سنجار القضاء المنسي
الجزء الثاني
الباحث : سردار علي سنجاري
ذكرنا في نهاية الجزء الاول الاسباب التي أدت إلى تاخير عودة النازحين إلى مناطقهم في سنجار وتلك الاسباب اجتمعت في ظروف سياسية وزمنية صعبة ومايزال العديد من اهالي سنجار رغم مرور أعوام على تحريرها من ايادي الارهاب الداعشي في المخيمات يعيشون ظروف صعبة وغير إنسانية .
ومما يؤسف عليه انه لم يتم توضيح مستقبل المدينة بشفافية لاهلها سواء من قبل الحكومة المركزية او من قبل حكومة اقليم كوردستان . وهذا ما تسبب في تخبط القرارات المصيرية لأهالي سنجار في اتخاذ قرار العودة اليها او البقاء نازحين تحت رحمة وشفقة المنظمات الدولية.
لا نريد الخوض بالتفاصيل الدقيقة التي أدت الى سقوط مدينة سنجار وضواحيها بيد قوة الكفر والظلام داعش . ولكننا سوف نتحدث عن بعض تلك الأسباب والتي تتلخص برأيي بما يلي :
– تهميش المدينة منذ سقوط النظام العراقي السابق سنة ٢٠٠٣ حتى سقوطها بيد داعش ٢٠١٤ . وهذه الفترة الزمنية كانت كفيلة بان يتم الاهتمام بهذه المدينة وتطويرها والاهتمام بموقعها الجغرافي والسكاني .
– الحزب الديمقراطي الكوردستاني الحزب الأكبر والأكثر شعبية في سنجار ولأسباب أمنية وسياسية تم اختيار مسؤولي لإدارة سنجار من خارج المنظومة الاجتماعية والعشائرية لسنجار لإدارة المدينة بما يتناسب مع تركيبتها الاجتماعية والدينية والعرقية . عندما اعتمد على شخصيات من خارج مدينة سنجار في ادارة المدينة مما خلق فجوة كبيرة بين أهالي المدينة والمسؤولين الحزبين الذين لم يكونوا على دراية بالمنطقة وتركيبتها الاثنية والعرقية والعشائرية وبالرغم من وجود شخصيات سنجاربة مناضلة ولها مكانتها الاجتماعية والسياسية وحتى الاقليمية والدولية وعلاقاتها المميزة مع المكونات الغير كوردية في المنطقة.
– عدم الاهتمام بالمكون الديني الايزيدي كما هو مطلوب الذي يشكل نسبة هامة من سكان المنطقة سواء من قبل الحكومة العراقية التي انشغلت بالفساد وعدم الاهتمام بشؤون البلاد او من قبل حكومة اقليم كوردستان التي اكتفت بالتنظيم الحزبي وهذا ادى الى خلل كبير في البحث عن مخرجات حقيقية للازمات الداخلية والتراكمية منذ زمن البعث .. وكان يفترض الأخذ بالمخاوف التي تواجهها المنطقة بشكل اكثر جدية واكثر مسؤولية وبالأخص بعد انتشار داعش في مناطق كثيرة من سوريا وجميعها تعتبر مناطق تماس مع المنطقة وتشكل خطرا على المكون الايزيدي . وعليه كان يجب الأخذ بمخاوف الايزيديين وتسليحهم وتدريبهم او تشكيل قوة عسكرية من شبابهم لحماية مناطقهم .
“وكمتابع للوضع عن كثب واقف على مسافة واحدة من كافة المكونات والعشائر والأديان في المدينة اعتقد انه بالإضافة الى التقصير الحزبي والحكومي في اختيار شخصيات سنجارية فعالة وذات تاريخ ومكانة اجتماعية وسياسية ونضالية لتمثيل المدينة والدفاع عنها، فانه يقع على عاتق المرشحين والعشائر السنجارية اللوم الأكبر”
– تجارة الأسلحة التي انتشرت في المنطقة والتي أصبحت تجارة مربحة حيث تم بيع أعداد كبيرة من السلاح الذي كان من الممكن حماية القرى النائية والتي تقع بالتماس مع الحدود السورية الى الطرف السوري الذي كان يدفع أموال مضاعفة لتلك الأسلحة من قبل موالين لتنظيم داعش . وهذا يبدو كان من ضمن مخطط داعش لتجريد المنطقة من الأسلحة كي لا يواجه مقاومة في حال هجومه وسيطرته عليها .
– تاخير تنفيذ المادة ١٤٠ من الدستور العراقي والتي تشمل المناطق المتنازع عليها ومنها سنجار وهذا ولد نوع من الشعور بعدم الارتياح لدى ابناء المدينة بانهم اصبحوا مجرد ورقة للتلاعب بمصيرهم من دون اي تقدم في تنفيذ المادة التي تقرر مصير منطقتهم دستوريًا . وهنا لابد ان نكون منصفين بان التقصير لم يكون من قبل حكومة اقليم كوردستان بل من المركز حيث لم يفي المركز بوعوده بخصوص اجراء استفتاء لتلك المناطق وتقرير مصيرها بالرغم من الدعوات المتتالية من قبل حكومة اقليم كوردستان لتنفيذ المادة ١٤٠ .
هذه بعض الأسباب التي أدت الى سقوط مدينة سنجار خلال ساعات بيد قوات الكفر والظلام داعش والتي أدت الى ارتكاب جرائم بشعة امتدادًا لمجموعة جرائم ارتكبها التنظيم الكافر بحق باقي ابناء العراق وسوريا كجريمة سبايكر الذي راح ضحيتها ١٧٠٠ شاب بدم بارد والعديد من المجازر بحق المكون السني عدا ما اقترفه التنظيم الكافر بحق الأخوة المسيحين والشبك في سهل نينوى من قتل وتشريد وسبي.
