التآخي ـ وكالات
اختير آصف علي زرداري، زوج رئيسة الوزراء الراحلة بنازير بوتو، رئيسا لباكستان، وذلك للمرة الثانية بعدما تولى هذا المنصب الفخري بين العامين 2008 و2013، وفق ما أفادت المفوضية الانتخابية.
وحصل آصف علي زرداري على تأييد 411 صوتا مقابل 181 صوتا نالها مرشح المعارضة، في تصويت الهيئة الناخبة التي تضم أعضاء غرفتي البرلمان والمجالس الإقليمية الأربعة.
وكان انتخابه على رأس باكستان شبه محسوم، كونه يندرج في إطار اتفاق رأى النور إثر الانتخابات التشريعية والإقليمية التي جرت في الثامن من شباط وشابتها اتهامات بالتزوير.
فقد توصل حزب الشعب الباكستاني الذي يتزعمه زرداري مع نجله بيلاول بوتو- زرداري، إلى اتفاق مع خصمه التاريخي، الرابطة الإسلامية في باكستان (كناح نواز شريف) بزعامة شهباز شريف. وبموجبه، انتخب شريف في الثالث من آذار رئيسا للوزراء فيما وعد آصف علي زرداري (68 عاما) بتولي الرئاسة الأولى.
وفاز المرشحون المستقلون الذين يدعمهم حزب “حركة الإنصاف الباكستانية”، الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق عمران خان المسجون منذ آب 2023، في الانتخابات، برغم القمع الذي مارسته السلطات بحقهم. ودانت حركة إنصاف الباكستانية ما وصفته بالتزوير الواسع النطاق بمبادرة من الجيش النافذ وأعلنت تحقيق فوز أكبر. لكن رفض الحزب لأي تحالف ترك المجال مفتوحا أمام خصومه الرئيسيين الذين وصفهم بـ “لصوص الولاية”.
وكان آصف علي زرداري زوج رئيسة الوزراء السابقة بنازير بوتو، أول امرأة في العصر الحديث تحكم دولة إسلامية قبل أن يجري اغتيالها عام 2007. وبعد مقتلها، عاد من المنفى ليتولى رئاسة حزب الشعب الباكستاني الذي فاز بالانتخابات التشريعية التالية وانتخبه البرلمان رئيسا في أيلول 2008.
وفي عام 2010، اعتمد تعديلا دستوريا ينقل جزءا من صلاحيات الرئيس إلى مجلس النواب، ما يعني تعزيزا لصلاحيات رئيس الوزراء. وأعاد هذا النص العمل بالنظام البرلماني الكلاسيكي الذي أسسه دستور العام 1973، وكان مطبقا قبل الانقلابين العسكريين اللذين قادهما ضياء الحق في 1977 وبرويز مشرف في 1999.
واصل آصف علي زرداري الاستراتيجي الماهر، قيادة اللعبة السياسية في الكواليس وتمكن من إنهاء ولايته. لكن فوز حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية – جناح نواز في الانتخابات التشريعية عام 2013، أرغمه على الخروج.
وخلال فترة ولايته، تعرض لانتقادات بسبب عدم اتخاذه خطوات لمواجهة خطر الإفلاس الاقتصادي للبلاد وتعرض لاتهامات عديدة بالفساد تعود إلى الفترة التي كان فيها وزيرا في حكومة بنازير بوتو في التسعينات. وبالنسبة للعديد من الباكستانيين، وخصوصا الشباب الذين يفضل معظمهم عمران خان، فإن آصف علي زرداري المعروف بلقب “السيد 10%” يجسد أفضل من أي شخص آخر فساد الطبقات الحاكمة.
ويخلف زرداري عارف علوي المقرب من عمران خان الذي تم انتخابه عام 2018، بعد فوز حزب حركة إنصاف الباكستانية في الانتخابات التشريعية. سعى علوي حتى النهاية للدفاع عن مصالح الحركة بعد إقالة عمران خان من منصب رئيس الوزراء بموجب مذكرة لحجب الثقة في نيسان 2022. ووصل به الأمر إلى محاولة تأخير بدء الهيئة التشريعية الحالية.
وحتى لو كان منصبه فخريا في المقام الأول، على آصف علي زرداري أن يمارس نفوذا قويا، في الوقت الذي تواجه فيه باكستان، الدولة التي يبلغ عدد سكانها 240 مليون نسمة والمزودة بالسلاح النووي، عددا كبيرا من الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية.
ويعد حزبه الذي وافق على دعم حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية – جناح نواز، مع رفضه أي منصب وزاري، شريكا أساسيا في أي ائتلاف، وبالتالي فهو يمسك بمستقبل حكومة شهباز شريف.
وآصف علي زرداري مواليد عام 1955 في مدينة “نوابشاه” في مقاطعة “السند” جنوبي البلاد، ونشأ في أسرة غنية اذ كان والده حكيم علي زرداري أحد رجال الاقتصاد والسياسة المعروفين في باكستان.
