صبحى ساله يي
مع إطلاق صافرة إنطلاق الحملة الدعائية لإنتخابات مجالس المحافظات المقبلة في العراق في 18 من الشهر الحالي، إتجهت الأنظار إلى البارتي الذي أعلن رسمياً نيّته خوض المنافسة في عدد من المحافظات، من بينها كركوك (قلب كوردستان) المختلطة قومياً ودينياً والمختلفة سياسياً.
لقد قالوا خطأً : لقد عاد البارتي (الحزب الديمقراطي الكوردستاني) الى مدينة كركوك. ولكن الصحيح هو أن البارتي لم يغادر كركوك وضمائر وجدان الكركوكيين حتى يعود اليها، والذي جرى هو أنه إستعاد، حسب إتفاق سياسي، مقراته التي تم الإستيلاء عليها عندما سقطت الأقنعة وتم خرق القانون والدستور والأعراف والقيم الديمقراطية.
نعم عاد الى مقراته ليتنافس مع القوى السياسية الكوردستانية والعراقية، لذلك أحسن أدائه وعبرعن نواياه بصدق وشجع جمهوره للمشاركة في الأنتخابات بكثافة وأظهر قدرته على ترتيب أوضاعه وتنسيق إستراتيجياته بهدوء وهو يحمل مبادئ الحرية والديمقراطية والعدالة والتسامح والتعايش الذي توارثه عن مؤسسه الخالد مصطفى البارزاني، وهو على يقين بأن الشعب الكركوكي بكورده وعربه وتركمانه ومسيحييه يجمعون على حبه وتقديره ويسيرون على نهجه الوطني الذي يعتبر مصدراً للفكر الإنساني الذي لا يحمل في طياته أية نزعة شوفينية أو عنصرية أو مذهبية، ويصوتون له في الانتخابات المحلية كما صوتوا له في الإنتخابات السابقة بسبب تاريخه الحافل بالفداء والبطولات والتضحيات وثوراته المتتالية وبصماته الواضحة ونتائج نضاله وإنجازاته خلال أكثر من ثلاثة أرباع قرن .
دخل التنافس الإنتخابي ورشح لعضوية قائمته الإنتخابية مرشحين أكفاء وأصحاب شهادات عليا من الكورد والعرب والتركمان، وراهن على قوى نسائية وشبابية في التأثير على مجريات العملية الانتخابية، وهذا يعكس الأهمية التي تحظى بها هذه الفئات لديه، وهذا الأمر جديد نسبياً في المشهد الانتخابي في هذه المحافظة المحرومة منذ سنوات من هذا الحق الدستوري، ولكنه ليس بجديد في تأريخ البارتي.
خلال أيام الحملة الدعائية، بدا ملحوظاً لدى المراقبين حالات الثقة بالنفس والإطمئنان النفسي عند أعضاء ومؤيدي هذا الحزب لقناعتهم بالفوز الأكيد، والسبب في ذلك يعود الى أن حزبهم متماسك يحظى بتأييد جماهيري واسع، ولا يعاني من تصدع أو خلاف داخل صفوفه، رغم التباين في بعض الرؤى والأفكار والإختلاف حول بعض القضايا، كما يعود الى أنهم على يقين بأن الناخب الكوردستاني الذي يتوجه نحو صندوق الإقتراع، سيختار حزبهم الذي يضمن لهم حرية التعبير والتعددية السياسية والعدالة الاجتماعية، ويحاول ترسيخ أسس القانون وحماية الأمن والإستقرار. وإنه سيختار الحزب الذي طوى إلى الأبد صفحات سياسات الإنكار للوجود الكوردي، وأثبت أن الشعب الكوردي من خلال ممارساته، أنه شعب يتطلع إلى الوئام والسلام وينبذ العنف والكراهية والإرهاب، وسيصوت للحزب الذي تعرض لهجمات وحملات شرسة من عدة أطراف، مع ذلك يوصي على الدوام أنصاره وأعضاءه، بالإبتعاد عن العنف والتشدد وبضبط النفس والالتزام بالسلوك الإنساني الحضاري والمدني.