جلال زنكَبادي وعمر الخيّام، و ” حُب في ظلال الحرب” و ” مُسَرَّدةُ الإحلال الميثولوجية- زقورةُ الشّعر اختياراً”

 

 

اعداد: عدنان رحمن

اصدار: 26- 3- 2024

 

من منشورات الجمل- بيروت وبغداد صدر ( ديوان عمر الخيّام- دراسة وترجمة وتقديم ( جلال زنكَـابادي)، الطبعة الاولى عام 2010، ورد في قسمٍ منه:

– ” جدل لا ينتهي!

يقيناً يمكننا الآن إثر شبه التحقيق السالف حول رباعيات الخيام التي تعد أصيلة بإجماع أغلب الخياملوجيين المتبحرين؛ يمكننا أن ندرك جسامة الإفتراء على الخيام ما دامت حتى رباعياته الأصيلة الواردة في أقدم المظان الرصينة، القريبة إلى عصره قد اختلفت روایاتها، وطالتها التحويرات ونُسِبَ بعضها إلى هذا الشاعر أو ذاك، بل أنّ هناك رباعيات نسبت إلى شاعرين وأكثر!. فكيف الحال مع الرباعيات التي وردت في مظان لاحقة، حيث اختلط الحابل بالنابل في غابة مكتظة بأكثر من ألف رباعيّة دخيلة ( منحولة ومدسوسة)؟!. وإذا بنا حيارى أمام لغز غامض هو الخيام بسبب كلّ هذه الرباعيات، ولكن الباحثين والمحققين والنقاد لم يقفوا مكتوفي الأيدي، وراحوا يبحثون ويحققون ويعلّلون؛ فالأستاذ الدكتور محمد جعفر ياحقي يقول: ( يلف الغموض سير وأشعار الكثير من الشعراء والمفكرين، ولكن لأنّ الخيام كان معروفا أكثر كَعالِم في الرياضيات وغيرها وربّما لم يبتغ أن يُعرف كشاعر؛ فقد تضاعف الغموض الذي يلف سيرته وشعره. كان الخيّام يقرض أشعاره لنفسه ولم يتردد طوال حياته على محافل الشعراء؛ ولذا لم تنتشر أشعاره إلا بعد مماته بعشرات السنين). ليس هذا التعليل بكافٍ؛ إذ يجب أن نضيف بأن المضمون الفلسفي لرباعيات الخيام و تعصّب الفقهاء حالا دون معرفة الخيام في زمانه كشاعر إلا من قبل أصدقائه الخلّص المقربين، ولذا انتشرت رباعياته بعد وفاته تدريجياً. وثمة غموض آخر يتعلق بالرباعيات نفسها، يقول عنه الباحث المعروف بهاء الدين خرمشاهي: ( للنصوص الفنّيّة الراقية جانبان وأكثر من المعنى الحرفي، وهذا بمثابة قاعدة كبيرة فمن هذه المعاني ما هو حرفي وينجلي بالتفسير ومنها ما هو عميق يستوجب التأويل لاستكناهه، وليست رباعيات الخيّام مستثناة عن هذه القاعدة). ومن هنا فقد دار و لمّا يزل جدل كثير وطويل حول سيرة الخيّام ومؤلفاته، لاسيما رباعياته ومضامينها، التي تضاربت الأقوال في تحديد عددها تضارباً كبيراً، بل حتى في ضبط صيغ أكثر الرباعيات الأصيلة ونسبتها إلى الخيام، كما يتجلى في تحشية ترجمتنا. استناداً إلى ما توصل إليه بضعة محققين متبحرين إيرانيين، مادام أهل مكة أدرى بشعابها ومن أبرزهم صادق هدایت (۱۹۰۳- ۱۹5۱)، محمد علي فروغي ( ۱۸۷۸- ١٩٤٣)، قاسم غني (۱۸۹۸- ۱۹5۲)، علي دشتي ( ١٨٩٦- ۱۹۸۲)، جلال الدین همائي ( ۱۸۹۹- ۱۹۸۰)، محسن فرزانه و رحیم رضا زاده مَلَك وآخرون ورد ذكرهم في حواشي ترجمتي وتضاعيف هذا الكتاب الذين توصلوا إلى كون ديوان الخيام الأصيل الحقيقي على حد القطع واليقين لا يتعدى الـ ( ۷۰) رباعية وبضع مقطوعات شعرية بالعربية والفارسية، ويمكن في أقصى الأحوال إضافة نحو ضعفي عدد الرباعيات الأصيلة على سبيل الإحتمال لا اليقين، في حين نسبت إلى الخيام أكثر من ألف رباعية منحولة، حتى بلغ عددها قرابة (۱۳۰۰) رباعية، بل صرّح الباحث والمحقق الإيراني الدكتور محمد جعفر ياحقي أخيراً أنّ عدد الرباعيات المنسوبة إلى عمر الخيّام يبلغ أكثر من عشرة آلاف رباعيّة وأضاف: ( ولكننا لا نستطيع أن ننسب إليه جزماً حتى عُشرها) بل ( ليس ثمّة مَنْ يجرؤ على القسم بمقدّساته أنّ هذه الرباعية أو تلك لعمر الخيام يقيناً!). ويؤكّد المستشرق آربري ( ١٩٠٥- ١٩٦٩) هذا الرأي بتعبير آخر ؛ ألا وهو تعذر اليقين القاطع بتنسيب أي رباعية إلى الخيّام، رغم أنّه يعتقد أنّ الخيّام قد خلّف مالا يقل عن ( ٧٥٠) رباعية. وقال المستشرق نيكلسون ( ١٨٦٨- ١٩٤٥) ما فحواه لو عاد الخيّام نفسه إلى الحياة لاحتار وعجز عن فرز رباعياته الأصيلة عن الركام الهائل للرباعيات الدخيلة!”.

