مسيرة البحث عن الروح في … نصلُ كركوك – المدينةُ الشفرة جماعة كركوك الادبية

 

د. توفيق رفيق التونچي

 

الجزء الثاني

من هنا أي من بدايات حي عرفة كانت شوارع المدنية تنطلق الى مركز المدينة او الى حي ملا عبد اللة وكنت تشاهد في طريقك ملعب الشركة التي كانت آنذاك احد أماكن التسلية المهمة لأبناء المدينة وجرت على ساحتها العديد من المسابقات الدولية وخرج منها لاعبين اشتهروا لاحقا. اما اذا اتجهت جنوبا فانك ستجد نفسك في شارع طويل يصلك الى المطار العسكري مارا بتعليم تبه ومن ثم الى محطة القطار الذي كان يحيط به دور العمال وأماكن صيانة القاطرات والمقطورات.

كان لهذا القطار أهمية كبيرة للتواصل مع أبناء مدن العراق شمالا وجنوبا وخاصة العاصمة بغداد في حين لم يكن هناك الكثير من السيارت في المدينة وتفتقد سيارات الأجرة تماما أي ما يسمى التكسي تماما في حين كانت هناك عربات تجرها الخيول “العربنجي” وكانت تعتبر تقريبا الواسطة الوحيدة للنقل بالطبع كان الناس يقتنون الدراجات الهوائية التي كانوا يستخدمونها للتنقل بين احياء المدينة او للذهاب الى اماكن عملهم. كانت سيارات النفرات المرسيدس تاخذ بالركاب الى بغداد وتجد العديد من مكاتب السفر ك نقليات آوجي اذا لم تخني ذاكرتي ونقليات الجبوري بالقرب من سوق الهرج. حيث ينتشر الصبية الذين يدعون المسافرين ويأخذون بمساعدتهم في حمل حقائبهم لوضعها فوق تلك الباصات الصغيرة الزرقاء. اما المسافر المقتدر فقد كان يسافر بسيارة الأجرة المارسيدس السوداء.

ان من المهم معايشة تلك البيئة لمعرفة أماكن اللهو البريء للشباب في مدينة تقليدية ترى فيها بالدرجة الاولى الرجال في شوارعها بينما كانت النسوة بصورة عامة تلبسن البرقع “بيجة” الاسود والعباءة السوداء. الاستثناء الوحيد كان في حي عرفة المذكور اعلاه وبعض المناطق في حي الماظ (الماز) والشارع المشهور تكساس و شاطرلو حيث كانت العديد من العوائل من المسيحيين يسكنون تلك الأحياء.

 

“عن تاريخ تأسيس المكتبة العامة في كركوك تقول السيدة شادية بكر مديرة المكتبة بأنها تأسست سنة 1932 في دائرة المعارف انذاك وكانت تديرها لجنة من المعلمين، وكان للسيد جميل رؤوف اليد الطولي في تطوير المكتبة وبعد ذلك في عام 1937 أنشئت البناية الحالية واستخدمت كمكان للمكتبة العامة، وكان أول مدير للمكتبة السيد (محمد الملا احمد) وبعد ذلك تعاقب العديد من المدراء وبمختلف الأطياف والقوميات منهم :عبدالله ازل فقي، مهدي معزز، نعيم زياكو، عباس عبد خلف، ماربين جورج، رشيد ديوني، كمال حسون، يعقوب نديم، كامل جاسم العاني، شيخ رؤوف خانقاه، شيخ تحسين الطالباني، عبد عذاب، زهدي فيضي العلي، حسيبة عزيز عبدالله، هاشم فرحان، برهان خليل والسيدة شادية بكر”

 

 

