شيركو حبيب
رغم أن إقليم كوردستان ليس دولة، إلا أنه كان حاضرا بمؤتمر الأمم المتحدة الثامن والعشرين لتغير المناخ المنعقد في دبي بين 30 نوفمبر و 12 ديسمبر، والمعروف ب “cop-28″، عبر وفد رسمي عالي المستوى، على رأسه رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني و دولة رئيس الوزراء مسرور بارزاني.
على هامش قمة المناخ التقى قادة كوردستان بالعديد من الملوك و الزعماء والرؤساء والساسة المشاركين، لبحث العديد من المواضيع المشتركة، وهي لقاءات قد تدعم وتقوي كوردستان وتحقق مزيدا من التقارب مع الإقليم على أساس المصالح المشتركة.
بين هذه اللقاءات الأهم والأكثر ارتياحا، لقاء فخامة رئيس الإقليم و دولة رئيس الوزراء مع فخامة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والذي مثل تجديدا وتطويرا للعلاقات التأريخية بين أربيل والقاهرة، حيث يتطلع الشعب الكوردي إلى تعاون أكبر على كافة المستويات مع مصر الشقيقة المتميزة تأريخيا بمواقفها المشرفة تجاه الشعب الكوردي وحقوقه القومية والدستورية، بجانب نهضتها المعاصرة التي تتأكد على أرض الواقع وتكتسب ثقة المستثمرين في مختلف القطاعات، في بيئة تشريعية متطورة ومجتمع يتنعم بالأمن والأمان.
هذه العلاقات التاريخية الممتدة بين الشعبين الشقيقين عززتها مواقف القيادة المصرية في مختلف مراحل التاريخ الحديث والمعاصر، حيث بنت ثقت كوردية عالية بثوابت السياسة المصرية الخارجية التي يميزها احترام الحقوق القومية للشعوب والأعراق وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول أو خلط الأوراق في ظل ظروف ملتبسة، ناهيك عن مواقف قادتها التاريخيين خاصة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر والرئيس الراحل حسني مبارك، وامتداد هذه الثوابت حتى عهد الرئيس السيسي ضمن سياسات الجمهورية الجديدة في مصر، فلا أحد ينسى موقفه الداعم للحقوق القومية والدستورية للشعب الكوردي خلال تصريحه بمؤتمر الشباب بشرم الشيخ قبل أربع سنوات.
مع مصر في عهد الرئيس السيسي؛ تستطيع أربيل والقاهرة بناء علاقات تعاون أكبر على المستوى الاقتصادي بالأخص، بجانب تبادل الخبرات في مجالات الأمن والتطوير المؤسسي والتشريعي والتبادل التجاري والتنسيق السياحي والابتعاث الدراسي والبحث العلمي أيضا، ولا يمكن تجاهل حقيقة التواصل الثقافي والفني والإعلامي بين الجانبين خلال عقود طويلة، ناهيك عن قدرة أحزاب الإقليم وأولها الديمقراطي الكوردستاني بزعامة الزعيم مسعود بارزاني على خلق بيئة تواصل سياسي مشتركة ناجحة على المستويين النخبوي والشعبي.
في دبي بداية لعلاقات “زينة” بين أربيل والقاهرة كما قال الرئيس عبد الفتاح السيسي للرئيس بارزاني “أنت دائما زين”، وهي كلمات يدرك علماء السياسة عمقها وجاذبيتها وإشاراتها الأبعد، والتي تعني أن العلاقات بين الجانبين تستحق تقدما أكبر تحقيقا لمصالح أعلى تبحث عنها شعوب المنطقة كافة في لقاءات زعمائها، وأظن أنه آن الأوان للبدء في إتخاذ قرارات وتبادل زيارات بين حكومتي أربيل والقاهرة لترجمة ما يكمن في هذه الروح بين الرئيسين التي بدت على قمة عابرة جمعتهما في دبي.
أملي كبير كبقية الكورد وشعب الإقليم، في تحقيق أهداف مشتركة وتوقيع اتفاقيات تعاون متعددة بين أربيل والقاهرة برعاية بارزاني والسيسي، ولا أبالغ إن قلت إنها خطوات ممكنة والطريق مفتوح أمام ما هو أكبر من مجرد مشروعات واستثمارات مشتركة هنا أو هناك، فمصر لديها الكثير من الإمكانيات وكوردستان به العديد من الفرص الواعدة في ظل نهضته المعاصرة، ربما تحمل الأيام المقبلة خيرا للجميع، بعدما تنتهي مصر من عرسها الديمقراطي الجديد وتنتخب رئيسها مجددا، بينما يستعد إقليم كوردستان لعرس ديمقراطي مشابه خلال الاشهر المقبلة.
*زين كلمة باللهجة العراقية تعني جيد -كويس