الشروط المعطَّلة والمعيار غير المتحقّق

*فاضل ميراني
تحليل عينات منتظمة او عشوائية مأخوذة من الاداءات المركزية في صناعة القرار في عراق 2003، تكشف واقعا يبيح تخوفنا من مضامين في ذهنية و تحرك متصدين كثر و طامحين اكثر للتحكم بقيادة البلاد، وتجعلنا مستعدين دوما وعاملين على تفويت اي فرصة للانقلاب بما تبقى من صواب الهدف الذي اردناه لسلامة وجودنا في العراق منذ انبثاق حركة التحرر الكوردستانية التي من روادها الحزب الديمقراطي الكوردستاني.

ليس سرا ما تكشفه مراكز القرار الدولي و لا هو دعاية مكذوبة من ان تجربة الحكم في البلاد ومع كل التحجج بالتركة السابقة فهي بحالها المعاصر لم تنفصل عن العقلية القديمة في الهيمنة على القرار مع زيادة تمدد في السيطرة على المال العام و اندفاع للاستقواء بقوى اقليمية تؤمِّن مكسبا لقادة خطوطها العاملة في صناعة تفتيت السيادة او بواقي السيادة الوطنية.

الهوى او المزاج، اختر ما تشاء منهما و افهم ان النصوص الحاكمة من دستور و ما يولد منه لا بد ان يكونا غير مفروضين او حاضرين في التشريع و التنفيذ و الادارة، و الا فأن المعيار لن يتحقق و ذلك لخرق الشرط المؤدي لقيام المعيار اي النموذج المتحقق او المطلوب او المراد تحققه.

مع افتراض حسن النية او لنقل قلة التجربة التي توجب التعاضد و التوجيه من اصحاب الخبرة، اقول: مع هذا، فكل مؤشرات الواقع متراجعة عما كانت عليه قبلا، فالبرامج التي يجري تقديمها للنهوض او لمعالجة الاخطاء يجب ان تكون واقعية قابلة للتفيذ ملتفت لها بدءا لا مصادفة او دعاية، والمصارحة المطلوبة يوازيها او يتبعها عمل تصحيحي للخطأ، فالصمت بعد التشخيص و انعدام العلاج لا يعدو كونه إخبار بلا فائدة.

سلاح كيمياوي

عندما قصفنا قادة البلاد قبل 2003 بالسلاح الكيمياوي، لم نكتف بالاخبار عن الجريمة، بل تحركنا لمعالجة الاثار على مرارتها و صعوبتها، وعصرنا على الغدر و اخترنا مواطنتنا العراقية بنص لم نخالفه للوصول الى مواطنة تكون معيارا للحقوق و الواجبات.

جريمة الانفال و جرائم تخريب ارضنا و التنكيل بمواطنينا المنتمين لحركة التحرر و جرائم الاقتصاد و التثقيف الذي استهدف اجيالا لشعبنا، كل الجرائم لم تدفعنا لفتح سجلات قديمة و العمل عليها مثل الذين يتخذون من مزور التاريخ او مصطنعه او بعض حقيقته خميرة كسب فردي او فئوي، وليس كلامي هذا مدحا لنا بغير حق و لاذما لآخرين بباطل و هم يعرفون ماضيهم و ما صنعت ايديهم و تصنع و يدرون اننا ندري بهم و يدري غيرنا بنا و بهم.

عندما اتواصل و التقي بمواطنين عراقيين من داخل البلاد و على عمق امتداد مناطقهم و على تعدد مهنهم و تنوع اجيالهم و نتحاور في واقهم تبرز سريعا مسؤولية مباشرة للاداء الرسمي عن تقلص المواطنة بحقوقها و اتساع التزامات و واجبات ليست من الدستور بشيء، وهم اي المواطنون يعاتبون و يهاجمون و يعيبون على الجميع بلا استثناء انهم هم سبب الخوف و سبب الفقر و الجهل و الازمات وارتدادها.

حتى القلة المرفهة تحاول ان تجد مكانا آمنا لها بعيدا عن سيطرة محتم بالقانون يخرقه بتلقي الرشى او بالكسب بسيطرة السلاح.

لا الومهم و لن يجدي لومي لهم شيئا، فالدفاع عن الخطأ المقصود ليس من الحكمة بمكان. تبريره او الخطأ غير المقصود بلا حل يعيد الامر لصوابه سيكون مرا على فرد لا تراعاه دولته وتوفر له مواطنة محترمة.

بعد تحرير الكويت و ردا على انتفاضة شعبنا تحرك النظام علينا بحملات صددناها و قام اغلب ابناء شعبنا بمسيرة هجرة نحو الحدود بعفوية تختصر ان المواطنة لا تعني ان الدولة تتحرك بنظام و تنظيم غايته تكبيل الايدي و خنق الرقاب لنكون وقود سلطة ما تحيينا متى عفت و تقتلنا متى اشتهت، ولذا فأن المعيار السابق سقط، وقد سقط بالشروط التي وضعتها عقلية اخضعت نصوصها للهوى او المزاج، فأنتقت و اهملت، وكان ماكان في 2003.

نحن ننظر الى الذين يغلفون افعالهم بحق العراقيين ومنهم مواطنو كوردستان نظرتنا لمن ازاحته قوى التغيير، و ندري ان الذين حولوا العراق لمنجم تكسب كيف سيغادرون ليبرروا الفشل بألقاء المسؤولية على غيرهم. هذا الامر لو ادركه المواطن الطامح لمواطنة رصينة فقد تكون مساهمته في اختيار ممثله كفيلة بتقليل اثار الخسارة.

*مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني.

قد يعجبك ايضا