متابعة ـ التآخي
مع ارتفاع سوق الجودة، وارتفاع المنتجات المزروعة محليًا، تعد الزراعة النموذجية (سواء في المناطق الحضرية أو الريفية) حلا جاهزا لتلبية طلب السوق مع سد الفجوات في نظامنا الغذائي المحلي.
الزراعة الحضرية ليست مفهوما جديدا، لقد قام البشر بزراعة المحاصيل في المناطق الحضرية منذ ظهور المدن والتجمعات السكانية لأول مرة منذ الوف السنين.
لقد شهد تاريخ الزراعة الحضرية أن هذه الممارسة أصبحت قديمة الطراز بعد الحرب العالمية الثانية، ثم عادت من جديد في التسعينات.
تعد الزراعة المعيارية خيارا موثوقًا به لتزويد المطاعم وتجار التجزئة أو إضافة مصدر للمنتجات المغذية للمجتمعات التي تفتقر إلى الوصول إليها.
وبرغم اختلاف التقديرات، فإن ما يتراوح بين 15% إلى 20% من غذاء العالم يُزرع الآن في المناطق الحضرية، وهذا العدد في تزايد مطرد.
ومع خلق مدن القرن الحادي والعشرين للزحف العمراني والهجرات الجماعية بعيدا عن الحياة الريفية، تشهد الزراعة الحضرية لحظة كبيرة.
يأتي المزارعون الحضريون من جميع مناحي الحياة، بدءا من العاملين بدوام جزئي وحتى المنتجين التجاريين للمحاصيل المتخصصة للمطاعم الكبرى، بعض الأمثلة على الزراعة الحضرية تشمل: زراعة الخضروات المائية على الأفنية والأسطح والسلالم، وحدائق الممرات الحضرية الصغيرة والأراضي الشاغرة ومزارع الحاويات النموذجية في المساحات الحضرية غير المستعملة، مثل مواقف السيارات والمطارات والمصانع.
ونظرا لأن المزارع المائية المعيارية الجاهزة مهيأة للإنشاء في أي مكان، فهي خيار شائع للمزارعين في المناطق الحضرية.
ومن الفوائد الهامة للزراعة الحضرية في المجتمعات، تشجيع الأنظمة الغذائية الصحية، اذ توفر الزراعة الحضرية إمكانية الوصول إلى مصدر غذائي صحي للغاية ومنخفض التكلفة: الخضروات، فالخضار الورقية مليئة بالألياف والفيتامينات A وC وE وK وفيتامينات B، التي لها عامل وقائي ضد الأمراض المزمنة مثل السكري والسرطان وأمراض القلب والسمنة.
وتشير الدلائل إلى أن تناول الفاكهة والخضروات أعلى بين المزارعين في المناطق الحضرية، وأن المشاركة في مثل هذه المشاريع قد تؤدي إلى تحسين تناول الفاكهة والخضروات.
ومن الفوائد الاخرى، تقليل نقل الغذاء وانبعاثات الشحن، فان الأميال الغذائية، التي تشير إلى المسافة التي يقطعها الغذاء من المزرعة إلى المستهلك، هي إحدى طرق قياس التأثير البيئي للأطعمة التي نستهلكها. وأظهرت دراسة أجريت عام 2012 أنه في المتوسط، يجري استيراد 30٪ من المواد الغذائية في كندا، مما يؤدي إلى انبعاثات سنوية قدرها 3.3 مليون طن متري من ثاني أكسيد الكربون.
ومع الزراعة الحضرية، يجري تقليل الأميال الغذائية بشكل كبير حيث تتم زراعة الطعام بالقرب من المكان الذي تعيش فيه، مما يقلل من انبعاثات الكربون من الواردات.
كما توفر مشاريع الزراعة الحضرية فرصة فريدة لتعليم الطلاب بشأن إنتاج الغذاء والزراعة.
ويحصل الطلاب على خبرة عملية من خلال برنامج “من البذور إلى التغذية” اذ ترعى الفصول الدراسية نمو المحصول، ويتجاوز التعلم العملي أيضًا المزرعة إلى الفصول الدراسية، حيث يتم تطوير محتوى المناهج الداعمة في العلوم واللغة وغيرها ثقافة الاستدامة، فتواجد مزرعة نموذجية في العقار الذي تسكن فيه سيكون أمرا رائعا، إنها أيضًا مفيدة جدًا للتعليم، لذا فإن الحصول على شيء يمكننا تعليمه: الزراعة والأمن الغذائي في أشهر الشتاء كان بمنزلة فرصة رائعة.
إن التأثير هائل، فالأطفال يحبون العمل في المزرعة، إنه شيء جديد، وتمس الجميع وهم متحمسون جدا لها.
ويمكن للزراعة الحضرية أيضًا أن تساعد في دعم المجتمعات عن طريق توفير فرص عمل مجدية، إن زراعة الغذاء للمجتمع هو عمل بالغ الأهمية، ففي نهاية المطاف، يعد الغذاء جزءًا أساسيًا من الحياة ويربطنا جميعًا، تفتح الزراعة الحضرية فرصًا لسكان المدن للعمل في الزراعة.
ومن خلال جلب العمل الزراعي الهادف إلى المجتمعات، تظل هذه الوظائف والأموال التي تولدها محلية: استثمار في صحة المجتمع على المدى الطويل.
وفي حين أن المناطق الحضرية بحكم تعريفها لديها كثافة سكانية أعلى، إلا أنه لا زال هناك الكثير من الأراضي غير المستغلة في المناطق الحضرية.
وفي سنغافورة، وهي واحدة من المدن ذات الكثافة السكانية الأعلى في العالم حيث تعد المساحة أعلى من قيمتها، جرى مؤخراً إتاحة أسطح مواقف سيارات متعددة الطوابق في مباني الإسكان العام للزراعة، وهذا يدل على أن هذا النوع من المساحة متوفر في كل مدينة مع بعض التفكير الإبداعي.
وتختصر الزراعة الحضرية مراحل النظام الغذائي، فان كثيرا منا لا يدركون جميع العمليات التي يمر بها طعامنا للانتقال من البذور إلى المائدة.
وقد أظهرت بعض الدراسات الاستقصائية أن 1 من كل 7 أطفال يعتقد أن الخضروات تأتي من السوبر ماركت، ومن خلال زراعة الغذاء بالقرب من المنزل والمشاركة في الزراعة الحضرية، يمكننا أن نفهم النظم الطبيعية التي نعتمد عليها بطريقة أعمق بكثير.
كما تساعد الزراعة الحضرية على تقليل هدر الطعام؛ و على الصعيد العالمي، يجري فقدان نحو 14 بالمئة من الأغذية المنتجة قبل أن تصل إلى رفوف متاجر البقالة، وفقا للأمم المتحدة، ويمثل الغذاء المفقود والمهدور 38 % من إجمالي استعمال الطاقة في النظام الغذائي العالمي.