التشكيلي محمد عارف … رسالة جمال وألوان وحضارة

 

متابعة التآخي

سيرة ذاتية

ولد في راوندوز / أربيل   سنة 1937

دبلوم معهد الفنون الجميلة / بغداد 1956

امتهن التدريس في مدينة اربيل 1957-1961

ماجستير اكاديمية الفنون الجميلة بدرجة امتياز / موسكو1976

عمل مفتشا للتربية الفنية / السعودية1968

ثلاثة معارض في الاتحاد السوفياتي 1961-1967

اشترك بالمعارض السنوية لجمعية التشكيليين العراقيين

عضو رابطة الفنانين العالميين (يونسكو- بارب) 1969

حاز على جائزة الدولة للإبداع الفني عن معارضه الاستعارية 1961-2001

دكتوراه في فلسفة الفن بدرجة امتياز / جامعة صلاح الدين – اربيل 2004

مؤسس كلية الفنون الجميلة / اربيل 2004

عضو جماعة بغداد للفن الحديث

عضو جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين

عضو نقابة الفنانين العراقيين

عمل مدرسا للفن في معهد الفنون الجميلة والتطبيقية واكاديمية الفنون الجميلة / بغداد

استاذ مساعد (كلية الهندسة – القسم المعماري)

استاذ في جامعة صلاح الدين

عميد كلية الفنون الجميلة بجامعة صلاح الدين

توفي في اربيل 2009

مدخل

الفنان التشكيلي الكوردي الراحل محمد عارف كان مسحورا بالطبيعة والمكان، فوجد نفسه مأسورا بين عوالمها ومخلوقاتها، بين ظلالها وضيائها واشجارها بل ظل حتى ايامه الأخيرة رائيا مخلصا لكل مشاهداته البصرية الحياتية على مدى أكثر من نصف قرن.

عاش الفنان وهو حاملا ألوانه وفرشاته واحلامه الى مدن وعواصم قصية ولكنه في كل رحلاته ظل مشدودا الى سمائه الاولى ومكانه الاول..

 

 

وقال الفنان الراحل في آخر حوار له “ان كوردستان ومنذ مئات السنين، بجمالها وسحرها وجبالها وسيمفونياتها اللونية كانت مصدرا لكبار الشعراء والمستشرقين الموسيقية والادباء والفنانين” مضيفا الى حديثه ان ما حققه أكاديميا اطروحتي للدكتوراه (جماليات طبيعة كوردستان وأثرها في الرسم العراقي المعاصر).

وكتب الشاعر الراحل بلند الحيدري يقول : ان ميزة محمد عارف لا ينهض بها غير مسعاه على ردم الهوة ما بين الفنان والجمهور ليؤكد تواصلها وخلق التعاطف الضروري بينهم ببساطة تعبيرية وبحنانه الشعري وألفة مواضيعه وتسطح رموزه بأسلوبه التشخيصي وببنائه المحكم” فيما يرى الكاتب والناقد الكوردي كمال غمبار  أن الفنان محمد عارف ربط الماضي بالحاضر ربطا جدليا فاعلا من خلال تجسيد القصص الشعبية في لوحاته ليبرز الماضي بشكل حي مستكينا روحه الوثابة وقيمه الفنية المتدفقة بالمأثورات والقضايا التي تخدم تطلعات الانسان الكوردي المعتز بالجوانب المشرقة لتراثه الفولكلوري العريق. وهكذا فإنّ الفنان لا يخضع لوحاته للماضي بكل ما يحمل هذا الماضي من جوانب شتى بمقدار ما يستلهم من هذا الماضي افكارا ثورية جديدة تخدم الحاضر المتطلع الى التجديد والنهوض. وبعد فإن جميع الاعتبارات التقييمية الاخرى تتهافت عند اكتشافنا “طرحه” للزخم العميق من “الحب” بمفردات لغوية ذات جذور عميقة في حضارة الشرق الاسلامي في العصور الوسطى. ومع ان ألوانه هي ألوان –الفولكلور الكوردي – المعاصر الا انها في الفن الاسلامي العريق.

في حوار له

* يقال أن الفن لغة بشرية تنقل الخبرات النفسية والاجتماعية والفكرية بطريقة وجدانية… كيف تفسرون هذا القول؟

ـ الفن الحقيقي له دور أكثر مما ذكرت. فهو بالإضافة إلى ذلك يخلّد الماضي ويعبّر عن الحاضر ويستشرف حتى المستقبل. هذا ما يثنيه لنا عودة تأملية وتحليلية الى تاريخ الحضارات والفنون السابقة ويمكن الاستدلال بالحضارات العراقية القديمة الميزوبوتاميا (السومرية، الأشورية، البابلية والاكدية مرورا بالحضارات والفنون الإسلامية الخالدة وعاصمتها آنذاك مدينة بغداد.

