قضيتا فلسطين وكوردستان.. و رؤية مسرور بارزاني بقمة دبي

شيركو حبيب

تمثل كلمة رئيس مجلس وزراء إقليم كوردستان السيد مسرور بارزاني، خلال الاجتماع الرئيسي بقمة حكومات وقادة العالم التي عقدت في دبي، تأكيدا جديدا على قدرة إقليم كوردستان على الفعل ومواجهة التحديات وفرض رؤيته الموضوعية على أرض الواقع، عبر سياسات حكيمة وتطبيقات واضحة لها، في ظل حكم رشيد.

مشاركة مسرور بارزاني في الحدث الدولي أكدت بما لا يدع مجالا للشك أن إقليم كوردستان يستطيع التأثير وصناعة الفارق عند الحديث عن مستقبل الوطن والمنطقة، وتعزيز حقوق الإنسان والمواطنة عبر دعم كافة استحقاقات شعبه، والمشاركة في حماية أمن العراق ومحيطه، وتأصيل مباديء التوافق والتوازن، وهي ثوابت بارزانية تمثل أسس قيادة وحكم، وتتطور بما يخدم مصلحة الكورد، والعراقيين كافة.

في الأعوام السابقة؛ كانت مشاركة مسرور بارزاني في قمم متعاقبة، تأكيدا وترسيخا لمكانة وأهمية كوردستان، خاصة مشاركته بقمة دافوس السويسرية، وكلها مثل فرصا حقيقية لتقديم صورة كاملة للعالم حول تجربة كوردستان الديمقراطية خلال العقود الماضية، ناهيك عن تعزيز فرص الاستثمار وتعريف الراغبين فيه بواحة الاستقرار والتآخي
والتقدم،أمام القادة وصانعي القرار في العالم، وخلال لقاءاته على هامش المؤتمر مع الساسة الدوليين، بقمة دبي، أشار دولة رئيس وزراء الإقليم إلى قضيتين مهمتين في الشرق الأوسط، إذا جرى حلهما سلميا يستقر الشرق الأوسط، هما القضيتين الفلسطينية و الكوردية، فالأولى تمادى الاحتلال الصهيوني خلال ثمانية عقود في اغتصاب أراضي الشعب الفلسطيني ومارس القتل والتدمير ضده، دون حل حقيقي من قبل الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، وهي قضية مدعومة دوما من قبل الشعب الكوردي الباحث عن تقرير المصير و إقامة الدولة كحق مشروع طبيعي وقانوني لشعب له أرضه وكيانه ولغته وهويته وثقافته، حسب تأكيد بارزاني.

حينما استمع القادة العرب لكلمة السيد بارزاني وبينهم قوميون، تفهموا حقيقة وأسس بناء الدول القومية وهي ذاتها التي قامت عليها فكرة القومية العربية التي دعا إليها الزعيم العربي الراحل جمال عبد الناصر، وهم وقادة العالم كله يعلمون تمام اليقين أن الشعب الكوردي لم يغتصب أراضي أحد ويعيش على أراضيه منذ الأزل، كما شرد وارتكبت بحقه أبشع أنواع الجرائم، ورغم ذلك هناك من يخاف قيام دولة كوردية في المنطقة، رغم أنها ستكون عامل استقرار و دعما للأشقاء العرب.

قيام دولة كوردية لا يعني كيانا صهيونيا ثانيا كما يصورها المتطرفون المروجون لأسباب تفشي العنف والإرهاب المسلح، بل هو حق تاريخي لشعب مضطهد لا يعادي دولة العراق أو غيرها، فالخلافات تظل مع الأنظمة التي حكمت البلد بالحديد و النار، بينما الكورد فخورون بعراقيتهم وانتمائهم لدولة ذات حضارة وتاريخ، ضحوا من أجل أمنها واستقرارها ووحدتها ودستورها الاتحادي.

رئيس مجلس وزراء أقليم كوردستان أشار في كلمته بقمة دبي إلى أن “العديد من القضايا الجيوسياسية في المنطقة وُضعت في سلة المشاكل العصية لفترة طويلة، وامتلاك الشجاعة للإقرار بوجود مشكلة يمثل الخطوة الأولى نحو حلها، مشددا على أن أزمة فلسطين مقلقة للغاية لأسباب جمة، منها خسائرها الإنسانية الباهظة على المدنيين، وقدرتها على تأجيج الفوضى خارج غزة، وعدم معالجة الأسباب الجذرية للظلم”. ورغم إشارة بارزاني إلى أصدقاء الشعب الكوردي الذين وقفوا معه في المحن، لكن أحدا لم يتجرأ من هؤلاء ليعلن دعم الشعب الكوردي لإقامة دولته المستقلة على أراضيه لأسباب تتعلق بمصالحه، بهذا المنطق المتغابي تم تقسيم كوردستان إلى أجزاء موزعة بين دول شتى، وكم من مصالح جمعت غير الكورد بدول سيطرت على القرار داخل الوطن.

بعد رؤية دولة رئيس الوزراء التي أعلنها في قمة دبي، أظن أنه آن الأوان كي يراجع العالم والساسة وصناع القرار، تصوراتهم ومواقفهم تجاه الحق في إقامة الدولة الفلسطينية، والدولة الكوردية أيضا، وأن يدركوا شروط وأسباب إحلال السلام في الشرق الأوسط، وهو دون حل هاتين القضيتين بلا حضور، كما أن التصورات الدولية والإقليمية والوطنية لخطط التنمية والاستثمار بالشرق الأوسط، تظل دون تفعيل مادامت آمال الشعبين في تقرير مصيرهما معلقة بأيادي قوى لا تعترف بحقيهما، لكن الزمان كفيل بإدراك العالم كله حقيقة أن النضال وحده يقود إلى الحقوق، وينتزعها أيضا في اللحظة التاريخية المناسبة.

قد يعجبك ايضا