حدد خبراء إعلام منذ فترة طويلة أن مقدم البرنامج مسؤول عن كلام ضيوفه وعليه أن يختار من هم محل ثقة في القضية التي يتم مناقشته فيها عندما يخرج الأمر من نطاق التحليل إلى المعلومة وعليه مراجعته إذا أدلى بما يثير الرأي العام أو يأتي بخبير آخر يتصدى له. وهو أيضا غير مسؤول إذا كان كلام الضيف يخضع لمعايير الرأي فقط، والذي يحتمل الصواب أو الخطأ. وما حدث في أحد البرامج التي يقدمها إعلامي مصري أخيرا يخضع للجانبين معا
وكشفت الهجمة الإعلامية التي تعرض لها الإعلامي المصري عمرو أديب مقدم برنامج “الحكاية” على فضائية “إم. بي. سي- مصر” بسبب إدلاء أحد ضيوفه بمعلومات غير صحيحة تتعلق بالأمن القومي لأيّ درجة يمكن أن يتحمل المذيع المسؤولية تجاه ما يُدلي به ضيوفه من تصريحات، كونه المعني بضبط إيقاع الحلقة التلفزيونية .
وانفجر بركان من الغضب في بعض وسائل الإعلام عقب حلقة أذيعت في برنامج الحكاية عندما استضاف عمرو أديب الباحث المصري سمير غطاس وتحدث عن تنسيق بين مصر وإسرائيل لدخول أصحاب الجنسية المصرية من سكان قطاع غزة .
وبثت التصريحات على أنها معلومات يقينية ومؤكدة، فمثّلت صدمة لدى بعض الأوساط المصرية وأدت إلى غضب واسع، لأن غطاس أوحى للمشاهدين بأن القاهرة عاجزة عن إعادة مواطنيها العالقين في غزة على وقع الاعتداءات الإسرائيلية، وهو أمر نفته وزارة الخارجية عبر ثلاثة بيانات رسمية متواصلة، لتؤكد أن عودة المصريين من غزة، قرار مصري خالص .
وتفاعلت نقابة الإعلاميين في مصر مع الغضب الشعبي والرسمي والإعلامي، وأعلنت أنها تدرس توقيع عقوبات على الإعلامي عمرو أديب، لأنه خالف ميثاق الشرف، في ما انتفضت مواقع وصحف وقنوات عديدة ضده، وأوحت بأنه يروّج لخطاب مشبوه، وجرى تحميل المذيع مسؤولية التصريحات التي أدلي بها ضيفه في البرنامج
وعقّب الإعلامي عمرو أديب في تدوينات متكررة عبر حسابه الشخصي على منصة إكس مستنكرا الهجمة، وكان استغرابه أشد من التركيز عليه بالنقد الجارح دون أن تتطرق أيّ وسيلة إعلامية أو مسؤول للضيف نفسه .
ولذلك تركت الواقعة تساؤلات حول مسؤولية مقدم البرنامج عن شطحات ضيوفه، وهل يتحملها وحده أم أنها مشتركة مع الضيف الحاضر في البرنامج، سواء أكان مسؤولا أم خبيرا أو حتى شخصا عاديا، وما هي حدود المذيع وصلاحياته عندما يقوم الضيف بالإدلاء بتصريحات غير دقيقة وتمس قضية حساسة .
وقد يتحمل المذيع الجزء الأكبر من أخطاء ضيوفه في البرنامج، طالما أنهم يدلون بمعلومات ويقدمون تفسيرات لا ترتبط بصميم عملهم، فمن غير المنطقي أن يسمح مقدم البرنامج بأن يكون منبره متورطا في نشر معلومات وإذاعتها دون أن يتأكد منها، وليس من المهنية أن يكتفي بنسبها إلى من قالها من ضيوفه ويبرئ نفسه بأنه لم يأت على لسانه مثل هذا الكلام