كانت هناك أحياء فقيرة في منطقة شورجه وظهر الى الوجود أحياء أخرى ك رحيم آوى، قصاب خانه و الإسكان “آزادي” وهي دور بنيت في العهد الثورة بعد عام 1958 في مشروع إسكاني طموح كبير كحلم للشهيد الزعيم عبد الكريم قاسم كانت من احدى نتائجها حي الثورة المليوني في بغداد الذي يفصله عن مدينة بغداد قناة حفر باسم قناة الجيش ربط بالعديد من الجسور حيث ظهر لاحقا احد اهم مناطق التسلية في العاصمة بغداد واعني مدينة الألعاب. ان وجود مناطق التسلية مهمة جدا للحياة الاجتماعية في المدينة وكانت كركوك تتحول الى منطقة احتفالات وأعراس في أيام الأعياد الدينية ولكن في الايام العادية لم يكن هناك أي مكان للتسلية للصغار ولكبار. لكن المدينة لم تك قط مقسمة الى أحياء فقيرة واخرى غنية او للميسورين. هناك فقط بيوت للأغنياء منتشرة هنا وهناك كمن كان متصرفا للواء او كان رئيس بلدية او تاجرا كبيرا وربما إقطاعي كبير. ان محلات ” اورزدي بيك” الشهيرة ( لعل التسمية تاتي من الانكليزية وهي على غرار اسواق شارع اوكسفورد الشهير في وسط لندن او ربما من الفرنسية اي سوق مركزي) افتتحت أبوابها في مكان قريب من نادي الضباط وعلى مقربة من دار المعلمين الابتدائية وكنت اذهب الى هناك حيث احصل على مجلة “العاملون في النفط” تلك الأعوام وقد انتقلت تلك المخازن الى شارع الجمهورية لاحقا ليس بعيدا عن كازينو النصر.

 

فيما نرى ان جميع أحياء التي اذكرها لاحقا تقع في الصوب الصغير وهي كانت قرى مبعثرة وبساتين في اول الامر وبعض الثكنات العسكرية في العهد العثماني. وعند أقطاف قلعة كركوك سينما الخيام وهو دار السينما الوحيدة في الصوب الكبير هدم و اختفى لاحقا. المدينة تفصلها نهر “خاصه صوي، الادهم” وهو جدول نهري جاف تطوف مياهها سنويا مع مجيء الربيع وذوبان الثلوج من على قمم جبال كوردستان. كان هناك جسرين على النهر القديم وكان يسمى بالحجري و يسمى الان بجسر الشهداء والحديث كنى ب جسر الطبقجلي.. ت عن تاريخ تأسيس المكتبة العامة في كركوك تقول السيدة شادية بكر مديرة المكتبة بأنها تأسست سنة 1932 في دائرة المعارف انذاك وكانت تديرها لجنة من المعلمين، وكان للسيد جميل رؤوف اليد الطولي في تطوير المكتبة وبعد ذلك في عام 1937 أنشئت البناية الحالية واستخدمت كمكان للمكتبة العامة، وكان أول مدير للمكتبة السيد (محمد الملا احمد) وبعد ذلك تعاقب العديد من المدراء وبمختلف الأطياف والقوميات منهم :عبدالله ازل فقي، مهدي معزز، نعيم زياكو، عباس عبد خلف، ماربين جورج، رشيد ديوني، كمال حسون، يعقوب نديم، كامل جاسم العاني، شيخ رؤوف خانقاه، شيخ تحسين الطالباني، عبد عذاب، زهدي فيضي العلي، حسيبة عزيز عبدالله، هاشم فرحان، برهان خليل والسيدة شادية بكر.

وأضافت وفي عام 1953 تعرضت المكتبة العامة للفيضان وذلك لقربه من نهر خاصة مما لحق أضرارا في الكتب الموجودة آنذاك، وتعرضت المكتبة ثانية لحادثة حريق أدى الى احتراق عدد كبير من الكتب.

تلك هي المكتبة العامة لعبت دورا مهما في حياة أبناء المدينة في تلك الفترة. كان بعض مدرسي العربية من محبي الأدب يأخذون الطلاب الى تلك المكتبة ليحظروا مواد أدبية وتقارير عن الأدباء والشعراء.