 

 

* هل صحيح أن المضمون لا يكون فعلا مؤثرا بدون الشكل الفني. وان جودة المضمون من جودة الشكل؟

قيل منذ القدم (خير مظهر ما دلّ على جوهر) المهم هو جوهر موضوع اللوحة. فلوحة بدون موضوع أشبه بكلام دون معنى. وأكثر الفنون الحديثة من هذا الطراز خاصة الموجات العاتية الآتية من الفنون الموديرينزمية الأوربية. وبالرغم من بعض جوانبها القليلة والمفيدة أحيانا. إلا أنها أثرت سلبيا على الحركة الفنية الكوردية والعراقية وأصبحت هذه الحركة العريقة والمستندة إلى تراثنا الخالد تحت طائلتها وخاصة جيل الشباب. فاصطبغت بصبغة الشكلية الكوسموبوليتية.

* ما دور الطابع الوجداني في العمل الفني وفي الفن التشكيلي بالذات؟

ـ أي فن خالد. إذا ما سقط عنه دور وجدان الفنان يكون فنا شكليا فورماليزميا. لا يصمد أمام الزمن ولا يُخلّد في ذاكرة الشعب. أما إذا سألتني كيف يتكون (الوجدان) فهذه مسألة معقدة. ذلك لان هذا الينبوع الثر ومركز العطاء تتكون جذوره تاريخيا ومن خلاله (عشق الوطن وحب الشعب وتذوق جماليات الطبيعة واحترام الفولكلور) وإعطائه دورا مقدسا وليس (ديكوريا وشكليا كما يحدث الآن للأسف) فالفنان الذي يمتلك هذا النوع من الوجدان فهو ليس وجدانيا شخصيا وفرديا فحسب. بل هو وجدان الشعب ودراسة تاريخ الفن العالمي يثبت هذا الكلام.

* كثيرا ما نسمع عبارة الفنون جنون. ماذا تقصد هذه العبارة؟

ـ يقال بان الفاصل بين الجنون والعبقرية خيط رفيع. وبما أن الفنانين الكبار لا يهتمون بكنز الثروات والذهب والدولارات والأراضي والسيارات الفارهة وغيرها من (زينة الحياة الدنيا) بل يتجهون إلى إحياء الفولكلور والتاريخ والأمجاد والتعبير عن الواقع الموضوعي ولا يهمهم اهتمام المسؤولين الغارقين في حل مشاكلهم والمشاكل الملتهبة للوطن وهذه المهمة في غاية الصعوبة. فإنهم أي الفنانون الحقيقيون متهمون بهذه التهم وهم براء منها.

* هناك مدارس فنية مختلفة _كلاسيكية_ رومانطيقية_ رمزية _ سريالية _ تجريدية وواقعية. الدكتور محمد عارف تلميذ أية مدرسة من تلك المدارس؟

ـ من واقع آمنت به منذ بداية الستينات وانا طالب في أكاديمية الفنون الجميلة في موسكو ولحد الآن ومستقبلا بإذن الله كنت وما زلت فنانا واقعيا وملتزما بالمعنى الواسع والعميق لهذه الكلمة المقدسة. وما رسمت إلا نتيجة حب الناس وخاصة الفقراء والمستضعفين أو اعجابا ببطولة وطنية أو حبا بجمال كوردستان الخلابة خاصة. والعراق مهد الحضارات والفنون عامة.

 

 

إلا أن واقعيتي تشمل (بعد المرحلة الأكاديمية ودراسة علوم الفن وتاريخه واقعية اشتراكية وواقعية حديثة وتعبيرية وحتى انطباعية). ولقد كتب عن مسيرتي الفنية المذكورة نخبة من النقاد الكورد والعرب والأوربيين عن هذه المراحل وخاصة الدكتور (بكدانوف) السوفيتي والبروفسور المستشرق الألماني (برينتس) وغيرهم.

