اتحاد الأدباء في العراق يحتفي بالأديب سالم بخشي وكتابة السردي (السمفونية المكوّرة)

 

ثائر البياتي

شهدت قاعة الجواهري في اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين، عند الساعة الحادية عشرة من صباح يوم السبت الموافق 9/12/2023. جلسة احتفائية بهيجة، بالأديب، والصحفي، والفنان، سالم بخشي، وكتابه القصصي الجديد (السمفونية المكوّرة) الصادرة عن اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين/ مطبوعات العام 2021. أقامها نادي السرد في الاتحاد، بحضور نخبة من الأدباء والأصدقاء.

قدم الضيف، القاص رياض داخل، مستعرضًا السيرة الذاتية للكاتب سالم بخشي، وهو عضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، عضو نقابة الفنانيـن العراقيين، عضو نقابة الصحفيين العراقيين، عضو نقابة صحفي كوردستان، عضو اتحاد الصحفيين العالميين. ولديه نتاجات واسهامات ومشاركات في كل الحقول المذكورة، وحاز على عدة تكريمات وجوائز، ولديه الإصدارات التالية:

  • صدرت له مجموعة قصصية بعنوان (قال الشيخ) عن دار الشؤون الثقافية العامة في وزارة الثقافة عام 2011.
  • صدرت له رواية بعنوان (المخبر السرّي) عن دار الثقافة والنشر الكوردية/ وزارة الثقافة 2014.
  • صدرت له رواية بعنوان (إنانا والنباش!) عن دار ضفاف للطباعة والنشر عام 2018.
  • صدر له كتاب نقدي بعنوان (كبار كتبوا في المخبر السرّي) عن دار الثقافة والنشر الكوردية/ وزارة الثقافة عام 2018.
  • صدر له كتاب صحفي بعنوان (فلم الأسبوع) عن دار فضاءات الفن عام 2020.
  • صدرت له مجموعة قصصية بعنوان (السمفونية المكورة) عن الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق 2021.
  • صدر له كتاب نقدي بعنوان (باقة نقد) عن دار فضاءات الفن عام 2022.
  • كتب المئات من القصص والمقالات الأدبية في المواقع والصحف والمجلات العراقية، أشهرها: الملحق الثقافي لجريدة التآخي، جريدة أوروك الثقافية في وزارة الثقافة. مجلة الأديب العراقي، مجلة مرسى الثقافية، مجلة ضفاف الثقافية، موقع الحوار المتمدن، وغيرها…
  • يجيد مجمل العمل الصحفي تحريرًا وكتابةً كذلك التصميم الفني الصحفي.
  • يجيد من الكتابة الأدبية، القصة والرواية والدراسات النقدية.
  • يجيد من الرسم، التخطيط بالرصاص والكاريكاتير ورسوم الأطفال واللوحات الزيتية.

 

 

فكرة عامة

ثم قدم الكاتب فكرة عامة عن منجزه، والسبب الذي دعاه لتصنيف كتابه القصصي، ومن باب التحدي؛ جعله يكتب ثماني أشكال من القصص على التوالي (الاتجاه الحكائي، الاتجاه الفلسفي، الاتجاه الواقعي/ التقليدي، الاتجاه الساخر، الاتجاه الفنتازي/ الغرائبي، الاتجاه السريالي، الاتجاه النفسي، الاتجاه الحداثي) وهذه هي جميع الاشكال التي ظهرت للكتابة القصصية عبر التاريخ، جمعها الكاتب ببراعة في كتاب واحد. مستشهدًا بقصتين لكل نوع من هذه المظاهر، باستثناء الشكل النفسي، استشهد بقصة واحدة طويلة تمتد لأكثر من خمسة آلاف كلمة. وثاني الأسباب أراد أن يقدم إضافة إبداعية تجريبية لم يخضها غيره سابقًا، وهو ديدنه في تقديم كل ما هو جديد وبارع؛ ما يمزه عن الآخرين، وقد أقسم على نفسه أن لا يقدم كتاب أقل في المستوى والمضمون عن الكتب التي سبقته في كل مجال ابداعي يخوضه (صحفيًا كان، أم سرديًا، أم نقديًا) وبخلافه سيرمي كتابه في سلة المهملات في حالة عدم تحقيق الابهار، وقيمة تجريبية مضافة، بحسب الضيف.

الدراسات النقدية

حان موعد الدراسات النقدية، فقدم الأديب علي شلش، دراسته النقدية الشائقة عبر قصة (تؤام روحي) مستشهدًا ببعض فقرات القصة، والأسئلة الوجودية المهمة التي يطرحها، عبر سرد سريالي غاية في الابداع والجمال، ناهيك عن الضربة المبهرة. وثمّن جهد القاص وقدرته الكبيرة على الاشتغال في كل مناطق حركة السرد القصصي.