 

كان هناك سوقا عصريا على الطراز الانكليزي يباع الخمر في إحدى محلاتها وبما كان المحل الوحيد لبيع الخمور في المدينة مقابل البريد ونجد محلات للملابس والكماليات ومحلات الصياغة والتي في احدها محلاتها يتجمع هؤلاء الشباب في محل للصياغة يملكها اخ الأديب جليل قيسي ليس بعيدة عن المكتبة العصرية التي كانت تجاور محلات اخوالي كذلك، اسواق النصر التجارية، تلك المكتبة شاركت في اغتناء الحركة الأدبية في المدينة فيما نرى ان هذا السوق يربط بين شارعين مهمين هما شارع اطلس وشارع المجيدية وكان بالإمكان شراء بعض الكتب الدراسية التركية ألاتينية في مكتبة صغيرة في بدايات شارع المجيدية كان صاحبه على ما اعتقد الأديب محمد سعيد سويملي. لا أزال أتذكر بان بعض المخازن كانت على عربات يبيعون عليها كل شئء تقريبا. في نهاية الطرف الآخر من السوق وعلى شارع اطلس كانت هناك مكتبة على الشارع العام وبجانبة كانت محلات باتا للأحذية وخطاط كركوك رفعت الخطاط ومحل ياسين القبقابجي الذي انتقل لاحقا الى شارع الجمهورية بعد ان بدا الفترة الذهبية لهذا الشارع بالخفوت وكنت قد درست لمدة عام 1966 في متوسطة الغربية التي كانت بناية قديمة تستخدم كإسطبل للخيول أتذكر من معلميه ساقي باقي والأستاذ سعادعزت ارسلان معلم التربية الفنية على ما أتذكر.

 

“شارع الأوقاف الذي كان يبدا عند مقهى احمد آغا وتنتهي عند ساحة المحاكم ( هذه الساحة شهدت إعدام كوكبة من الشهداء اتهموا بمجازر ايام الثلاثة العصيبة من تموز 1959 الأليمة وواقع الأمر ان العديد منهم لم يكن له أي علاقة بتك المجازر ولكن انقلابي 1963 الفاشيون ارتأوا إخراجهم من سجونهم وإعادة محاكمتهم صوريا وإعدامهم جماعيا). كان سينما العلمين يقع في هذا الشارع وقد عانى دار السينما التخريب في تلك الايام العصيبة التي مرت على المدينة وابنائها الكرام. وكانت هناك العديد من محلات الأجهزة المنزلية “الساقي، الخطاب، حاجي محمد” والعديد من المحلات الأخرى”

 

 

شارع أطلس الذي يبدا عند الجسر الجديد متفرعا من شارع الاستقلال “غازي سابقا” معروف بسينما اطلس الصيفي والشتوي وسينما اخر صيفي عند حانة غازي لا أتذكر اسمه ربما كان سينما السندباد الصيفي اختفى لاحقا بعد هدم جل بنايات تلك المنطقة وبعض البنايات الأثرية حضرت فية فلما إيرانيا مدبلجا الى اللهجة العراقية ” ابو جاسملر”عن طريق ممثلي فرقة مسرح بغداد الواقع في احد الشوارع الفرعية من شارع السعدون ليس بعيدا من سينما بابل او النصر في العاصمة. وكان في تلك الفترة من عام 1960 قد صدر امر بمنع استيراد الأفلام المصرية مما ادى الى استيراد متزايد للأفلام الإيرانية والهندية وافلام من لبنان. وقد شهد هذا الشارع اندلاع حوادث تموز عام 1959 الأليمة التي راح في ضحيتها خيرة ابناء المدينة وغرس روح العداء بين مكونات نسيج سكانها التعددي الثقافي والعرقي والعقائدي. سينما أطلس الصيفي والشتوي بقت الى سنوات كثيرة ملجأ لأبناء كركوك يهرعون اليها لمشاهدة الافلام حيث كانت مقاعدها الأمامية مصطبات خشبية طويلة وسعر البطاقة 40 فلسا في حين كان مقاعد الطابق العلوي يكلف المشاهد 70 فلسا. هذا الدار قل أهميته بعد ان قرر أصحابه بناء سينما صلاح الدين في نهايات الخمسينيات في شارع الجمهورية وافتتح في الستينيات بفلم تركي مدبلج الى العربية عن الفاروق عمر بين خطاب.

