اقترنت بدحره العصابات المسلحة الرئيس السلفادوري يحقق فوزا ساحقا بانتخابات الرئاسة

 

التآخي ـ وكالات

أعلن رئيس السلفادور نجيب أبو كيلة، الذي يُنسب له الفضل في تخفيض عنف العصابات في أمريكا الوسطى، أنه قد أعيد انتخابه.

وتوجه أبو كيلة البالغ من العمر 42 عاماً إلى وسائل التواصل الاجتماعي ليقول إنه قد فاز بالانتخابات بنسبة 85 في المئة من الأصوات.

وأظهرت النتائج الأولية فوزه بنسبة 83 في المئة مع فرز 31 في المئة من الأصوات.

وكانت شعبيته قد ارتفعت في أعقاب حملته على الجريمة التي حوّلت السلفادور من واحدة من أكثر الدول المعروفة بالعُنف في العالم إلى واحدة من أكثر الدول أمناً في أمريكا اللاتينية.

وقد وصف أبو كيلة، وهو عمدة سابق للعاصمة سان سلفادور، نفسه بأنه “أظرف ديكتاتور في العالم”.

وقد أعلن نفسه الفائز في الانتخابات قبل صدور النتائج الرسمية، اذ أبلغ أنصاره الذين كانوا يهتفون له أنه حقق “الفارق الأكبر بين المركز الأول والمركز الثاني في التاريخ”.

 

 

كما أشاد بأداء حزبه في الانتخابات التشريعية، الذي نسب له الفضل في الفوز بـ 58 مقعداً في الأقل من أصل 60 مقعداً في الجمعية الوطنية، وقال “ستكون هذه هي المرة الأولى التي يحكم فيها حزب واحد البلاد في نظام ديمقراطي بالكامل. لقد سحقنا كافة أحزاب المعارضة بالانتخابات.

ويظهر أن النتائج الأولية، التي تنشر لاحقاً من قبل السلطات الانتخابية – في الوقت الذي أطلق أنصاره الألعاب النارية في أجواء احتفالية- تدعم قوله بأنه فاز بمدة رئاسية ثانية فوزاً كاسحاً.

ومع فرز 31.5 بالمئة من الأصوات، حصد حزب أبو كيلة، حزب الأفكار الجديدة، على ما يقارب 1.3 مليون صوت، فيما حصل حزب جبهة التحرير الوطنية الذي حل بالمركز الثاني على 110,000 صوت وحزب “أرينا” الذي حل بالمركز الثالث على 100,000 صوت، بحسب ما أعلنت المحكمة الانتخابية العليا.

ونشر حزبه صوراً على منصة إكس لأبو كيلة وزوجته وهما يقفان على شُرفة القصر الوطني لتحية الآلاف من السلفادوريين المبتهجين، الذين كانوا يلوحون بأعلام الحزب ذات اللون الأزرق الفاتح ويهتفون باسمه.

وكان أبو كيلة قد حذر الناخبين قبيل تصويت الأحد 4 شباط 2024 من أن انجازاته التي حققها من الممكن إبطالها في حالة عدم انتخابه مرة ثانية.

كانت غوادالوب غويلن، البالغة من العمر 55 عاماً، من بين أولئك المحتفلين بنتائج الانتخابات، حيث قالت لوكالة رويترز إنها “تشكر نجيب أبو كيلة، وتشكر الله، لتخليصنا من مشكلة العصابات، لا نريد أن نعود إلى ذلك الماضي المرعب”.

وتوضح السيدة، وهي صاحبة متجر، إنه بفضل تحسن الوضع الأمني، فإنها لم تعد مضطرة لدفع 300 دولار للعصابات التي تبتزها كل أسبوعين.

وبرغم شعبيته، إلا أنّ أبو كيلة يظل شخصية مثيرة للجدل، فمنظمات حقوق الإنسان تقول إن الآلاف اعتقلوا بصورة تعسفية ابان حملته لمكافحة العصابات. فقد اعتُقل ما يقدر بـ 75,000 شخص بموجب إجراءات الطوارئ التي مُددت بصورة متكررة.

 

وفي تقرير نُشر في كانون الأول الماضي، انتقدت منظمة العفو الدولية “الإحلال التدريجي لعنف الدولة مكان عنف العصابات”.

وتعرض مسعاه نفسه لإعادة انتخابه للانتقاد، فمن الممنوع بموجب الدستور الترشح لمدة رئاسية ثانية متتالية.

