صادق الازرقي
يشدد خبراء الصحة والبيئة على ان زراعة الخضروات في الفناء الخلفي للمنزل الخاص، يساعد في تقليل تلوث هواء البيت، كما يلفتون الى ان زراعة الأشجار بشتى انواعها تساعد أيضا في تقليل تلوث الهواء وتمنح مزيدا من الأوكسجين النقي.
ويحذر الخبراء من انه إذا استمرت إزالة الغابات بمعدل حدوثها الكبير الحالي فضلا عن الحرائق، فلن يتبقى لدينا الكثير من الغابات القيمة، الضرورية لتنقية اجواء مجمل الكرة الارضية.
وفي العراق، يلاحظ منذ مدة تزايد اللجوء الى السكن العشوائي بفعل حاجة السكان بسبب الفقر، ويجرى تجريف اراض زراعية بمساحات كبيرة لأغراض السكن؛ كما ان الحدائق المنزلية الامامية والخلفية التي كان معمولا بها في السابق تكاد تختفي؛ وفي هذا يقول المتخصصون ان الطلب المتزايد على التوسع في المدن وبناء المدن والطرق والجسور، لاسيما تلك التي تنفذ من دون خطط، جنبا إلى جنب مع النمو السكاني المتزايد باستمرار، يؤدي الى تغيير الانسان للبيئة والتأثير سلبا على أماكن المعيشة الطبيعية، ما يؤدي إلى حدوث تغييرات كبيرة في النظام البيئي.
ويستدركون ان المدن توفر فرصا لتقليل نسبة الفقر وتحسين نوعية الحياة، إلّا أنها أيضا قوة دافعة للتدهور البيئي، والآثار المرتبطة به على صحة الإنسان وسُبل المعيشة، ولذلك فإن لبناء المدن دورٌ حاسم في مواجهة تغيُّر المناخ والتلوث وفقدان التنوع البيولوجي.
نقول، ان العلاج لذلك التدهور والسيطرة على الانظمة البيئية وتجنب تدهورها يحتم على الجهات المعنية بالتخطيط العمراني اللجوء الى المدن الشاملة، وتجنب الابنية او المجمعات السكنية العشوائية، ومن الضروري هنا اللجوء الى التخطيط للسكن وتنفيذه في أطراف المدن مع توفير المساحات الخضر المطلوبة واشتراط توفرها في كل مجمع سكني.
ان ذلك الامر يعد حيويا ومفصليا لسببين اولا، انه يعمل على تثبيت التربة في أطراف المدن فكثير منها هشة وصحراوية عادة ما تنطلق منها العواصف الترابية، فيما تعمل المناطق الخضر التي تنفذ في تلك المدن على توفير بيئة ملائمة لتحسين الجو ليس في تلك المجمعات فحسب بل في جميع المناطق المحيطة ايضا.
وإذا كان الحديث يدور عن اشكالية البناء المتواصل والتدهور البيئي، فإننا بالتخطيط والتنفيذ السليمين نكون قد وفرنا السكن للفقراء من جهة، ونظمنا شؤون البيئة وحمايتها من جهة اخرى.
الخلاصة، ان السكن حاجة رئيسة لا يمكن الاستغناء عنها لإدامة حياة الناس لاسيما ذوي الدخل المحدود والفقراء، ولكن يتوجب ان ينظم ذلك بخطط حكومية محكمة تقترن فيها الحاجة الى السكن بضرورات الحفاظ على البيئة وتحسين صحة الانسان، وفي تلك الخطط يجب ان توضع خرائط تبرز فيها الحدائق العامة والمتنزهات، ولا بد كذلك ان يصار الى تشجيع السكان على انشاء حدائق منزلية حتى إذا كانت صغيرة وتزويدها بالمستلزمات المطلوبة.
كما يتوجب في هذا المضمار لجوء الجهات المعنية في الحكومة الى تخصيص الاراضي في المناطق المفتوحة بخاصة في أطراف المدن، ووضع خطط الخدمات المطلوبة لها وتنفيذها، لتشجيع الجميع على السكن في تلك المناطق وليس مثلما يحدث حاليا حين يفضل الناس السكن في مراكز المدن وعدم المبالاة بأحوال البيئة المتدهورة وتأثيرها على صحتهم.