ماذا لو لم تكن وسائل التواصل الاجتماعي مجانية

 

كرم نعمة

مع أن هذا السؤال مستهل لحزمة أخرى من الأسئلة، فبمجرد أطلاقه لا يكتفي بكونه كاملا، ومع أنها في حقيقة الأمر ليست مجانية تماما، لأننا ندفع ما يقابل استخدامنا لهذه المنصات، كما أن الشركات التكنولوجية تجعل من المستخدمين أداة تبدو مجانية، لكنها تجلب عن طريقهم أموالا هائلة

فكان واحد من أكثر الأسئلة سذاجة للمحققين من أعضاء الكونغرس الأميركي مع الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك مارك زوكربيرغ بعد فضيحة التسريبات الشهيرة، يسأله عن مصدر الأموال التي يجنيها فيسبوك بينما يقدم خدماته للمستخدمين مجانا. رد عليه زوكربيرغ “سيدي، الإعلانات مصدر أموالنا”

مهما يكن من أمر، فإن سؤال مجانية مواقع التواصل الاجتماعي، ماذا لو كانت غير ذلك، تلتحق به مجموعة أخرى من الأسئلة على شاكلة: هل سيصبح المجتمع أكثر انعزالا؟ من السهولة بمكان المطالبة بشيء مختلف، كما من الضروري تخيل كيف يمكن أو ينبغي أن يكون الإنترنت مختلفا. إننا لا نقبل التخلي عن حياتنا بخلاف وجود الإنترنت

هنا تحضر وسائل التواصل الاجتماعي بوصفها المعبر الأهم بالنسبة للمجتمعات عن عصر الإنترنت. صحيح أن ما تقدمه الشبكة للبشرية أكبر بكثير من وسائل التواصل وحدها. لكن مواقع التواصل بدت بفائدة ملتبسة، فبينما هي الأكثر ضررا على المجتمعات في إشاعة الفرقة الإثنية والأخبار الملفقة، بيد أنها مثلت أفضل وسيلة لربط الناس مع بعضهم البعض، إلى درجة وصف فيها الأشخاص الذين رفضوا فتح حسابات لهم على مواقع التواصل بأنهم “أموات أو منعزلون”

ذلك ما جعل صورة الأدمغة المصابة بالزيف تحت وطأة أخبار الشائعات هي الأقوى، بعد أن بتنا نتعامل مع شائعات عبر الإنترنت تنتشر كالوباء

فما اللوم الذي يجب على الشركات التكنولوجية تحمله لأنها لا تحاول منع وصول تلك الألعاب النارية إلى الأيدي الخاطئة

الحقيقة التي باتت تترسخ يوما بعد آخر، أن إدارة تلك الشركات مستفيدة من كل الذي يحصل وهو بالنسبة إليها معركة للسيطرة، ولا يتوقع أن تقوم بأي تراجع عن استمرار تأثير مواقع التواصل على المجتمعات والدول، حتى لو مرت تلك الشركات بتحول جذري في السنوات القادمة. فتلك الخوارزمية التي تعمل بها تكنولوجيا فيسبوك مثلا بمثابة القلب النابض بالقوة والأرباح، الأمر الذي يستحيل التراجع عنه .

قد يعجبك ايضا