التآخي – وكالات
في يوم الاثنين الاول من كانون الثاني 2024 هز زلزال هائل وسط اليابان، ما أثار مخاوف بشأن سلامة المحطات النووية في المنطقة المتضررة من الزلزال.
ووقعت سلسلة من الهزات القوية، قُدرت قوة أكبرها بـ7.6 درجة، على عمق ضحل في شبه جزيرة نوتو في محافظة إيشيكاوا، في زلزال أطلقت عليه وكالة الأرصاد اسم “زلزال شبه جزيرة نوتو 2024” رسميا.
وقُتل ما لا يقل عن92 شخصا وفقد 242 بسبب الزلزال، وفقا لهيئة الإذاعة اليابانية العامة ((إن إتش كيه))، نقلا عن مسؤولين من محافظة إيشيكاوا.
وفي أعقاب الزلزال الذي بلغت قوته 7.6 درجة، نشأت مخاوف بشأن السلامة النووية لليابان، التي كانت موضع تساؤل مستمر منذ زلزال عام 2011 والتسونامي اللاحق له، الذي تسبب في انصهار نووي في محطة فوكوشيما النووية.
وأثار الزلزال الذي وقع في محافظة إيشيكاوا تحذيرا كبيرا نادرا من حدوث تسونامي وتوقع أن تضرب أمواج يصل ارتفاعها إلى 5 أمتار، لكن بحلول الساعة 10 صباحا بالتوقيت المحلي (0100 بتوقيت غرينتش) يوم الثلاثاء، تم رفع جميع التحذيرات والتنبيهات.
وأكدت هيئة الرقابة النووية اليابانية عدم الإبلاغ عن أي شذوذ في محطات الطاقة النووية على طول بحر اليابان بعد الزلزال ولم يتم رصد أي ارتفاع في مستويات الإشعاع في مراكز المراقبة في المنطقة.
وقالت الهيئة إن محطة كاشيوازاكي-كاريوا للطاقة النووية التابعة لشركة طوكيو القابضة للطاقة الكهربائية (تيبكو) في محافظة نيغاتا، التي تضم سبع وحدات مغلقة، لم تتأثر أيضا.
وذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنها على اتصال بهيئة الرقابة النووية اليابانية حيث جرى إبلاغها بأنه “لم يتم تسجيل أي شذوذ في محطات الطاقة النووية في داخل المنطقة المتضررة”، مضيفة أن الوكالة ستواصل مراقبة الوضع.
وأفادت شركة هوكوريكو للطاقة الكهربائية، وهي المشغلة لمحطة شيكا الأقرب إلى مركز الزلزال، أن كلا المفاعلين في المحطة كانا غير متصلين منذ ما قبل الزلزال، مضيفة أن بعض حالات انقطاع الكهرباء وتسرب النفط حدثت في أعقاب الزلزال يوم الاثنين، ولكن لم يحدث أي تسرب إشعاعي.
وتعد اليابان واحدة من أكثر الدول عرضة للزلازل في العالم. وفي عام 2011، تسبب زلزال قوي وما تلاه من تسونامي في انصهارات متعددة في محطة فوكوشيما النووية.
وأثارت كارثة فوكوشيما النووية تصاعد المشاعر المناهضة للطاقة النووية في اليابان.
وكان الصحفي الياباني ساتوشي كاماتا أحد العوامل المحركة وراء حملة تتضمن توقيع عريضة مناهضة للطاقة النووية بدأت بعد فترة وجيزة من حادثة الانصهار الثلاثي في آذار 2011.
وقال كاماتا، في تشرين الثاني 2022، “بعد 11 عاما، تحاول الحكومة الآن إعادة عقارب الساعة للوراء بشأن الطاقة النووية”، وتابع “فيما سنوقف مؤقتا حملة طلبات توقيع العريضة، نريد أيضا نشر الحركة المناهضة للطاقة النووية من خلال توحيد الجهود مع أولئك الذين يروجون لمصادر الطاقة المتجددة”.
وذكرت افتتاحية لصحيفة ((ماينيتشي)) الوطنية اليومية في اليابان أن “كارثة فوكوشيما النووية غيرت بشكل كبير إحساس الجمهور بالقيم. لقد فكر الناس في الهيكل الذي تم فيه فرض مخاطر استضافة محطات الطاقة النووية على المناطق الريفية، كما تقدمت جهود توفير الطاقة”.
وتابعت الافتتاحية، “إذا استخفت الحكومة اليابانية بهذه التغييرات وواصلت التوجه نحو استعمال الطاقة النووية، فلن تكسب تفهم الجمهور”.
وكارثة فوكوشيما هي كارثة تطورت بعد زلزال اليابان الكبير في 11 آذار 2011 ضمن مفاعل فوكوشيما 1 النووي، اذ أدت مشكلات التبريد إلى ارتفاع في ضغط المفاعل، تبعتها مشكلة في التحكم بالتنفيس نتج عنها زيادة في النشاط الإشعاعي.
