٌ من العقاربْ
إنهضْ هُـنا زحفُ العِدى
يا واسعَ المناكـبْ !!..
بلْ كنتَ ليثاً ضارياً..
فِي مدفنِ تَيمورْ
*
و دارَتِ الدَّوائرْ
فِي حفرَةٍ بائسَةٍ ،
أشبَهُ بالقبورْ !!
صديقُهُ النّملُ،و القمّلُ،و الصّراصرُ
و البومُ من فوقَ سقفِهِ يغادرْْ !!
و الحومُ و الطّيورْ
يا بطلاً (مشهورْ)..
فِي عالمِ الخيالْ ..
بينَ الجواري و القصورْ
وسيفُكَ حادٌّ فقطْ؛
لذبحَـةِ الشَّحرورْ!!
تبا لك يا أيها المغرور
*
تَيمُورْ ..
يا قَبَساً منْ نُـورْ ..
يغرَّدُ، للكلِّ، للجميعْ
في كافَّـةِ المواسمْ
فِي الصّيفِ والرّبيعْ
للوردِ والنّسائمْ
يُردّدُ ألحانَهُ:
(هه ر بزي كورد
و عه ره ب
رَمـزُ النِّضالْ )
*
لكنَّ في يديـهِ ألفُ قيدْ ،
وقلبُهُ محوّطٌ،
بألـفِ ألـفِ سُـورْ
تيمورْ..
بنَى لَـهُ الطاغوتُ من أحقادِهِ
أسوارْ..
يخشى منْ الكهولِ،والصِّغارْ
يخشى من المراتعِ الخضراءْ
حتى من الورودِ، والأزهارْ
*
هذا الذي أنجـزَهُ
يريدُ يبنـي عـزَّهُ
فِي آخرِ العصورْ
بالأسـماءِ،
ود دكالألقـابِ،
و القصـورْ
وينكرُ أفعالَهَ القرآنُ،
والإنجيلُ ،
والزَّبورْ
و العُرفُ و القانونُ و المضائفْ
والأُممُ المُتّحدةْ..
و كافّةُ الطّوائف ..
*
تَيمورْ..
يا قَبَساً منْ نـورْ
من طينَـةِ الوَطَنْ
لكنَّـهُ يبقى بلا كَفَنْ
يعانِـقُ أجــدادَهُ
يبني لَـنا أمجادَهُ
لا يبتغي منْ فعلِـهِ الثَّمنْ
ضريبـةُ الغَرامِ للوَطَـنْ
مقاوماً أعـداءَهُ
منْ ظلمةِ القبورْ
يحاكمُ الطّغاةْ
و يلعِنُ الجُناةْ
بآهةٍ حرّى،و نفثَةِ الصّدورْ !!
*
تَيمُورْ ..
يا قَبَساً منْ نُـورْ
يحملُـهُ الجمهورْ
عَلى مَدى الدِّهورْ
سماؤهم وأرضُهم ديجـورْ
هذا الذَّي أتى بِـهِ الجاني لَـنا،
فِي آخرِ العصورْ!!..
يبني لَـهُ منْ جُؤجُؤِ أطفالِـنا
قصورْ ..
*
تَيمُورْ ..
يا قَبَساً منْ نُـورْ ..
يا ألَـماً يعانقُ العُيونَ ..
و النّواظرْ
ينسابُ فِي حدائقُ الزُّهورْ
وانتحرَتْ مـنْ أجلِـهِ
نسائِمُ الأريجْ
فِي القدسِ،فِي لبنانَ،
في مشارِفِ الخليجْ
برلينُ تحكي قصَّةَ الصـُّراخِ،
و الضَّجيجْ
باريسُ أيضاً قد بكَتْ
من محنة تَيمُورْ ..
يا قَبَساً منْ نُـورْ
يحملُـهُ الجمهورْ
عَلى مَدى الدِّهورْ
يا تيمور….