إدريس بين الذاكرة و الحاضر

 

*فاضل ميراني

 

كان يوم رحيله ثقيلا، موصولا بيوم رحيل ابيه، كنا نشعر بقسوة نتائح مصالح الكبار الباطلة تضغط و تجلد على امة و شعب عريقين. كأن الشتاء اراد ان يتخندق مع باقي الفصول و الايام ليمتحن جَلَدنا و معدننا بأبتلاء تلو ابتلاء.ادريس البارزاني واحد من اعمق اسس الحركة التحررية الكوردستانية و الوطنية العراقية، ولئن كنا تلقينا بمصطفى البارزاني فجيعة يوم ذهب الى رحاب الله، فأن سلوانا كانت انه ترك بيننا من اولاده من سكوا مبكرا درب النضال و امتحن مرانهم على القيادة، لكن رحيل ادريس جاء بعكس كل التوقعات، فهو و ان اجهده العمل في ظروف تحتاج لتوصيف يفوق معاني التشابك و الصعوبة، الا ان صلابته ابعدت عن تخيلنا ان يرحل بلا مقدمات و تمهيد.وجود ادريس في العمل يزيح جبلا من الموانع و المستحيلات، عزيمة متجددة فولاذية، فكر وقّاد، عمل دؤوب مثمر، مستمع ممتاز و محاور لبق مقنع، يفرز الاهميات و يبذر للمستقبل، نعم الاخ لأخيه، و نعم المعلم لطلابه، ومعدن للوفاء، مقاتل لا يستفز، و ذكي لا يخادع، وطني بعيد النظر قومي بلا تشدد، واقعي الطرح، ميال للسلام العادل، كاره للظلم و العنجهية.

 

لا ابالغ فيه ان قلت انه كان يدرك ان ايام العودة لكوردستان ليست بعيدة، لكن القضاء سبق، فعدنا نحمل نعشي البارزاني و ادريس الى كوردستان، و نحمل في عقولنا ما عملا لتأسيسه في ربايا النضال.ادريس صديق ورفيق قل مثيله، كأن عمره ذخرا لهذه الامة و كأن ثماره من انجاله موعودة بأكمال طريق الكفاح وكأن بين الاجيال عهدا لا يمكن ان يحنث في قسمه.يوم رحيله، اختصر الرئيس مسعود البارزاني كل مشعارنا بجملة حزينة نطقها مع دمعه( كأن ظهري انكسر برحيل ادريس) نعم كان النبأ اشد اليما على امتنا في كوردستان و في الجبهات و اللجوء و المغتربات، فقد امسك ادريس بمقدرة كبرى على زمام حراك يديم نضالنا و عمل المعارضة العراقية، ولذا فقد هز الحزن كثيرا من عراقيي الداخل و العرب في غير العراق.اليوم، ومع كل جهد يجد على نضالنا نستحضر صورة و صوت و ايماءة ادريس، و نسلم بالرضا لله، ونقول: ادريس كان يقول فصلا اذا استجد امر ما، فكيف سيكون قوله في امر غاب عنه لانه رحل؟ فنجد جوابا مستنبطا من ادراكنا لتفكيره المنظم.هذا شعبنا يا ادريس يحي بالوفاء ذكراك و ذكرك، فطالما كان الشعب بقلبك و عينك و عقلك.مد الله عمر الرئيس مسعود البارزاني، واعانه على حمل هموم الامة مثلما اعان ابيه و ابينا البارزاني و ادريس الحي في الضمير.

 

*مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي

للحزب الديمقراطي الكردستاني.

قد يعجبك ايضا