صادق الازرقي
تتغير وجهات السياحة العالمية بشكل كبير نتيجة لتأثير التغير المناخي على البيئة والطقس، اذ ان ارتفاع درجات الحرارة والصيف الطويل، زاد الاهتمام بالوجهات السياحية التي تقدم طقساً معتدلا أو باردا في فصل الصيف الطويل. وتزايدت شعبية المناطق الجبلية والمناطق الشمالية في بعض البلدان.
كما زاد الاهتمام بالوجهات التي تحافظ على التنوع البيئي والحياة البرية؛ وبعض المساحات الطبيعية مثل الغابات المطيرة والشعاب المرجانية أصبحت جاذبة للسياح الذين يرغبون في الاستمتاع بالطبيعة الخلابة.
وقد تتأثر بعض الوجهات السياحية بتغيرات في الطقس، مثل العواصف الاستوائية أو الفيضانات، وهذا قد يؤدي إلى تحول اهتمام السياح إلى وجهات أكثر استقرارا مناخيا.
وتزايد الاهتمام بالمناطق التي تشهد تأثيرات ملموسة لتغير المناخ، مثل المناطق التي تشهد ذوبانا سريعا للأنهار والأنهار الجليدية. يرغب البعض في رؤية هذه التأثيرات على البيئة.
وزاد الاهتمام بالوجهات السياحية التي تقدم فرصا للغوص ومشاهدة الحياة البحرية، كما ازداد الطلب على السياحة المستدامة، اذ يفضل السياح الوجهات التي تتبنى ممارسات صديقة للبيئة وتعتني بالحفاظ على الموارد الطبيعية.
وان اختيار السياح لوجهاتهم بشكل متزايد يتأثر بعوامل التغير المناخي، وهو ما يؤدي إلى تحول في الاهتمامات والتفضيلات نحو وجهات تعكس استجابة مستدامة وعاطفية تجاه البيئة.
فاين دورنا نحن فما يتعلق بجذب السياح ورفد البلد بعامل اقتصادي متغير وضروري؟
برأيي اننا من الممكن عكس الموضوع ما دمنا نشهد شتاءات دافئة وان نشجع انشاء المشاتي (وهو ما كانت تعرف به البصرة) اذ كان اوربيون كثيرون ومن بقاع اخرى من العالم يأتون الى البصرة شتاء للتمتع بدفئها.
ان السياحة اقتصاد متحرك ومتنام ودائم، وان البلد المعني بتطويره عليه ان يتخذ الخطوات المطلوبة بما يتلاءم مع نزوع وحاجات البشر، ومثلما ان أشهر الصيف لدينا تشهد ارتفاعا كبيرا للحرارة، فان أشهر الشتاء أصبح الشتاء فيها معتدلا، وبالإمكان استغلال ذلك لتشجيع السياحة الشتوية في مدن العراق.
وتتمتع مدن العراق بتاريخ غني وتراث ثقافي عريق؛ وبرغم التحديات الحالية، إلا أن هناك بعض الوجهات السياحية التي يمكن جذب السياح اليها؛ ومن ذلك المعالم الاثرية والتاريخية في العاصمة بغداد، وكذلك الاهوار التي تشكل منطقة ذات طبيعة فريدة وثرية بالحياة البرية، ويمكن للسياح ركوب القوارب واستكشاف هذه المنطقة الرطبة، كما يمكن تنظيم السياحة الدينية بصورة لائقة.
وفي اقليم كوردستان تُعد أربيل إحدى أقدم المدن المأهولة في العالم وتقدم جمالا طبيعيا ومعمارا تاريخيا. يمكن للزوار زيارة قلعة أربيل وغيرها من المعالم والتمتع بالأسواق التقليدية، كما يشتمل الاقليم على مناطق جميلة في السليمانية ودهوك، التي تقدم مناظر خلابة وفرصا سياحية رائعة.
وكانت نينوى موقعا لعديد المدن والثقافات القديمة، ويمكن للزوار زيارة مدينة نينوى القديمة وموقع نينوى الأثري.
يمكننا ان نشجع كل ذلك، ويبقى على الجهات المعنية ان تهيئ البنية التحتية الملائمة لإدارة السياحة وقدوم السائحين، والعملية لم تزل تدار بتخلف كبير لاسيما في وسط وجنوب العراق، اذ تجري الاستهانة بدعوات تفعيل الثروات الاقتصادية الموازية للنفط، ومن بينها السياحة التي يلفت الخبراء الى تغير وجهاتها، فلماذا لا نكون نحن احدى الوجهات السياحية الجديدة؟