وذكرت وكالة الهندسة النووية في حينها، ان الوحدات من 1 إلى 3 توقفت بشكل آلي بعد زلزال اليابان الكبير، في حين كانت الوحدات من 4 إلى 6 متوقفة بسبب أعمال الصيانة. وقد تم تشغيل مولدات ديزل لتأمين طاقة كهربائية راجعة من أجل تبريد الوحدات 1 إلى 3 التي كانت قد تضررت بسبب التسونامي. وقد عملت هذه المولدات في البداية بشكل جيد لكنها توقفت بعد ساعة. ويستخدم التبريد في طرح الحرارة المتولدة في المفاعل، وبعد فشل المولدات وتوقف البطاريات عن العمل بعد 8 ساعات التي تستعمل عادة للتحكم بالمفاعل وصمامته في أثناء انقطاع الكهرباء، أعلنت حالة الطوارئ النووي في اليابان. وقد أرسلت القوات اليابانية البرية بطاريات إلى موقع الحدث.
وصدر أمر إخلاء أولي لنطاق 3 كم من محيط المفاعل وشمل ذلك على 5800 مواطن يعيشون ضمن هذا النطاق. كما نصح السكان الذين يعيشون ضمن نطاق 10 كم من المصنع أن يبقوا في منازلهم. وفي وقت لاحق شمل أمر الإخلاء جميع السكان ضمن نطاق الـ 10 كم.
وقد أعلنت شركة كهرباء طوكيو في منتصف ليل 11 آذار ٢٠١١ بحسب التوقيت المحلي لطوكيو بأنه سوف يتم تنفيس الغازات في الوحدة رقم 1 مما سيؤدي إلى تحرير إشعاعات في الجو. كما سجلت شركة طوكيو للكهرباء ارتفاع النشاط الإشعاعي في بناء توربين الوحدة 1. وفي الساعة الثانية حسب التوقيت المحلي لطوكيو وصل الضغط ضمن المفاعل إلى 6 بار وهي قيمة أعلى ب 2 بار من أعلى قيمة مسموح فيها في الشروط الطبيعية. وفي الساعة 5:30 سجل الضغط ضمن الوحدة 1 ب 8.1 بار وهو أعلى بـ 2.1 مرة من الاستطاعة التصميمية. وفي الساعة 6:10 أعلن عن مشكلة تبريد في الوحدة 2.
وللحد من تصاعد الضغط المحتمل جرى الإفراج عن البخار الحاوي على مواد مشعة من الدائرة الابتدائية والثانوية الحاوية له. وفي الساعة 6:40 من 12 آذار صرح كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني يوكيو إدانو أن كميات الإشعاعات التي حررت هي كميات صغيرة وأن اتجاه الرياح سيؤدي إلى توجيهها إلى البحر. لكن كمية الإشعاعات المقاسة ضمن غرفة التحكم في المحطة كانت أكثر بـ 100 مرة من المسموح. أما كمية الإشعاعات المقاسة قرب البوابة الرئيسة للمحطة فكانت أكثر بـ 8 مرات من الحد الطبيعي. وأعلن في مؤتمر صحفي عند الساعة 7 بأن كمية الإشعاعات المقاسة بوساطة سيارة مراقبة كانت أكبر من الحد الاعتيادي. كما تم الكشف عن السيزيوم بالقرب من المحطة. مما يعني احتمال تعرض قضبان الوقود إلى الهواء.
وقام رئيس الوزراء الياباني ناوتو كان بزيارة المحطة لفترة قصيرة في 12 آذار. كما أرسل فريق إنقاذ تابع لمطافئ طوكيو إلى فوكوشيما وأجلي أكثر من 50000 مواطن من المنطقة .
ودعت السلطات اليابانية السكان إلى إخلاء المنطقة في شعاع قطره عشرة كيلومترات حول موقع المحطة.
ونصح الخبراء والصحفيون في محطة التلفزيون اليابانيين بالبقاء في بيوتهم وإغلاق نوافذهم في دائرة أوسع من منطقة الـ10 كلم التي تم إخلاؤها وأيضا الأفراد المتواجدون في الخارج إلى حماية جهازهم التنفسى بفوطة مبللة وتغطية جسدهم إلى أقصى حد، لتجنب تعرض جلدهم مباشرة إلى الهواء.
وقالت وكالة أنباء كيودو إن الإشعاعات التي يتلقاها فرد على موقع الانفجار توازى تلك التي يمكن لفرد تلقيها في عام تحت طائلة تعريض صحته للخطر. وقال المتحدث باسم الحكومة اليابانية يوكيو إدانو إنه “أبلغ بوقوع انفجار” في الموقع.
وأضاف في حينه “نقوم بكل ما في وسعنا لنكون على اطلاع بما يحصل. ندرس النشاط الإشعاعى بعناية فائقة”. وتابع أن السلطات تتخذ “كافة التدابير لضمان سلامة السكان”، ويتم إرسال فرق إطفاء خاصة مدربين على التعامل مع الحالات الطارئة إلى المحطة للمساعدة.
وبدأت المشكلات في المفاعل رقم واحد في محطة فوكوشيما بعد الزلزال العنيف الذي ضرب شمال شرق اليابان في ذلك الوقت وبلغت قوته 8,9 درجات. وظهرت مشكلات في درجات الحرارة وسلم سلاح الجو الأمريكي المحطة سائل تبريد.
وتلقت شركة طوكيو للطاقة الكهربائية التي تشغل الموقع تعليمات بفتح صمامات المفاعل لبعث بخار إشعاعى وتخفيف الضغط الداخلى المرتفع بشكل غير اعتيادي. وأكدت وكالة الأمن النووى والصناعي في حينها، أنه يظهر أن هذه العملية نجحت قبل الإعلان عن وقوع الانفجار.