الباحث : سردار علي سنجاري
2/1
بدات في الآونة الاخيرة العديد من الجهات ومجموعات خارجة عن القانون تستهدف اقليم كوردستان الآمن . لا نود الخوض في الحجج الواهية التي يطلقونها لانها لا تستحق حتى الوقف عليها ومن يطلقها يعلم انها لا تدخل حتى في عقل طفل صغير . ولكن ما اود التطرق اليه هو ماهي الاسباب التي تدفع تلك الجهات الى زعزعة استقرار المنطقة وبالتحديد اقليم كوردستان الذي شهد خلال السنوات الماضية قبل الهجمة الشرسة للمجموعة الارهابية داعش استقرار سياسيا وامنيا واقتصاديا يشهد له الجميع . اقليم كوردستان الذي فتح ابوابه بكل ترحاب الى أبناء جميع المكونات التي عانت من الحرب الطائفية القذرة التي اججتها بعض الجهات السياسية والحزبية العراقية بعد انهيار النظام الصدامي وزواله . تلك الحرب التي ادت الى تراجع العراق وشعبه عقود الى الوراء والحقت به الضرر الانساني والاقتصادي وتسببت في نزوح مئات الآلاف من العراقيين وهجرة آلاف اخرى خارج العراق .
العراق الذي عانى خلال العقود الماضية من الديكتاتورية وحكم الفرد والحزب الواحد تلك الحقبة المظلمة من تاريخ العراق الحديث كانت كفيلة في ان يلتحم الشعب العراقي ويلملم جروحة ويعمل من اجل بناءً الانسان في وطن يوفر لمواطنيه الكرامة والعيش الرغيد . ولكن ما شهده العراق في الحقبة الاخيرة كان عكس ما تمناه الشعب العراقي الذي بدا يتوق مكرها لحكم الديكتاتور صدام حسين ونظامه بسبب الممارسات الغير مسؤولة للاحزاب العراقية الحاكمة والمجموعات الاخرى باختلاف مسمياتها وافكارها وانتماءاتها . تلك الممارسات التي وضعت العراق على قائمة الفساد العالمي واصبح العراق مرتعا للارهاب ومنعزلا دوليا واقليميا وشعبه يعاني من الفقر والتخلف رغم الامكانيات الهائلة من ثروات قد تجعله احد افضل الشعوب رخاءاً في العالم.
ولكن اذا كان العراق اليوم يمر بمنعطفات سلبية بسبب سوء الادارة وماتم ذكره ، وتراكمات الحروب وما حل به من ازمات أثقلت كاهله فان هذا لا يعني نهاية دوره الحضاري والتاريخي. الحقب السلبية في تاريخ الشعوب ليست معيارا على تأخره او تراجع دوره وبالأخص اننا نعيش في زمن يعتبر فيه التاريخ المعاصر حقبة من الحقب الحديثة المتأخرة ولكن في الوقت ذاته تلك الحقبة تحتاج الى زمن طويل للنهوض .
التاريخ العراقي منذ نشاة الحضارة فيه منذ ما يقرب من ٣٠٠٠ ثلاثة آلاف سنة كان حافلا بالانجازات البشرية والانسانية والحضارية وكان يوما ما مركز الثقل العالمي للحكم وهذا ما يؤسف عليه اليوم ان نجد دولة مؤسسة للحضارات البشرية تعيش واقعا مزريا ومتأخرا بين شعوب العالم.
واليوم تشهد الساحة الشرق أوسطية العديد من الازمات التي جرّت العراق راغباً أم كارهاً الى تلك الساحة التي تزداد سخونة كل يوم . وما الاحداث الاخيرة التي جعلت الدول الغربية وامريكا تستخدم القوة العسكرية لردع بعض الجماعات التي صنفتها كجماعات خارجة عن القانون ووجهت اليها ضربة ربما تكون البداية لأشعال فتيل حرب في المنطقة لا يحمد عقباها الا رسالة واضحة للعراق والمنطقة ان لا تهاون مع اي فكر او مجموعة او كيان وحتى دول تحاول ان تعادي المخطط الامريكي في المنطقة .
وإيماناً منا بمبدأ المواطنة والتعايش المشترك والاخوة بين الشعوب العراقية كورداً وعرباً وتركماناً مسلمين ومسيحيين وايزيديين نريد للعراق ان يكون وطنًا بمنئ عن الازمات الخارجية والصراعات بين القوة الاقليمية والدولية وان لا يستخدم العراق وشعبه أداة لتنفيذ اجندات خارجية تعيد العراق وشعبه مئات السنين الى الوراء كما هو عليه الحال اليوم . المتابعين للشؤون السياسية على علم ان السياسات الحالية في العراق ليس لها بوصلة محددة تستطيع من خلاله رسم خارطة طريق واضحة وتضع الشعب العراقي عند نقطة يستطيع النهوض وبناء الوطن على اسس سليمة وصحيحة . اذا على عاتق الجميع من المجموعات المثقفة ومنظمات المجتمع المدني والهيئات والمؤسسات العامة ان تسعى الى ايجاد السبل الواقعية للخروج بالعراق ومكوناته الى بر الامان وان يستعيد العراق مكانته التاريخية والحضارية ولا يتم ذلك الا من خلال التفاهمات وحسن النوايا بين كافة المكونات والاديان والطوائف بروح وطنية ومسؤولية .
على الشعب العراقي ان يسعى الى ايجاد السبل الحقيقية للتعايش السلمي الذي من خلاله نتجاوز كل الازمات والمحن ونسعى الى بناء وطنا مزدهرا ونتجاوز عقبات الماضي المقيت معا . . ان التعايش بين المكونات العراقية وبالاخص بين الشعبين الكوردي و العربي ليس امرا مستحيلا وكذلك التعايش بين الأديان والطوائف فالتاريخ مازال يذكرنا بفترات مر بها العراق بازمات كادت تنهي دوره التاريخي الا ان الصمود والإصرار والوعي الجماهيري لدى الشعب كان اكبر من كل ما حيك ضده .