 

 

 الحب في ظلال الحرب اسم لرواية للاستاذة سماء الحلبي صدر بطبعته الاولى عام 2023 عن دار سطور للنشر والتوزيع- بغداد المتنبي، وهي رواية بفصول ورد في جزء من فصلها الثاني ما يأتي:

– ” بعد ان انتهت جيهان من اجراءات التقديم على طلب اللجوء لها قام طلال بدعوتها لتناول طعام الغداء، لبت دعوته على الفور فلقد كانت تشعر بالجوع الشديد، وبعد ان انتهيا من تناول طعامهما اقترح عليها ان يأخذها الى سوق الحميدية الشهير لكي تتعرف الى معالم دمشق الجميلة.

          وافقت على ذلك ودهشت لجمال المكان وكثرة البضائع وابتاعت بعض الاشياء التي كانت بحاجة اليها. كان طلال يراقبها وهي تتبضع بأهتمام شديد وهو يشعر بشيءٍ ما غريب يشده إليها. غادرا السوق مشياً على الاقدام فبادرها طلال بالسؤال:

– جيهان.

التفتت إليه قائلة بإستغراب لشيء ما لمسته في صوته:

– نعم.

– انا لا اريد ان ابدو بمظهر الفضولي، ولذلك لم اسألكِ شيئاً عن نفسك للآن ولكن ينتابني الفضول حيال قدومك الى هنا بمفردك وحزنك الذي لا يفارقكِ منذ ان أتيتِ.

سكتت وطأطأت برأسها مما جعله يأسف على كلامه:

– آسف إن ازعجتك يمكنك ان لا تجيبي على سؤالي إن كان يضايقك الحديث في هذا الأمر.

– لا، لا داعي للاسف فسكوتنا عن الاشياء لن ينسينا إياها بل سيكون مجرد هروب منها فقط لا اكثر، بل على العكس حديثنا عنها قد يجعلنا نشعر بالراحة ونكون قادرين على مواجهتها أكثر، لقد توفي امي وابي واخي الذين هم كل عائلتي في انفجار في بغداد قبل شهرين، ولذلك انا هنا وهذا هو سبب حزني.

 

 

على إثر كلامها تشنجت ملامحه بشدة ولمحت الماً دفيناً لاح في عينيه سرعان ما اخفاه بمهارة وعادت ملامحه الخالية من التعبير لطبيعتها، وَرَدَّ عليها قائلاً:

– اعذريني إذ اثرتُ احزانكِ وشجونكِ اتمنى ان يلهمك الله الصبر والقوة للتغلب على الامر.

– شكراً لك.

شعرت بأنه قد أثار شيئاً ما في داخله بكلامها عن عائلتها ولكنها لم تجرؤ على سؤاله لكونه كان غامضاً وكتوماً بشدة، كان يتحفظ على مشاعره وردود افعاله حتى تعابير، وجهَهُ كان رابط الجأش لا يسمح لأي تعبير لا يريده بأن يفلت منه مهما كان شديد التحكم بإنفعالاته ولكنها كانت تشعر بأن هذا المظهر الصلب والبارد يخفي وراءه الكثير من الأسرار، عاد ليسألها من جديد:

– هل أكملت دراستكِ في بغداد؟.

– نعم لقد انهيت دراستي الجامعية في كلية الهندسة جامعة بغداد منذ عامين، أي قبل الحرب وانت هل أكملت تعليمك في بغداد؟.

– نعم، لقد تخرجت من كلية القانون وكنتُ اعمل كمحامٍ.

– هذا تخصص جميل، وما الذي دفعك لمغادرة العراق؟: هل هي ظروف الحرب ام شيء آخر؟.

      شعرت بأنها قد دخلت الى ارض محرمة بسؤالها هذا ولمست وتراً حساساً في داخله، كمّن اصابته في مقتل مما جعلها تتدارك الامر بسرعة قائلة:

– ارجو المعذرة، يبدو بأنني قد سمحت لنفسي بالتدخل في شؤؤنك الخاصة لست مضطراً للاجابة واكرر اعتذاري.

– لا عليك فقط انا لا اود الخوض في هذا الامر.

– أكيد هذا من حقك.