لكن في 2021، سمحت المحكمة الدستورية – التي يهيمن عليها أنصاره – للرئيس بالترشح لمدة ثانية بشرط أن يتنحى أو تتنحى في المدة التي تسبق المدة الرئاسية الثانية.

وكان أبو كيلة قد تنحى شكلياً عن منصب الرئيس قبل اسابيع من أجل تلبية ذلك الشرط، ومن المفترض أن يؤدي اليمين الدستورية رئيساً للبلاد في حزيران المقبل.

وقبيل الانتخابات ومع ارتفاع الشعبية وانعدام المنافسة تقريبا، كان من المؤكد، بحسب المراقبين، أن نجيب أبو كيلة، وهو من أصول فلسطينية، في طريقه إلى ولاية رئاسية ثانية.

ووفقا لاستطلاع أجرته جامعة أميركا الوسطى، في كانون الثاني الماضي، فإن نحو 8 من كل 10 ناخبين يؤيدون أبو كيلة.

يأتي ذلك برغم الخطوات التي اتخذها أبو كيلة طوال ولايته الأولى، التي يقول المحامون والمنتقدون إنها تضعف بنظام الضوابط والتوازنات في البلاد.

بيد أن الأحزاب التقليدية في السلفادور من اليسار واليمين، التي خلقت الفراغ الذي ملأه أبو كيلة لأول مرة عام 2019، ما تزال في حالة من الفوضى.

وبعد تناوبه على السلطة لنحو 3 عقود، فقد التحالف الجمهوري القومي المحافظ و”جبهة فارابوندو مارتي للتحرير الوطني” اليسارية مصداقيتهما بالكامل بسبب فسادهما وعدم فاعليتهما، فحصل مرشحوهم للرئاسة هذا العام على أرقام فردية منخفضة.

واكتسب أبو كيلة، الذي يصف نفسه بأنه “أروع دكتاتور في العالم”، شهرة بسبب حملته الشاملة ضد العصابات، التي تم فيها اعتقال أكثر من 1% من سكان البلاد؛ وفي حين أن إدارته متهمة بارتكاب انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، فقد انخفض العنف أيضا في بلد كان يعرف قبل بضع سنوات فقط بأنه أحد أخطر البلدان في العالم.

 لهذا السبب، فإن الناخبين مثل سيدة الأعمال مارليني مينا، البالغة من العمر 55 عاما، على استعداد لتجاهل المخاوف من أن أبو كيلة قد اتخذ خطوات غير ديمقراطية لتركيز السلطة في يديه.

قالت مينا، التي كانت في السابق بائعة متجولة وسط مدينة سان سلفادور، الذي كانت تسيطر عليه العصابات، إنها كانت تخشى التجول في المدينة، خوفا من أن تعبر بطريق الخطأ من منطقة تسيطر عليها تلك العصابات، مع ما يترتب على ذلك من عواقب وخيمة.

في المدة التي سبقت انتخابات الأحد، لم يظهر أبو كيلة في أي حملة عامة. وبدلا من ذلك، ملأ الشعبوي وسائل التواصل الاجتماعي وشاشات التلفزيون في شتى أنحاء البلاد برسالة بسيطة مسجلة من على أريكته مفادها أنه إذا لم يفز هو وحزبه – الذي يعرف باسم “أفكار جديدة” – في الانتخابات هذا العام، فإن “الحرب مع العصابات سوف تتعرض للخطر”.

وأضاف أن “المعارضة ستتمكن من تحقيق خطتها الحقيقية والوحيدة المتمثلة في تحرير أفراد العصابات واستخدامهم للعودة إلى السلطة”.

ومع ذلك، ينظر إلى أبو كيلة، البالغ من العمر 42 عاما، وحزبه بشكل متزايد على أنهم حالة تستحق الدراسة في إطار تفاقم عالمي أوسع للاستبداد، بحسب المراقبين.

وفي السياق، قال تايلر ماتياس، الباحث في شؤون الأميركتين في منظمة مراقبة حقوق الإنسان هيومن رايتس ووتش “هناك هذا الرفض المتزايد للمبادئ الأساسية للديمقراطية وحقوق الإنسان، ودعم الشعبوية الاستبدادية وسط الناس الذين يشعرون بأن مفاهيم مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان والإجراءات القانونية الواجبة قد خذلتهم”.

قد يعجبك ايضا