كرم نعمة
نتناسى أنفسنا كصحافيين عندما ندوّر على الحلول المقترحة لإنقاذ نموذج أعمال الصحافة من كساد السوق المريضة، بينما لم نتحرك بما يكفي لإعادة صناعة مهنة تحتضر في سوق رقمية هائلة وفي حالة تغيّر مستمر . يبدو لي أن الصحافيين عليهم الشروع بأنفسهم في صناعة أفكار إنقاذ النموذج الاقتصادي المتراجع لمهنتهم التي تمّ كسرها بقوة المال والسياسة .
يميل الصحافيون إلى اعتبار أنفسهم مواهب فردية، مدفوعين بغرائزهم الجريئة، يجدون ويكشفون قصص الآخرين. بدلاً من ذلك يجب أن يفكروا في عملهم كعنصر واحد ضمن نظام شامل، لأننا كصحافيين لم نعد وحدنا في بناء غرف الأخبار وإعادة تسويقها ، ذا كان الصحافيون لا يستطيعون الاتفاق على فكرة عامة عن طبيعة المصلحة العامة والخدمة التي يطالبون الحكومات بتوفيرها للناس
فإن ذلك يعقد الدفاع عما نقوم به في عصر الإعلام الحر الأفقي، الشروع بأنفسنا وإعادة صناعة مهنة تحتضر تبدأ منا قبل أن تكون مسؤولية الشركات الداعمة والحكومات والمعلنين. لأن هؤلاء جميعا لا يترددون في شراء المحتوى المتميز، وسط موجة هائلة من الأفكار المكررة المتشابهة التي تعرضها وسائل الإعلام في تنافس غير عادل مع شركات تكنولوجية كبرى. فمن كان بمقدوره صناعة ذلك المحتوى المتميز يكون قادرا على الاستمرار وسط تراجع مخيف .
سبق وأن تساءل ألان روسبريدجر رئيس تحرير صحيفة الغارديان السابق “إذا كان الصحافيون لا يستطيعون الاتفاق على فكرة عامة عن طبيعة المصلحة العامة والخدمة التي يطالبون الحكومات بتوفيرها للناس، فإن ذلك يعقد الدفاع عما نقوم به في عصر الإعلام الحر الأفقي، من المهم بالنسبة لنا كصحافيين أن نكون قادرين على تحديد وإعلان قيمنا وأهدافنا واستقلالنا .”
فعندما يدير الصحافي ظهره للأفكار المبتكرة، والاكتفاء بفكرة ليس ثمة ما يمكن أن نتعلمه والخضوع لسيطرة الشركات التكنولوجية الكبرى، فإنه سيجعل من هذا الفضاء الإعلامي الحر، مقبرة لنفسه، مثلما يسهم في إبقاء مهنته راقدة في السوق المريضة .