الى هنا انتهى الحوار بينهما وعادا ادراجهما صامتين كل منهم يختبىء داخل شرنقته ويغوص في افكاره وفي حزنه المتجذر في داخله. اثناء ذلك ابتاعت جيهان بعض الكتب لكي تستعين بها على قضاء الوقت في الايام القادمة علها تخفف من وحدتها. وبعد ان وصلا الى مسكنها اعتذر منها طلال قائلاً:

– يؤسفني بأنني لن استطيع مساعدتكِ في الايام القادمة إذ سيكون لديَّ عمل وسأكون مشغولاً قليلاً. هل بوسعك الاعتماد على نفسك لحين انتهاء عملي؟.

– لا بأس سأحاول، شكراً لك على كل شيء لقد اتعبتك معي.

– لا ابداً هذا واجبي استودعك الله.

– رافقتك السلامة”.

                    وعن نفس الدار والمطبعة وبطبعتها الاولى في العام 2023 صدر كتاب بعنوان ( مسردة الاحلال الميثولوجية- زقورة الشعر اختياراً) للـــ د. عصام صباح ابراهيم، ورد في جزء بالرقم 13- نشيد الانشاد السومري ( اللاتمامية) ما يأتي:

– ” حينها، وحيث جئت للأرض تباعدتُ عن الوعظ

وبالأه شعرتُ أنه الوجد شعاع حط

في عيني من شعب الأسيني أرض قمران فصحتُ

آه یا شهدي إليَّ ركضت بعدي، عشاءٌ

معنا عندي، فنمنا بتمدد.. بتجرد، ثمّ

انساقت المرأة على جسمي فأدركتُ حنيناً لم يكن

يُبدي حناناً لم يكن يندي، فقلتُ يا هَنا

أينَ المنى أينَ المَهاةَ والسَنا أين الطيور والغنا.. أين

أنا أين أنا.. بين الخمور.. بين

المياه المترعة.. بين الأسرة الجامعة، والتماهي الحسي

يا امرأة يا كرمة فلم أرى سوى الجمال

في الورى يا بانة سريةً ماذا جرى، فانتصب بقوة

ولم يكن بخاطري، ها قد هوى.. مُكهرباً ها قد هَوى

مُبدداً مياهه كقاطرة في الخاصرة، لكوننا لم

نتفق على التعاقب الصعب بنجوى حلوى كبلوى

وحين جاءنا البعدُ تراكضنا إلى الرقص، بقهوة

وتطارحنا بعنوة مع الريم الحزينِ جَاسنا جرسُ

الصليل والصهيل والعويل فقلت في الجماعة ولم

أبدي الوداع هيّا سيروا ومروا، بسيفنا

الشهير فقالوا وقالوا وما لهم مثال.. وما

لهم حلال إذا جَدَّ النزال على الساحة.. على الساحة

أنينٌ وتفاحة.. طنينٌ ونَحلٌ ومرتاحة، على الساحة

نائمة خاملة وفواحة على الساحة، والجدار يميل

لكونه ثقيل، يميل يميلُ، يُغايرُ الجدائل

وحتى جاءنا الصدع.. نواحاً صراخاً، وجدته عرفته

ولم أقل ألبة .. ألبسته حريراً، مُطرزاً جواهر

مخضوضباً بالأخضر .. مُجايلاً

حبيبا، مضرجا بالعندم

لميسة

ممشاهُ.. كحيلة عيناه، كزُلفى انثوية

أنسانيٌ التقية.. ولماهه

شهية.. قوية.. طرية

صامتة محكية، مختومةٌ شِعرية، وحيثُ جاءني

الصدُّ تباعدتُ عن المسعى عن المغنى الكثير الوفير

وبعد جاءت الصرخة من الماء الزلالِ، من

اللحمِ الخيالي الأبيض الوردي، وهذا منالٌ

وانبعاث المنهل الصافي خلالي، فالقطةً شقية

والقصة واقعية، والمرقصُ يَعجُ، كأنه شُطرنج

والبعد يهد، فما له من حدِّ، يجدُّ في

الخيالِ مصوراً.. مُلتقطاً حَسناءُ مُستديمة، مُدورة

سمينة اردافها مبينة مشيتها حزينة.. فاقدة

حبيبا مداوية مجروحا حاكية حكاية، جميلة

الرواية ترنم قديم بابلياً.. آكدي.. سومرياً

أبدي انوناكي.. انوناكي كشباك حضاري، هدّههُ

البين مطلسماً حرارة وما لها قرارة

وحيـث ديست الأرض هوت كالجمر نيرانا

أرقاماً عديدة، وأحجاماً قليلة، لها نسعى لها

نسعـى شبعاد الأميرة صورة البنت الرغيدة

ثُمَّ حَلّت الرغبة الينا ولم يَكُ لدينا، مكانُ

عونتُ بالزحام هدمته كَسرته، بمطرقة رُخامٍ

فصحـت بالمكان ولم يَكُ أمامي، قبالتي، وجانبي

وفوقي وتحتي، وحينَ جئتُ بيروت تطايرتُ إلى الحوت

إلى الساحل واليخت والتوت فهيا يا صبية، لنلعب

لنمضي للأناقة الساحلية والحزن عميق والبحر

رفيق والأترجُ يلهو يتدفق.. يتلون.. والاهُ

أنا انطق شعراً أغني أتألم اتندم”.

قد يعجبك ايضا