 

أما شارع الأوقاف الذي كان يبدا عند مقهى احمد آغا وتنتهي عند ساحة المحاكم ( هذه الساحة شهدت إعدام كوكبة من الشهداء اتهموا بمجازر ايام الثلاثة العصيبة من تموز 1959 الأليمة وواقع الأمر ان العديد منهم لم يكن له أي علاقة بتك المجازر ولكن انقلابي 1963 الفاشيون ارتأوا إخراجهم من سجونهم وإعادة محاكمتهم صوريا وإعدامهم جماعيا). كان سينما العلمين يقع في هذا الشارع وقد عانى دار السينما التخريب في تلك الايام العصيبة التي مرت على المدينة وابنائها الكرام. وكانت هناك العديد من محلات الأجهزة المنزلية “الساقي، الخطاب، حاجي محمد” والعديد من المحلات الأخرى وكان هناك مخبزا في احدى فروعها لصاحبة احد الارمن القادمين من تركيا اثر المجازر التي حل بهم ابان حرب تحرير تركيا مع نهايات الحرب العالمية الاولى. كان هذا المخبز متخصصا ب “لحم العجين” التي كانت تكلف 25 فلسا.

لم يكن هناك أي مكتبة في هذا الشارع في حين كان هناك شارع موازي لهذا الشارع يقع فيها سينما الحمراء الصيفي والشتوي وفي نهاية هذا الشارع كان محل لبيع الطوابع لا أتذكر مع الأسف اسم صاحبه وكان يكنى ب ابو سامي ولعله كان ممرضا في مستشفى الجمهوري الواقع في الطريق المؤدي الى ساحة الزعيم والمتجه الى بغداد. لا زلت احتفظ ببعض من طوابع العهد الملكي والعهد الجمهوري الى 1968 اقتنيتها في هذا المحل لحد يومنا هذا.

كان هناك محلا لبيع الكتب القديمة قرب سوق الهرج في بدايات شارع اطلس. اما شارع الجمهورية آنذاك فكان هناك مكتبة يملكها والد صديقي الرسام يلماز الهرمزلي الذي احتفظ له صورة شخصية لي “بورتريت”خطها بقلمه ولكن لم تكن هذه المكتبة تحوي على الكثير من الكتب وخاوية على الاكثر الا من بعض المجلات والقرطاسية. اما مكتبة الغد الجديد فكان يديرها السيد عبد الجبار الزهيري. افتتح مكتبة اخرى باسم الطليعة “اسو” بعد سنوات واضن كان بعد اعلان بيان الحادي عشر من اذار عام 1970 وكانت تقع مقابل تلك المكتبة القديمة كانت تعج بالمثقفين طالبي الأدب ومن قرائها وتزخر بأمهات الكتب في سبعينيات كمثيلتها التي كانت في بداية شارع السعدون في بغداد “مكتبة الطليعة”.اما شارع المجيدية القصير فكان يبدا بالمتصرفية وفيها العديد من المحلات ك اسواق النصر التجارية لاخوين عبد القادر وعبد الصمد جبار زند ومحل كان الوكيل العام لسكاير الجمهورية في الستينيات وتعرضت خمس مرات للفرهود ابان حوادث عام  1959 ومطعم الخيام و ومقاعي وفي نهايتها تتفرع السوق العصري وينتهي الشارع بمقهى المجيدية الشهير ومن خلفها الحديقة العامة التي كانت تعلو بوابتها يافطة من الرخام كتب عليعا بالعثمانية القديمة ( مجيديه باغجاسي).

قد يعجبك ايضا