التآخي ـ وكالات
مع نهاية فصل الشتاء الذي غالباً ما يحمل في طياته كثيرا من الأمراض الموسمية، تضاءل الحديث عن الإصابة بفيروس كورونا الذي كان يعد هاجساً لدى كثيرين بخاصة في هذا الفصل وسط تشكيك البعض بمدى خطورته واختلافه عن الانفلونزا.
وقد اكتشفت منظمة الصحة العالمية هذا الفيروس المُستجد لأول مرة في 31 كانون الأول 2019، بعد الإبلاغ عن مجموعة من حالات الإصابة بما يُسمى الالتهاب الرئوي الفيروسي في يوهان بجمهورية الصين الشعبية.
البروفيسور وخبير اللقاحات علي فطوم، يقول، أن الفيروس لم ينتهِ وفي الموسم الشتوي، سُجل الكثير من الإصابات، ولكن أصبح التعايش معه أسهل كـ “روتين”، ومع الانخفاض الكبير بعدد الوفيات مقارنة بأول موسمين عند اكتشاف الفيروس أصبح الاهتمام به أقل.
ويُصر بعض الأشخاص على أن فيروس كورونا جرى تضخيمه وهو لا يتعدى “نزلة برد قوية” بنظرهم، وهو ما ينفيه رئيس مركز مكافحة الأوبئة في الأردن الدكتور عادل البلبيسي ويؤكد أن كلامهم “لا يستند إلى أي أساس علمي”.
البلبيسي قال لـ “بي بي سي”، إن فيروس كورونا لم ينتهِ من العالم ومازالت تُسجل حالات في معظم دول العالم ولكن عندما أعلنت منظمة الصحة العالمية أن الجائحة قد “انتهت”، أصبح من غير الملزم للدول الإبلاغ عن الحالات والعديد من دول العالم أغلقت مراكز الفحص التي كانت منتشرة بكثرة خلال ذروة انتشار المرض.
“بعض الأشخاص الذين لديهم أعراض الأمراض التنفسية فقدوا الاهتمام بإجراء الفحص والتأكد من التشخيص باعتبار أن بعض الأعراض هي أعراض إنفلونزا موسمية”، بحسب البلبيسي.
ويؤكد عدة أطباء من أنهم عانوا من حملات تكذيب بشأن الفيروس منذ بدايته وحتى الآن، ما يصعب مهمتهم عند علاج المصابين الذين يهملون النصائح الوقائية ويسهم ذلك في انتشار الفيروس.
“نظرية المؤامرة بأن ما حدث هو نوع من التسلط على الناس ومستقبلهم، وحملات التكذيب على أنه نوع من الخرافات اختفت أغلبها بعدما حصد الفيروس أرواح كثيرين، ونحن نستند على المعلومات الكافية التي لدينا عن الفيروس والتسلسل الجيني له”، بحسب فطوم.
تتمثل أعراض كوفيد-19 الأكثر شيوعاً، وفق منظمة الصحة؛ بالـحمى، الرعشة، التهاب الحلق، وتشمل أعراضا أخرى تكون أقل شيوعاً وقد تظهر على بعض المرضى وهي؛ آلام العضلات، الإرهاق الشديد أو التعب، سيلان الأنف أو انسداده أو العطس، الصداع، التهاب العينين، الدوخة، سعال، ضيق أو ألم في الصدر، ضيق التنفس، بحة الصوت.
فطوم، وهو أستاذ في جامعة ميشيغان، أكّد أن الأعراض الأولية لا زالت كما هي لمن يمتلك جهاز مناعي جيد، ولكن الإصابات بكورونا أصبحت أقل حدة نتيجة للمناعة التي تكونت طبيعيا وأصبحت مكتسبة عبر الإصابة بالفيروس أو عبر أخذ اللقاحات.
وأضاف “ما تغير هو الحالة المناعية في المجتمع بما أن نصف سكان العالم تلقوا اللقاح وأغلب البقية أصيبوا بالفيروس، ولكن المصابين بالأمراض المزمنة عند إصابتهم بكورونا هم معرضون لإصابات خطيرة واحتمالية الوفاة”.
كما تتضمن الأعراض ثقل الذراعين / الرجلين، الخدر، الوخز، الغثيان أو القيء أو ألم أو وجع في البطن أو الإسهال، انعدام الشهية، فقدان أو تغير حاسة الذوق أو الشم، صعوبة النوم.
الأشخاص الأشد تعرضاً لخطر الإصابة بحالة مرضية وخيمة هم الأشخاص البالغة أعمارهم 60 سنة وأكثر والأشخاص الذين يعانون من مشكلات طبية أساسية مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري وسائر المشكلات الصحية المزمنة وضعف الوظيفة المناعية / الكبت المناعي، والسمنة والسرطان والأشخاص غير المطعمين.
ومع ذلك، فقد يُصاب أي شخص في أي عمر بمرض كوفيد-19 ويعاني من حالة مرضية وخيمة أو حتى يلقى حتفه.
وهنا يؤكد البلبيسي لدى سؤاله بشأن وفيات كورونا، أن العديد من الأشخاص توفوا بسبب إصابتهم بالفيروس ولا يجري الإبلاغ عن ذلك بشكل كبير الآن.