*كلنا نعلم بأنك شاركت في معارض دولية كثيرة. ما المعارض الدولية التي شاركت فيها شخصيا او التي شاركت بها بلوحاتك.؟

ـ بخصوص المعرض الشخصية ومنذ عام 1961. هي ثلاث معارض في الاتحاد السوفييتي خلال الأعوام (1961_1967) والرابع عام 1971 على قاعة المتحف الوطني للفن الحديث ببغداد والمعرض الخامس عام 1976 في قاعة جمعية الثقافة الكوردية ببغداد والمعرض السادس في اربيل عام 1977 وفي عام 1979 أقمت معرضي الشخصي بقاعة المتحف الوطني للفن الحديث وكذلك المعرض الثامن بعنوان (انطباعات عن العالم / 1961_1981) على قاعة الرواق في بغداد وفي عام 1984 أقمت المعرض التاسع الشامل (1961_1984) على قاعة المتحف الوطني والمعرض العاشر (سيمفونية الجبال) على قاعة الرواق. والمعرض الحادي عشر الشامل (سيمفونية الفن) 1961_1993 ,قاعة ميديا في اربيل. والمعرض الثاني عشر الشامل (عاشق كوردستان) على قاعة ميديا أيضا والمعرض الثالث عشر (كوردستاني أنا) على قاعة متحف السليمانية عام 1999 وفي عام 2001 أقمت معرضي الشخصي الرابع عشر (الاستعادي) على قاعة المتحف الوطني ببغداد. أما المعارض الجماعية. اشتركت منذ عام 1969 في أكثرية المعارض الوطنية داخل العراق ومعارض الفن العراقي المعاصر في الخارج ومنها (الكويت _ قطر _ البحرين_ لبنان_ الجزائر_ المغرب _ تونس_ الاتحاد السوفيتي_ ألمانيا الديمقراطية _ ألمانيا الغربية_ انكلترا _ فرنسا _ إيران والترينالي العالمي في الهند)

 

 

*نشرت مجلة (الطليعة) الكويتية عام 1979 مقالا مطولا بشأن لوحاتك ولوحة (السلام في كوردستان) بالذات. هل تذكرون شيئا عما تناوله هذا المقال.؟

ـ ان ما تبقى في ذاكرتي من هذا المقال والذي نشر في المجلة المذكورة في عددها (600) في 27 آذار 1979 يقول المقال (تجول الفنان محمد عارف من خلال إعماله الفنية الرائعة في أجواء كوردستان الرحبة وأحلام الأسطورة الأبدية التي تجسّد الرجولة والبطولة في شخص أناس بسطاء. يسرد الفنان قصة الإنسان والحب والوطن والذاكرة الحلوة ومباهج حياة الكورد الريفية. يتأرجح الفنان بسلاسة بين ألوان السعادة المبنية على الحرية في موضوع (انطباعات اربيلية) وصراحة الشكل وألوان الحزن في تسجيل أحداث تاريخية في حياة الشعب الكوردي وبذلك يضع الفنان قضية الإنسان والوطن في المقدمة… الخ).

*الفنان الراحل (خالد الرحال) كان من المعجبين بإعمالك الفنية. قال مرة إن أعمال محمد عارف تنبع من ذاته وقلبه وشعوره. ومن جانب آخر يقول إن لوحاته تذكرني باللوحات التراجيدية الاسبانية. ماذا كان يقصد بهذين التعبيرين.؟

ـ لقد تجاوبت مجموعة كبيرة من (نخبة النخبة) من الفنانين العراقيين الكبار والعرب مع لوحاتي ذات المضامين الكوردستانية والعراقية والإنسانية (دون دعاية لنفسي) تجاوبا كبيرا وانعكس في كتاباتهم النقدية عن معارضي ومنهم الفنان الخالد (خالد الرحال).

* أنت مؤسس وأول عميد لكلية الفنون الجميلة في اربيل عام 2004 /2005. لماذا استقلت؟

-أشعر بالاعتزاز أن أكون مؤسسا لكلية الفنون الجميلة في اربيل وكذلك أول عميد لها. وأخذت مني هذه المهمة الإدارية سنتين من عمري. إلا إنني تأكدت بانه من الصعوبة بمكان أن أكون أنا الفنان محمد عارف والعميد محمد عارف ففضلت الفن على الإدارة ولست نادما على ذلك.

*ماهي مشاريعك الفنية في الوقت الحاضر؟

ـ الآن اعمل بموضوعين هما الأقرب إلى عقلي ووجداني وإحساسي وهي عن بطولات (البيشمركه) المجهولين وثانيهما عودة إلى طبيعة كوردستان وخاصة المدينة الجبلية الجميلة التي ولدت فيها وهي مدينة رواندوز .

* الفنان ولو كان في القمة لكنه يتأثر بأعمال فنانين آخرين. من هم الفنانين الذين تأثرت بإعمالهم؟

ـ لم أتأثر بأي فنان عراقي أو عالمي. إلا أنني استفدت من بعضهم في حدود معقولة إلى أن وصلت إلى أسلوبي الفني الذي يميزني الآخرين. وهذا من حقي المشروع وحصيلة سقف زمني طويل.

قد يعجبك ايضا