ارهاصات بيئية .. في سبيل بيئة مدرسية نظيفة

 

صادق الازرقي

تشكل عملية خلق بيئة مدرسية نظيفة بوابة مفصلية للارتقاء بالإنسان، اذ انها تمثل مواجهته الاولى للحياة بشتى مظاهرها الاجتماعية والعلمية، التي تنعكس حتما على المراحل العمرية التي تترافق مع المراحل الدراسية اللاحقة او حياة الطالب المقبلة ومستقبله.

وفي شهر آذار 2023 أفاد تقرير لمنظمة الأمم المتحدة بتواجد أكثـر من 7 ملايين طالب لا يحصلون على مياه نظيفة في العراق، مبينا أن “هناك كثيرا من مدارس ومستشفيات وبنى تحتية حيوية أخرى هي في وضعية سيئة ومتضررة او متردية. وكان لذلك تأثير سلبي كبير على الأطفال”.

وطالب التقرير، العراق بالعمل بجد لتحسين نوعية بيئته التعليمية والبنى التحتية لمدارسه من منشآت وملحقات ونوعية تعليم وتدريس وتقديم الدعم للأطفال في جميع انحاء البلاد، اذ ان الافتقار الى بنى تحتية مدرسية يعد مشكلة تعوق التعليم، هذا فضلا عن الاكتظاظ الحاصل بعدد الطلاب في المدارس وغيرها من المشكلات تمنع تحقق بيئة سليمة لمواصلة عملية التعليم بصورة لائقة.

اما مدير برنامج الماء والإصحاح البيئي في منظمة اليونيسف في العراق، فقال في نهاية شهر ايلول الماضي أن مسحاً شمل أكثر من 9 آلاف مدرسة بيّن أن 50% من المدارس في العراق لا تتوفر فيها مياه صالحة للشرب.

ولفت الى عدم تواجد المرافق الآمنة والنظيفة لدى كثير من المدارس، وذلك أحد الأسباب التي أدت إلى عزوف الطلاب عن الدراسة وبخاصة البنات في سن المراهقة بمرحلتي المتوسطة والثانوية، على حد وصفه.

ويمكننا الاشارة هنا الى الفروقات بين المدارس الحكومية والاهلية في مضمار خلق البيئة الملائمة للتلميذ لتشجيعه على الدراسة من ناحية توفر المياه والمرافق الصحية والخدمات؛ وهذا ظلم كبير بحق الجيل الجديد، اذ يفترض ان تكون المدارس الحكومية هي القدوة نظرا لتوفر الاموال المطلوبة لدى الحكومة لإدامة متطلبات الحياة الدراسية، لا ان نرى التلاميذ وهم يجلبون قناني المياه من منازلهم او يشترونها من المحال، وبعضهم يجلب الصابون ومساحيق الغسيل.

ولن نتحدث هنا عن الصحة المدرسية وإنشاء بيئة تغذية سليمة وتجنيب التلاميذ اللجوء الى شراء وجبتهم الغذائية من الباعة الجائلين، تجنبا للمخاطر الصحية والجسمية الناجمة عن ذلك.

تفرد دول العالم برامج خاصة لتحسين البيئة المدرسية لاسيما في مجال الخدمات، وبخاصة فيما يتعلق بتوفير ماء الشرب النظيف ومياه الاغتسال والمرافق الصحية من اجل خلق بيئة دراسية ملائمة، فما الضير من وضع براد ماء في كل فصل دراسي، وما الذي يكلفه مد شبكات المياه وتوفير المغاسل والمستلزمات الصحية الخاصة باستعمالها ومن ذلك مطهرات التنظيف والصابون؟ ولن نقول أكثر من ذلك لأن تلك الأمور يفترض ان يكون توفيرها عملية اعتيادية تتكفل بها الجهات المعنية لتأمين بيئة دراسية وحياتية سليمة لأبنائنا التلاميذ.

ويحق لنا التساؤل هنا، هل يقبل المسؤولون التنفيذيون في البلد بشتى مهامهم، ان يذهب اطفالهم الى مدارس مكتظة بلا ماء للشرب ولا مرافق صحية للاستعمال، وان يضطروا حين يشعرون بالجوع الى الشارع، بدلا من انشاء الحوانيت اللائقة، التي كان معمولا بها في أزمان سابقة، ناهيك عن غياب التغذية المدرسية التي تشد التلميذ الى بيئته الدراسية وتعززها.      

قد يعجبك ايضا