لطيف دلو
أي مواطن كان حتى في الحلم لم يتخيل الخلاص من كابوس الدكتاتورية التي دمرت البلاد والعباد بالحروب والاقتتال الداخلي والمجاعة التى اوصلت معظم الشعب الى الفقر المقفر وشاء القدر ان يزال ذلك الكابوس ويسقط النظام ويتخلص الشعب من قبضة الدكتاتورية ويتنفس بحريته ، وتجمع الشعب حول معارضي ذلك النظام واختاروهم لقيادة البلاد للعبور الى شاطيء الامان والاستقرار والرخاء والعيش الرغید في انتخابات حرة وكان الخطأ الاكبر والاحباط في تقييم الشخص المناسب في المكان المناسب لان هؤلاء لم يكونوا من بناة الدولة وكانوا معارضين للنظام لاجل كراسي الحكم والوصول الى السلطة والثراء بنهش الثروة الوطنية دون وضع لبنة في بناء الدولة وحكومة رشيدة بل افشوا الفقر المقفر والبطالة والخلافات الطائفية والقومية والدينية مع ادخال المحسوبية والمنسوبية وفي مقدمتها الفساد المالي والاداري الى مفاصل الحكومة وبغرس مخالب الفساد في جسد البلاد اوصلوا الشعب إلى ابغض ما كانوا يخشونها تجرُع السم بالترحم اجبارا وليس عطفا على الانظمة السابقة وإن حدث فإنه ليس من المواطنين بل بكل صدق وأمان من مرارة أنحراف الحكام لعهودهم في الاصلاح وتعويض الشعب عما فاته من رغد الحياة في ارض منىً الله عليها برحمته كافة متطلبات دولة صناعية وزراعية وسياحية اكثر من الدول الكبرى ولكن عبث الحكام بثرواتها ومقدراتها واسالة دماء شعبها على ارضها اكثر من النفط المستخرج منها والذي اصبح سلاحا وثروة بيد الحكام للثراء الفاحش وتركوا للشعب القمامة تملأ ارصفة شوارع المدن اينما تتجول والفقراء يبحثون فيها عن استحقاقهم الضائع من الثروة الوطنية لقوت يومهم .
جمهوريات الاتحاد السوفياتي كانت شعوبها تحت حكم دكتاتوريين تعاملهم مع الشعب بالنار والحديد وبعد سقوطها تحررت الدول القابعة تحت سيطرتها واستلمت مجاميع فاسدة السلطة في كثير منها على شاكلة العراق ونهبوا وسرقوا ثروات بلدانهم ومنها روسيا مركز الاتحاد السوفياتي السابق ولكن لم تمض إلاٌ مدة قصيرة لو قارناها بخروج العراقيين من قبضة الدكتاتورية فصعد الى السلطة اشخاص غيورين على مصلحة الشعب والدولة واقلبوا طاولة الحكم على رؤس الفاسدين واعادوا الهيبة للدولة واجبروا الفاسدين على اعادة سرقاتهم من ثروات البلاد ومنهم من فر الى الخارح خشية من العقوبات الصارمة
اما في العراق الروابط القبلية والانتماء الاعمى للنسيج الطائفي والحالة المعيشية الصعبة للمواطنين هيأت ظروفا لانتعاش الفاسدين باعادة إنتخابهم للمجلس الوطني بعد فشلهم مرارا في تشريع القوانين ورقابة اداء الحكومة لمهامها وفي عهدتهم وصلت الخروقات والفساد الى الذروة وادخلوا العراق السجل الاسود الدولى بعكس المجالس النيابية في دول كثيرة اسقطت حكومات واقالت وزراء وموظفين كبار وادخلت رؤساء السجن حتى الموت عن الاهمال والفساد ونظمت حياة الشعوب ( ما لها وما عليها ) وامنت قوتهم ومستلزماتهم اليومية واقرار المساوات في توزيع الثروة الوطنية بين الاعلى والادنى في الحكومة والدولة ، وعن مجلس النواب لدينا نقلا عن لسان اعضاءها على التلفاز والاجهزة الاعلامية بكل اعضاءها من شرائح المجتمع الدينية والسياسية والعلمية والمستقلة ، همهم الوصول الى الكعكة الدسمة في الصفقات بتمرير قوانين لصالح فئة ما واقرار قوانين بما تشتهي انفسهم من الرواتب والمخصصات والإمتيازات الخاصة بهم تزيد اضعاف مضاعفة لاقرانهم في الخدمة والمؤهلات ومنها رواتب الحماية اكثر من أضعاف الموجودين لديهم ومنهم حماياتهم من الاجهزة الامنية او الجيش فكيف يحرصون على رقابة اداء السلطات التنفيذية المشتركين معهم في طبخة الكعكة في حين ان اول برلمان اسس في العصر الملكي قرر لهم القانون الاساس ، المخصصات بدون رواتب بما تعادل راتب مدير مدرسة مع اجور سفر وبعد انتهاء الدورة يعودون الى وظائفهم السابقة وكانت السمعة لديهم اغلى من المال والغيرة تصفدهم عن اطالة اياديهم على المال العام واستقالاتهم واقالاتهم واسقاط المجلس مرارا شاهد على اداءهم و نزاهتهم الى حد ما ويمكن مطالعة مجريات ذلك البرلمان والقانون الاساس في مجلدات تاريخ الوزارات العراقية للمؤرخ عبدالرزاق الحسني .
ان تدني المشاركة في الانتخابات الاخيرة صرخة المواطنين بوجه مجلس النواب ومجالس المحافظات عن تدهور الحالة المعاشية للسواد الاعظم من الشعب والفساد المستشري في البلاد وعدم الجدوى من الانتخابات وهي ليس إلاٌ تفويض اخر للنهب والفساد ، ويمكن تشكيل لجنة من العلماء المختصين لتشريع القوانين ومراقبة السلطة كما سبق في العهود الماضية وادخار ميزانية الانتخابات ورواتب المجالس وحماياتهم ونثرياتها وإيفاداتها، تكفي بانهاء الفقر والبطالة في البلاد واجراء انتخابات رئاسية كل اربع سنوات ويكون الرئيس مسؤلا امام الشعب في تامين السيادة والأمن
والاستقرار والعيش الرغيد ويكون العراق اولا واخيرا شعارا لصناعة الوطن والمواطنة لينعم الجميع بالسعادة والرخاء.