 

 

ثم قدم الروائي خضير فليح الزيدي، الورقة النقدية الثانية، وقد أشكل في مستهلها على القاص، كتابة العنوان والايضاح ومجموعهما ثماني كلمات على غلاف المجموعة، ناهيك عن التفصيلات في مقدمة كل قصة في متن الكتاب. وقد أجاب القاص فيما بعد في معرض الإجابات عن هذه النقطة قائلًا: ((كلام الأستاذ خضير يفتقر إلى الدقة؛ باعتباره يتكلم عن العنوان والايضاح وكأنهما مكتوبان بحجم خط واحد، ولون واحد، وموضوعان على خط كتابة واحد، والأمر ليس كذلك كما تلاحظون غلاف الكتاب. حيث هناك تقديم لكلمتي العنوان (السمفونية المكوّرة) وقد كتبتا بخط كبير جدًا، ويميزهما لون برتقالي محمر، مغاير عن بقية كلمات الايضاح المكتوبة بحجم صغير، وباللون الأسود، والموضوعة على خط كتابة مغاير، أسفل العنوان. أما بخصوص التفصيلات في متن الكتاب، فقد وضعت تماشيًا مع ما أعلن عنه، من أن الكتاب يحتوي على باقية سردية، ولا بد من تفصيل لهذه الباقة السردية، وهي إضافة إبداعية اجتهدتها ولا أرى فيها ضيرًا…))

واقترح الزيدي على القاص بدلا من الإعلان عن طبيعة القصص، أن يقوم بانتقالات سردية بين القارئ العام، والقارئ الخاص، وذلك أن يحدد الجهة التي يكتب إليها، كما فعل عبد الرحمن مجيد الربيعي في بعض كتاباته. وقد أجاب الكاتب سالم بخشي عن هذه النقطة قائلًا: ((لا أرغب الكتابة بهذه الطريقة، فأنا أكتب إلى الجميع، القارئ المثقف، والقارئ الاعتيادي، ولا أراها مجدية؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر، ماذا لو كتبت بهذه الطريقة، وطلبت من الأستاذ فاضل ثامر رأيه في قصصي، وقد يصادف أنه لم يطالع كتابي أصلًا، فهو غير ملزم بقراءة منشورات الاتحاد كلها. هل أرمي كتابي حينها في سلة المهملات أم ابحث عن قارئ مثقف آخر…!!)).

أشاد خضير فليح الزيدي بأسلوب القاص، سالم بخشي، ولغته السردية المتفردة، وتمكنه من أدواته السردية، وأبدى اعجابه بالقصة النفسية الطويلة (المرآة) وعناصرها الغنية، وطريقة الكاتب البارعة في تقمص الصوت السردي للمرأة، رغم صعوبة الأمر، وقال كأنها رواية قصيرة (نوفيلا) حشرت في متن المجموعة القصصية.

ثم حان دور الأستاذ قاسم مشكور، وتناوله لقصة (خطبة الأميرة نازدار) المكتوبة وفق التصنيف الحكائي، مشيدًا بها وأنها تعرض أفكارًا جدلية، وتحدثت عن الاختلاف بين الشكل والمضمون بطريقة فنية بارعة، ونجح في جعلنا ندخل منطقة التوقع والمخيال المبهج، لكنه اعترض على تصنيف الحكايات، والحوار الطويل للقصة. واستيحاء التاريخ عبر هذه القصة، وقد أجاب الأديب بخشي في معرض رده بأن: ((طبيعة الحوار الطويل في القصة الأولى من المجموعة؛ استوجبته طبيعة القصة الحكائية المعلن عنها، ولم يكن حوارًا نافرًا، وفائضًا عن حاجة الثيمة المطروحة في القصة. أما بخصوص استيحاءه التأريخ، فإنه لم يكن هناك أي استيحاء أو استدعاء للتاريخ، لا على مستوى الشخصيات، ولا على مستوى الأحداث، وجميع الشخصيات والأحداث اختلقها القاص، وهي من ابداعاته الخاصة، لكنه كتب قصته بطريقة تاريخية على غرار قصص ألف ليلة وليلة، وهو ما قصده بالشكل الحكائي، المنوه عنه في بداية القصة…).

حان دور قراءة السارد كاظم الشويلي الذي ركز على موضوع أنسنة الأشياء التي استخدمها الكاتب، ببراعة في كثير من قصصه، وركز على قصة (القفص) والحوار الشائق بين عائلة الطيور، وهي تمر في حادث مصيري، قد يكسبها حريتها المفقودة، أو البقاء المذل في القفص حتى النهاية، واختلاف المواقف وثمن المجازفة الذي أودى بحياة الأم في النهاية وهي إشارة رمزية لقيمة الحرية في حياتنا، واختلاف مصائرنا في صراعنا مع صعوبات الحياة. وتكمن براعة الكاتب في طرح الأسئلة والاجابة عليها في نهاية قصصه بطريقة الضربة القصصية. وأيد ما طرحة خضير الزيدي بشأن، تصنيف الكاتب لقصصه، وقد يربك القارئ؛ ما دفع الأديب علي شلش، فيما بعد التدخل قائلًا: ((ليس لنا الحق في فرض طريقة عرض القصص، وفرض الوصايا على الكاتب، بل أراها إضافة إبداعية، تنطوي على قدرة كبيرة للكاتب، وتمكنه الكتابة بكل تلك الطرق التي أعلن عنها، وحقق ببراعة وأسلوب متفرد ما أعلن عنه وأراده، أما بخصوص المتلقي، فلا أراه سيربك أو يسيء الفهم، ولا يحتاج الفهم إلى عناء كبير…)).