“ان سنجار تستحق قادة شجعان يعملون لأجل كافة المكونات السنجارية ويقفون على مسافة واحدة من الجميع ولا يفرقون بين المسلم والإيزيدي او الكوردي والعربي . قادة شرفاء لا تهمهم مصالحهم الشخصية بقدر ما يهمهم استقرار وضمان مستقبل أهالي المدينة .. سنجار تستحق من جميع الأحزاب الكوردستانية على الخصوص والعراقية عامة اهتمامًا اكبر وشفافية اكبر فلا يمكن ان يبقى أهاليها نازحين طول الدهر”
الانتخابات البرلمانية أين ممثلو المدينة ؟
شعر أهالي سنجار بخيبة الأمل من كافة الأطراف الرسمية والحزبية وبالأخص الأحزاب الكوردستانية التي ينتمي اليها غالبية أهالي سنجارعندما لم يتم صعود اي من المرشحين السنجاريين الى قبة البرلمان العراقي في الانتخابات البرلمانية العراقية الأخيرة وضياع اصواتهم على عدد من المرشحين الآخرين لمناطق نفوذ خارج دائرتهم الانتخابية وهذا دفع الكثير من المحللين الى التفكير عن الأسباب الحقيقة التي آلت اليه المدينة وعزلها اداريا وتشريعيا .
وكمتابع للوضع عن كثب واقف على مسافة واحدة من كافة المكونات والعشائر والأديان في المدينة اعتقد انه بالإضافة الى التقصير الحزبي والحكومي في اختيار شخصيات سنجارية فعالة وذات تاريخ ومكانة اجتماعية وسياسية ونضالية لتمثيل المدينة والدفاع عنها، فانه يقع على عاتق المرشحين والعشائر السنجارية اللوم الأكبر ولمعرفة الخلل وتجاوزه مستقبلًا وان كان ذلك ليس عمليًا لاننا على اطلاع تام بالتركيبة العشائرية المعقدة في المنطقة وتتلخص بالنقاط التالية:
– الخلافات التي تسبب فيها داعش في شق الصف السنجاري حيث انقسم المجتمع السنجاري الذي كان موحدا ومتراصا عبر تاريخه القديم والحديث الى قسمين ( مسلموا سنجار و ايزيديوا سنجار) وهذا تسبب في تشتيت الكثير من البرامج التي كان بامكانها التوافق عليها بين الجانبين واختيار شخصيات سنجاربة لها مكانتها ودعمهم من الجانبين.
– الصبغة العشائرية التي طغت على الانتخابات والتي مزقت اواصر التعاون بينهم ، حيث كل عشيرة قدمت مرشحها والبعض قدم اكثر من مرشح داخل العشيرة الواحدة مما اضعف جميع المرشحين وخسارة الجميع .
– عدم بروز شخصية سنجاربة تتمتع بقبول ورضى كافة المكونات السنجارية .
– ضعف البرامج الانتخابية للمرشحين والبعض منهم لم يكن على دراية بما يقوم به وما يجب القيام به كمرشح مما فقد ثقة القيادة السياسية والحزبية والجماهير به .
– اعتماد البعض على الدعم الحزبي والسياسي والأخذ بالوعود العاطفية من قبل بعض المسؤولين الحزبيين الذين اعطوا الوعود مقابل صفقات . وبعض المرشحين مازالوا يعانون من أزمات مادية كبيرة بسبب تلك الوعود.
– عدم توحيد الخطاب السياسي والبرنامج الثقافي والاقتصادي للمرشحين ، حيث افتقرت غالبية البرامج التي اطلعت عليها الى الأسس والمقومات الأساسية التي تعطي الناخب الثقة بالمرشح وبرنامجه .
– ضعف الاسماء التي تم اختيارها سواء عن طريق الأحزاب السياسية او المستقلين وهذا ربما يعود الى عوامل مجهولة لا يعلمها الى بعض القيادة السياسيين .
– قناعة الناخب ان المرشحين لن يحققوا لهم اهدافهم وطموحاتهم كما يجب . وربما شعروا ان الغالبية تسعى الى تحسين وضعها المعيشي على حساب الناخب . لذا كان الإقبال ليس كما هو مطلوب في مراكز عديدة .
بالرغم مما جاء أعلاه من نقاط وبالتأكيد هناك عوامل كثيرة منها سياسية واقليمية ودولية ساعدت على خسارة كافة المرشحين بالرغم من قناعتي الشخصية انه كان هناك بعض الاسماء القليلة التي كان بامكانها الفوز و ان تكون حيادية.
ان سنجار تستحق قادة شجعان يعملون لأجل كافة المكونات السنجارية ويقفون على مسافة واحدة من الجميع ولا يفرقون بين المسلم والإيزيدي او الكوردي والعربي . قادة شرفاء لا تهمهم مصالحهم الشخصية بقدر ما يهمهم استقرار وضمان مستقبل أهالي المدينة .. سنجار تستحق من جميع الأحزاب الكوردستانية على الخصوص والعراقية عامة اهتمامًا اكبر وشفافية اكبر فلا يمكن ان يبقى أهاليها نازحين طول الدهر .. على السنجاريين ان يتوحدوا ويسترجعوا تاريخهم الإنساني في التسامح والاخاء فلا يمكن ان تعود سنجار على ما كانت عليه الا بالتسامح ..
على رؤساء العشائر ومثقفي سنجار ان يبحثوا في الآليات التي تضمن لهم استقرارا سياسيا واقتصاديا واجتماعيًا يقيهم من الانقراض والذوبان بالمجتمعات المجاورة . كما عليهم ان ينشطوا سياسيًا ليكون لهم قادة بارزين كما كان لهم خلال العقود الماضية.