ارهاصات بيئية .. النباتات ودورها في مواجهة التقلبات المناخية

صادق الازرقي

يفتقر العراق الى حدائق ومتنزهات واسعة لتلطيف الجو الحار في أشهر الصيف القاسية، وعدا متنزه الزوراء لم نسمع بمرفق اخضر كبير آخر، وحتى الزوراء فلقد طالها الاهمال منذ عقود.

لقد ثبت ان النباتات تؤثر بشكل كبير في تلطيف حرارة الطقس بعدة آليات، اذ يقوم النبات بعملية التبخر بامتصاص جذوره الماء من التربة فينقل إلى الأوراق، ومن ثم يتبخر جزء من الماء من فتحات الأوراق، وهذه العملية تستعمل الطاقة الحرارية لتبخير الماء، مما يؤدي إلى تبريد الهواء المحيط بالنبات، وقد ثبت في الدراسات ان الحدائق في سنغافورة مثلا خفضت درجات الحرارة في المدن المحيطة بها بمقدار 5 درجات مئوية، وكلنا يعرف الفرق في الطقس الذي يحدثه هذا المقدار من الانخفاض.

وتقوم الأشجار والنباتات الكبيرة بتوفير الظل الطبيعي، مما يقلل من تعرض الأرض والأسطح المجاورة لأشعة الشمس المباشرة ويسهم في تبريد المنطقة المحيطة بها.

كما يقوم النبات بامتصاص ثاني أكسيد الكربون من الجو في عملية التمثيل الضوئي، ويستعمل هنا الكربون في عملية النمو والتطور، ويعد ثاني أكسيد الكربون غاز ضار يسهم في احتباس الحرارة، لذا فإن تقليل مستوياته في الجو يسهم في تبريد البيئة.

وتساعد النباتات على تقليل درجة حرارة التربة عن طريق تغطيتها وتقليل تعرضها لأشعة الشمس المباشرة، مما يسهم في تقليل تسخين الهواء المحيط بالتربة وبالنتيجة تبريده؛ وتساعد النباتات في تخفيف سرعة الرياح القوية، وهو عامل يؤدي إلى تبريد الجو في الصيف وتدفئته في الشتاء.

وتعمل الحدائق على تقليل مستويات الضوضاء في المناطق الحضرية، اذ تعمل الأشجار والنباتات على امتصاص الصوت وتقليل انتشار الضوضاء، مما يخلق بيئة هادئة ومريحة للزوار.

كما توفر الحدائق مساحات خضر مفتوحة ومناخا هادئا وجميلا، ما يساعد على تقليل التوتر والإجهاد وتحسين الصحة النفسية للزوار.

من الضروري الاهتمام بصيانة وتطوير الحدائق العامة لضمان استفادة الجميع من فوائدها البيئية والاجتماعية والصحية.

وتتواجد عديد أنواع الحدائق النباتية التي تختلف في تصميمها وغرض إنشائها والنباتات التي تزرع فيها، ومن بين هذه الأنواع، الحدائق العامة التي تعد المكان الذي يمكن للجمهور زيارته والاستمتاع بالطبيعة والهواء النقي والمناظر الخلابة، وتشتمل هذه الحدائق على عديد المناطق الخضر والمسارات والمناطق الترفيهية.

وتتميز الحدائق النباتية العامة بتوفير مجموعة متنوعة من النباتات النادرة والمثيرة للاهتمام، وغالبا ما تستعمل لأغراض التعليم والتوعية بالبيئة، كما تتميز الحدائق الوردية، بتنوع وجمال الورود والنباتات المزهرة، وتكون مركزا للجمال الطبيعي ومصدرا للاسترخاء والتأمل.

وفضلا عن ذلك تتميز الحدائق الصحراوية بالنباتات التي تتكيف مع الظروف الجافة والصحراوية، وغالبا ما تكون مزينة بالصخور والنباتات الصحراوية الجميلة، كما تتواجد الحدائق التراثية التي تحتوي على مجموعة من النباتات والأشجار التي تعد جزءا من التراث الثقافي للمنطقة، وتستعمل للحفاظ على النباتات النادرة والترويج للثقافة المحلية.

وهناك الحدائق العمودية وتنمو نباتاتها عموديا على الجدران أو الأسطح وتحتوي على مجموعة متنوعة من النباتات، وتستعمل لزيادة المساحات الخضر في المدن الكثيفة السكان.

لذا، علينا إذا أردنا انشاء محيط صحي وسليم للسكان فيتوجب الاهتمام بإنشاء الحدائق ورعايتها وادامتها، لتحسين البيئة والمناخ.

 

 

 

 

قد يعجبك ايضا