وارتبطت شهرة زرداري بزواجه من بنازير بوتو ابنة رئيس الوزراء الباكستاني السابق ذو الفقار علي بوتو في 18 كانون الأول 1987.
تلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة كراتشي لتعلم قواعد اللغة، وأكمل دراسته الثانوية في كلية عسكرية في بيشارو، وفي عام 1976 حصل على شهادة في الاقتصاد والأعمال من كلية “بدنتون” في لندن.
وبدأ بروزه في ميادين الاقتصاد والأعمال والسياسة مع زواجه عام 1987 من بنازير بوتو التي أصبحت رئيسة للوزراء في العام التالي، لكن حكومتها سقطت بعد عامين فقط -أي عام 1990- بسبب تهم بالفساد وعدم الكفاءة.
شغل آصف زرداري منصب وزير البيئة وكان نائبا في البرلمان، كما كان عضوا في مجلس الشيوخ في باكستان حتى عام 1999.
اعتقل عام 1990 بتهمة الابتزاز والتهديد وأطلق سراحه عام 1993، لكنه اعتقل مرة أخرى عام 1997 إلى عام 2004 بتهم القتل والفساد المالي وقبض الرشى، وأطلق عام 2004 بكفالة بعدما قالت المحكمة إن التهم المنسوبة إليه لم تكن صحيحة.
وقضى زرداري ما يقارب الثماني سنوات من الاعتقالات المتتالية، وهو يقول إن التهم الموجهة إليه دائما كانت لها دوافع سياسية، برغم أنه متابع قضائيا أيضا في سويسرا منذ عام 2006 بتهمة تبييض الأموال، وقد اتهم سابقا بإيداع أموال في حسابات سرية بمصارف أوروبية متعددة.
وبعد مرحلة المنفى مع زوجته رئيسة الوزراء، كان زرداري يتنقل بين دبي في الإمارات العربية المتحدة ومنهاتن في الولايات المتحدة الأميركية.
وقد ارتبط اسم آصف زرداري ببوتو، وبعد مقتلها عاد اسمه إلى الواجهة السياسية من جديد رفقة ابنه، ليتوليا زعامة حزب الشعب.
انتخب زرداري رئيسا لباكستان يوم 6 أيلول 2008 خلفا للرئيس برويز مشرف الذي أجبر على الاستقالة، وتعهد عقب انتخابه بمحاربة “الإرهاب” ومقاتلي حركة طالبان في منطقة القبائل.
وقع على الاتفاق مع حركة تطبيق الشريعة المحمدية في وادي سوات بعد تصويت البرلمان عليه منتصف نيسان 2009، لكنه ما لبث أن أمر الجيش بالقضاء على مسلحي طالبان وشنّ هجوما واسعا على الحركة، بعد زيارته للولايات المتحدة في وقت لاحق من الشهر نفسه ولقائه الرئيس الاسبق باراك أوباما.
خلفه ممنون حسين الذي جرى انتخابه لمنصب الرئاسة يوم 30 تموز 2013، وأدى اليمين الدستورية رئيسا جديدا لباكستان يوم 9 أيلول 2013 أمام رئيس المحكمة العليا افتخار أحمد شودري، في أول انتقال للسلطة بين حكومتين مدنيتين في تاريخ البلاد.
وكانت مفوضية الانتخابات العامة الباكستانية في إسلام آباد قد اعلنت ان نتائج الانتخابات التي جرت في شباط 2024 أظهرت فوز المستقلين بـ 101 من أصل 264 مقعدا، وأغلبهم مدعومون من حزب “حركة إنصاف” (الممنوع من خوض الانتخابات) بقيادة رئيس الوزراء السابق عمران خان القابع في السجن.
وجاء في المركز الثاني حزب الرابطة الإسلامية-جناح نواز” (رئيس الوزراء السابق نواز شريف) الذي حصد 75 مقعدا ليصبح الحزب الذي حصل على أكبر عدد من مقاعد البرلمان بعد أن ترشح أنصار عمران خان مستقلين.
وحل حزب الشعب في المرتبة الثالثة بفوزه بـ 54 مقعدا، وحصلت الحركة القومية المتحدة على 17 مقعدا، في حين فازت بقية القوى السياسية الأخرى بـ 17 مقعدا.
وبرغم فوزه بالموقع الاول ندّد أنصار رئيس وزراء باكستان السابق عمران خان بـ «محاولات سرقة الانتخابات»، واتهموا السلطات المعنية بتزوير النتائج، بعد تصدّر المستقلين الموالين لحزبه «حركة إنصاف» النتائج النهائية للاقتراع، وشارك الوف في تظاهرات دعا إليها خان من داخل سجنه في شتى مدن البلاد، شهد بعضها مواجهات بين المحتجين وقوات الأمن، ما أثار مخاوف من تجدد الاشتباكات العنيفة.