يضيف “أما العزل فقد أصبحت وبائية المرض معروفه بصورة أوضح ولذلك يجري عزل الحالات التي تستدعى العزل بحسب رأي الطبيب المعالج”.
ويكون الأشخاص الذين يعانون من مشكلات صحية سابقة أكثر عرضة للخطر عندما يُصابون بمرض كوفيد-19 وينبغي لهم التماس المساعدة الطبية في وقت مبكر إن ساورهم القلق بشأن وضعهم الصحي.
ويشمل ذلك – على سبيل المثال لا الحصر – الأشخاص المعالجين بأدوية كابتة للمناعة؛ ومرضى القلب أو الرئة او الكبد أو روماتزم مزمن، والمصابين بفيروس العوز المناعي البشري أو السكري أو السرطان أو الخرف.
وتشمل أعراض مرض كوفيد-19 التي تتطلب العناية الطبية الفورية ما يلي: صعوبة التنفس، أو العجز عن التحدث في جمل، النعاس أو فقدان الوعي، الألم المستمر أو الشعور بالضغط على الصدر، الجلد البارد أو الرطب أو المتحول إلى لون شاحب أو الضارب إلى الزرقة، فقدان القدرة على النطق أو الحركة.
ومن المعروف أن متحورات فيروس كورونا تطور نفسها وتتغير باستمرار وقد طُوّر الكثير منها للفيروس في مدة انتشار الوباء، وآخرها هو جي إن 1 الذي صنفته منظمة الصحة العالمية على أنه “متحور محل الاهتمام”، من جراء “انتشاره المتزايد بسرعة”.
ويشير البلبيسي، الذي عمل سابقاً كمستشار لرئاسة الوزراء لشؤون الصحة الأردنية وملف كورونا، إلى السلالة السائدة في العالم ما زالت هي أوميكرون فضلا عن للمتحور جي إن 1، اذ إن أكثر من 115 دولة حول العالم سجلت هذا المتحور.
وقالت منظمة الصحة العالمية إن الخطر على الناس من المتحور الجديد منخفض حالياً، وإن اللقاحات الحالية توفر الحماية، لكنها حذرت من أن كوفيد وغيره من الإصابات قد ترتفع في الشتاء.
وأشار البروفيسور وخبير اللقاحات علي فطوم، إلى أن اللقاحات طوّرت من أجل منع الحالات المرضية الصعبة وليس من أجل منع الانتشار، لذلك الانتشار لا يزال وارداً، لذلك يجب الحرص، بخاصة من أصحاب الأمراض المزمنة من الإصابة بالفيروس.
وتتواجد عدة لقاحات مضادة لكوفيد 19 اعتُمدت من جانب المنظمة ومن جانب وكالات تنظيمية وطنية صارمة أخرى لاستعمالها.
وقد بدأ برنامج التطعيم الجماعي الأول في أوائل كانون الأول 2020، وجرى إعطاء أكثر من 13 مليار جرعة حول العالم.
“لا شك أن للمطاعيم التي أُعطيت تأثير على المناعة لدى البشر، بحيث أصبح لدى البعض مناعة ولو جزئياً للفيروس وبحيث أصبح تقبل المرض والتعايش معه أكثر سهولة”، وفق البلبيسي.
وكان أعلن في كانون الثاني 2024 عن حدوث ارتفاع كبير في عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا منذ ظهور المتحور الجديد من فيروس كورونا، ما يلقي الضوء على مدى التغير الذي لحق بالمرض منذ بداية ظهور الوباء.
ويقول المذيع التلفزيوني مهدي حسن الذي اصيب بالمتحور الجديد عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي “إكس”، “منذ ما يقرب من أربع سنوات، تمكنت من تفادي كوفيد-19، لكنه تمكن مني أخيراً في نهاية عام 2023”.
وأضاف حسن أن أعراضه كانت خفيفة لحسن الحظ، لكنه مجرد شخص من بين كثيرين أعلنوا عن أول اختبار إيجابي للإصابة بالفيروس، بعد أربع سنوات من بدء انتشاره لأول مرة في جميع أنحاء العالم.
وعاودت حالات الإصابة بكوفيد-19 الارتفاع مرة أخرى نتيجة لظهور السلالة الجديدة المعروفة بـ”JN.1 Covid” التي ظهرت في أيلول 2023 في فرنسا. وبلغت نسبة الإصابة بالمتحور الجديد من كورونا نحو 60 في المئة من الإصابات الجديدة في أوائل كانون الثاني 2024، وفقًا لمؤشر تتبع البيانات في المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC).
في الوقت نفسه، تظهر البيانات الصادرة عن مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها ووكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة أن الحالات التي تستدعي العلاج في المستشفيات والوفيات الناتجة عن كوفيد19 أقل بشكل ملحوظ مقارنة بشهر كانون الثاني 2023. ويرجح أطباء الرعاية الأولية أنه من المستحيل التمييز بين أعراض كوفيد-19 وأعراض الإنفلونزا من دون إجراء تحليل PCR.