إعدام مدينة في بلادي..

الشاعر/أحمد الحمد المندلاوي

# بمناسبة ذكرى مجزرة حلبجة الدامية..
عندما زرتُ مدينة حلبجة لأول مرّة بعـد المجزرة الأليمة عام 1992م، وجدتها مقوّضـةالاركان متلاشـيةالبنيان،
معدومةَ الوجودِ جراءَ القصف الكيمياوي البغيض في 1988/3/16م، ولم تسعفنِـي الذاكرة غير هذه الكلمات المتواضعة في رثائهـا،ورثاء أبنائها الشهداء البررة.القصيدة مهداة الى ضحايا مجزرة حلبجة الدامية :

مدينةٌ كانَتْ هناكْ ،
تعانقُ السَّحابْ
طاهِـرةَ الثِّيابْ
هائمةً فِي حسنِها،
تُغـازلُ الأفلاكْ
وتكرهُ الضَّبابْ..
و الظلام..
تعانق السلام..
وتنسجُ من حُلمِها الشَّـفّافْ
نسائماً زاهيةً للزَّهرِ ؛
والصَّفصافْ ..
ولصَبايا الحَـيّ ، للشَّبابْ
و تـَهدي للجميعْ ..
معانِـيَ الجمالْ
في باقـةٍ ثَمْـلى من الوقارِ،
والدَّلالْ
منْ قممِ الجبالْ

لكنَّ مَنْ لـم يستطعْ قراءةََ الجَمالْ
داهَمَهمْ عندَ الصَّباحْ
ليقتلَ العبيرَ والقدَّاحْ
هاجَمَهمْ جيشٌ من الذِّئابْ
بالنَّـابِ ؛
والسّمومْ
كالهَمجِ الرُّعاعْ ..
كالذُّبابْ
وأَحْرقُوا الدَّيارَ، والبقاعْ
لأنَّـها تعانقُ النُّجومْ
وتكرهُ الطّغيانْ
صارخةً :

الظلمُ لنْ يدومْ
فقطَّعوا أوصالَـها
ليدفنُوا آمالَـها ..
أطفالَـها
تحتَ بقايا الدُّورِ،
فِي المدينَةْ
فِي الغرفِ الحزينَةْ
الناهضونَ منهُمُ، والنائـمْ
ومَنْ بَدا منهمْ على السلالمْ
أنظرْ الى مهدِ الرّضيعْ ..
وانظرْ الى تلكَ الرضيعَةْ
فِي عينِها غابَتْ أزاهيرُ الطبيعَةْ

قافلةُ الموتى ..
تفيـقْ !!
على هامِ الطَّريقْ
تمشي بأرواحٍ ،
وحاديها الرَّحيقْ
وماتَ حتى الضيفُ ؛
والطارقْ
وكلُّ مَنْ فِي حرمِ الدارِ ..
وصبيَةُ الجارِ ..
مِن نائمٍ ، وناهضْ
وجالسٍ ،و راكضْ
والحالمونَ بين طيّاتِ الأسرّة
وربَّـةُ البَيتِ
والخبّازْ ..
وبائعُ الزَّيتِ

والقانتونَ في بيوتِ الله للعبادَةْ
وسالَتِ الدمـاءُ..
منْ فوقِ الوسادَةْ
يقودُهم وحشٌ مخيفٌ ..
و بغيضْْ
ليزرعُوا صنوفَ موتٍ وحِمامْ
هيا املأوا أمعاءَكم ،
ناراً ضرامْ
من تُحــفِ النِّظامْ
هديةً من قائدٍ همـامْ
من وارثِ النّمرودْ

هلْ هذا يومُ عرسِكُمْ !!..
دماؤكم خِضابْ
ويسقطُ الجميعْ ..
فِي موسمِ الرّبيعْ
لكنْ أتانـا هاتفٌ ..
منْ صَحوَةِ الأثيرْ
منْ مبدِعِ الضميرْ :
الحقُّ لنْ يَضيعْ
يا ثلّـةَ الضّباعِ ،
والذّئابْ
كنّا تراباً، وهَـا عدْنا ترابْ
نعانقُ التّرابْ
لكنَّنا نبقى تراباً للوطنْ
ولنْ نضيعْ ..
ننهضُ فِي مواسمِ الأعيادِ..
والرَّبيعْ
نعانقُ البلادَ… من جديدْ
وأوجهَ الكِرامِ ،وجبهةَ الصِّحابْ
ونلعنُ الجُناةْ
فالشَّعبُ لن يموتَ كالحياةْ

رغمَ الدّواهي والصّعابْ
والعارُ للخَردلِ ؛
والذّئابْ
وقاصفينا السُّمَ ؛ والتِّيزابْ
وكلّ من شاركَ فِي حملِ القذائفْ
تلحقُـهُ لعائنُ التّأريخِ
فِي الصَّحائفْ

قد يعجبك ايضا