بعد الانتهاء من عرض القراءات النقدية، ردّ السارد سالم بخشي، ببراعة على النقاط التي أثيرت والتي أدرجناها مسبقًا في ثنايا التقرير أمام كل من النقاد وما طرح؛ زيادة في الفهم والامساك بخيط القراءات في لحظتها.

 

 

 

 

وقد نوه الأديب بخشي أن هناك ارباك وسوء فهم عند بعض المتحدثين اليوم؛ بسبب المدة القصيرة التي اتيحت لهم وهي (يومان فقط) لتقديم قراءة نقدية واعية عن مجموعة قصصية، تتجاوز السبع والعشرين ألف كلمة، وتتراوح كلمات القصص فيها بين ألف إلى أكثر من خمسة آلاف، كما في قصة المرآة.

المداخلات النقدية

ثم حان موعد المداخلات النقدية، فكان أول المتحدثين، الأستاذ المترجم، عباس عزيز علي، وقد أثنى على المجموعة القصصية، بالذات قصة (مارثون الجوع) والذي صنفها الكاتب ضمن القصص الساخرة، وتتكلم عن طالب مدرسة يموت جوعًا في نهاية القصة، وقد كتبت بطريقة الكوميديا السوداء… وقد بنى الكاتب قصته على واقعة حقيقية في إحدى مدارس محافظة ديالى، أيام الاقتتال الطائفي، وشحة الموارد.

لم تكن مداخلة الروائي ناهي العامري نقدية، بل مداخلة إنسانية تناول خلالها شخصية الكاتب وقال: ((يعتبر الأديب سالم المندلاوي من أعز الأصدقاء على قلبي؛ لما يحمله من إنسانية، وسماحة، وخلق رفيع. فرغم تدينه الظاهر، فهو لا يفرض أفكاره على الآخرين، ويستوعب الجميع، متجاوزًا ضيق الأفق والانغلاق الذي يصيب بهما عادة المتدينون، وبعيد عن الدجل الذي يصيب بعضهم، فهو يقول الحق ولو على نفسه، ولا يمضي في خصوماته بعيدًا، بل يسارع إلى الصلح والتسامح، ورغم تدينه فهو أقرب الأصدقاء إلى نفسي أنا العلماني، كونه متدين حضاري يعيش حياته بشغف ويعشق الموسيقى…

ثم حان دوري في الحديث، وتركزت مداخلتي النقدية حول نقطتين، أولهما إضافة إلى التحدي الذي يفرضه القاص بنجاح عبر تصنيفه لقصصه، فهي قصص تعليمة إن جاز التعبير، يمكن الاحتذاء بطريقة كتابتها في المستقبل، وهي تتناول جميع أشكال القصة التي ظهرت عبر التاريخ الثقافي البشري. ثانيًا تمكن الكاتب وعبر هذه القصص من تناول جميع ما مر بنا من حروب وكوارث وحصار وإرهاب وظلم الدكتاتور، وتقديمها بطرق وأشكال سردية متنوعة غاية في الاثارة والتشويق، وهناك دراسات نقدية رصينة تناولت المجموعة في وقت سابق لعل من أشهرها: دراسة الناقد الأكاديمي د. سمير خليل عبر عنوانه (جماليات المفارقة في قصص السمفونية المكوّرة) ودراسة الكاتب الموسوعي، لطيف عباس، والنقد المثابر حمدي العطار وآخرين..

وكان آخر المتحدثين الأستاذ رحيم الربيعي، مشيدًا بالمجموعة ومؤيدًا لما ذهب إليه القاص في تصنيف قصصه، التي أضافت قيمة سردية تجريبة جديدة، ثم تحدث عن قصة (السرّ البعيد) والتي صنفها الكاتب ضمن القصص التقليدية في كتابه، وهي تتحدث عن مأساة غرامية راح ضحيتها العاشق الولهان من طرف واحد، والذي يصطدم بزواج حبيبته من أخيه الكبير…

الختام

في نهاية الجلسة، شكر الأديب سالم بخشي، الحضور، والمشاركين، وجميع من أسهم في عقد، ونجاح الجلسة؛ رغم الأسبوع الأدبي المنصرم (بين ضفتي كتاب) المليء بالجلسات وتواقيع الكتاب وعرض الكتب في مبنى اتحاد الأدباء، ورغم اجهاد الجميع، وتشبعهم بجوا الكتب والكتاب، حضروا، وأقاموا الجلسة.

ثم قدم الأديب الشاعر منذر عبد الحر للأديب السارد سالم بخشي شهادة تقديرية عن اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين.

قد يعجبك ايضا