متابعة ـ التآخي
إنها من عجائب الصحراء، الكثبان النجمية والتكوينات الرملية ذات الشكل الهرمي الغامض التي يصل ارتفاعها إلى نحو 300 متر، ولها أذرع تمتد من قمة مركزية لتعطيها مظهرا شبيها بالنجوم، المظهر عند النظر إليه من الأعلى.
وكشف العلماء يوم الاثنين 4 آذار 2024 عن أول دراسة متعمقة لكثبان نجمية، واعلنوا عن البنية الداخلية لهذه السمات الجيولوجية وأظهروا المدة التي استغرقها تكوين أحدها، بسرعة أكبر من المتوقع، لكنها لا تزال عملية تتكشف على مدى قرون عديدة.
وركزت الدراسة على الكثبان الرملية النجمية في شرق المغرب التي تسمى لالا لاليا، التي تعني “أعلى نقطة مقدسة” باللغة البربرية المحلية، وتقع في داخل الصحراء الكبرى في بحر رملي صغير يسمى عرق الشبي على بعد نحو5 كم من مدينة مرزوكة قرب الحدود مع الجزائر.
وترتفع لالا لاليا نحو100 متر فوق الكثبان الرملية المحيطة ويبلغ عرضها نحو نحو700 متر، وتحتوي على نحو 1/2ـ 5 مليون طن متري من الرمال.
واستعمل الباحثون رادارًا مخترقًا للأرض للنظر داخل الكثبان الرملية واستعملوا التأريخ التلألؤي لتحديد المدة التي استغرقها تشكل لالا لاليا، وهي طريقة تعتمد على كمية الطاقة المحبوسة في داخل حبيبات الرمل؛ و الجواب كان: منذ نحو 900 عام، يتراكم ما يقرب من 6400 طن متري سنويًا، اذ تهب الرياح الرمال بلا هوادة عبر الصحراء.
وتشكل الكثبان النجمية ما يقل قليلاً عن 10% من الكثبان الرملية المتواجدة في صحاري الأرض وهي أطولها، وتتفوق على الأنواع الأخرى مثل الكثبان البرشانية ذات الشكل الهلالي والكثبان الخطية المستقيمة والطويلة، كما جرى رصدها أيضًا على المريخ وعلى قمر زحل الكبير تيتان.
ويقول الجغرافي جيف دولر من جامعة أبيريستويث في ويلز، المؤلف المشارك للدراسة المنشورة في مجلة التقارير العلمية “لقد واجهت الكثبان النجمية لأول مرة في ناميبيا منذ 20 عامًا، وأذهلت على الفور من حجمها، لدي ذاكرة حية عن التسلق الطويل إلى القمة، ونضالي على الرمال الفضفاضة للغاية في حرارة النهار”.
ويضيف دولر “أجد الكثبان الصحراوية جميلة جدًا”، “إن رؤية المنحنيات المتعرجة، والطريقة التي يتغير بها الضوء والظل مع الشمس، يعني أنها تظهر مختلفة دائمًا، سواء كان ذلك في برودة الصباح أو شمس الظهيرة أو قرب غروب الشمس، الألوان المختلفة للرمال، كما أن الصحاري المختلفة ملفتة للنظر للغاية، مع الكثبان الرملية الصفراء والبيضاء والحمراء وحتى السوداء في أجزاء متعددة من العالم”.
وكشف الرادار المخترق للأرض عن الطبقات المتواجدة في داخل الكثبان الرملية لالا لاليا، موضحا كيف تم بناؤها مع مرور الوقت من خلال تراكم الرمال وكيف تشبه أجزاء من بنيتها الداخلية أنواعا أخرى من الكثبان.
وقال عالم الرسوبيات بجامعة بيركبيك في لندن “تتشكل الكثبان النجمية في مناطق ذات أنظمة رياح معقدة، مما يعني أن الرياح تهب من اتجاهات متعددة، وتراكم الرمال الصافية، وهي نقاط داخل الصحراء حيث يمكن أن تهب أكوام كبيرة من الرمال لتشكل كثبانًا عملاقة”. وقرر الباحثون أيضًا أن لالا لاليا يتحرك غربًا بسرعة تبلغ نحو 0.5 متر سنويًا.
وفي حين أن عديد الكثبان النجمية معروفة اليوم، فقد جرى العثور على واحدة قديمة، واحدة فقط محفوظة كحجر رملي في السجل الجيولوجي، التي يعود تاريخها إلى نحو 250 مليون سنة مضت، في اسكتلندا؛ وعن طريق الكشف عن بنيتها الداخلية، قال الباحثون إن النتائج التي توصلوا إليها توفر دليلاً للجيولوجيين للتعرف على المزيد من بقايا الحجر الرملي للكثبان النجمية القديمة.
وتتواجد أكبر الكثبان النجمية على وجه الأرض في صحراء بادين جاران غربي الصين، وتتواجد أيضًا في أماكن تشمل بحر الرمال ناميب في ناميبيا، وبحار الرمال الكبيرة في الجزائر مثل العرق الشرقي الكبير والعرق الغربي الكبير، والربع الخالي في المملكة العربية السعودية. وفي أمريكا الشمالية، يحتوي منتزه جريت ساند ديونز الوطني في كولورادو على سلسلة منها.
ويقول تشارلي بريستو المؤلف المشارك للدراسة “إنها تشكل مناظر طبيعية غير عادية ومذهلة”، “من الأرض يمكن أن تكون مخيفة، كالجبال المتحركة من الرمال”.
والكثبان الرملية في الجغرافيا الطبيعية، هي كتل من الرمال تحركها الرياح ثم تلقيها هنا وهناك، وتكثر الكثبان الرملية عادة في المناطق الصحراوية، حيث الرمال التي تجرفها الرياح فتغطي مساحات كبيرة من الأرض. وقد تكون الكُثبان طويلة وضيِّقة، وقد تأخذ شكل الهلال.
وتتواجد لبعض الكثبان ثلاث قمم أو أكثر، تمتد عادة من القمة المركزية للكثيب. ويصل ارتفاع الكثبان الرملية في بعض المناطق إلى 300م. وتنتشر معظم الكثبان في مجموعات مترامية الأطراف، وتُعَرف باسم حقول الكثبان، ويُطْلَق على المناطق الشاسعة من الكثبان المنتشرة في منطقة الصحارَى وفي الصحاري الواسعة اسم بحار الرِّمال. ويزحف كثير من الكثبان عبر الأراضي ويجري هذا بفعل الرياح التي تنقل حبات الرمال من أحد جوانب الكثيب وتضعها على الجانب الآخر. وتتسبب الكثبان المتحركة في إغلاق الطرق وردم المنازل وتدمير الأراضي الزراعية.
والكثبان الرملية إما أن تكون متجانسة أو غير متجانسة ولونها إما أن يكون أصفر فاتح لتواجد معدن الكوارتز وعدم تواجد المواد العضوية أو بنى محمر لتواجد أكاسيد الحديد.