متابعة ـ التآخي
حذر الامين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش من أنّ “الاتجاهات الحالية تقود كوكبنا إلى ارتفاع حتمي في درجات الحرارة بمقدار ثلاث درجات مئوية”، فيما يتوقع علماء حدوث عدة كوارث عند ارتفاع درجات الحرارة، كذوبان الصفائح الجليدية وجفاف غابات الأمازون المطيرة.
وأظهر تقرير صادر عن الأمم المتحدة يوم الاثنين 20 تشرين الثاني 2023، أن التعهدات الحالية للدول المتعلقة بالانبعاثات ومواجهة تغير المناخ لا تزال تنذر بارتفاع درجات الحرارة في العالم نحو ثلاث درجات مئوية في هذا القرن.
وأشار تقرير فجوة الانبعاثات السنوي إلى أن العالم في طريقه ليشهد ارتفاعا في درجات الحرارة بين 2.5 و2.9 درجة مئوية أعلى من مستويات ما قبل عصر الصناعة إذا لم تعمل الحكومات على دعم العمل المناخي.
ويتوقع العلماء أن يشهد العالم عدة كوارث عند ارتفاع درجات الحرارة بمقدار ثلاث درجات مئوية، بدءا من ذوبان الصفائح الجليدية إلى جفاف غابات الأمازون المطيرة.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش “الاتجاهات الحالية تقود كوكبنا إلى ارتفاع حتمي في درجات الحرارة بمقدار ثلاث درجات مئوية”. وأضاف “على القادة مضاعفة جهودهم في شكل استثنائي، مع طموحات قياسية وخطوات قياسية وحد قياسي للانبعاثات”.
وشدد أمام الصحفيين على أنّ “هذا يتطلب انتزاع الجذور السامة للأزمة المناخية: الوقود الأحفوري”.
وأبدى التقرير الذي نشر قلقا حيال “تسارع” عدد الأرقام القياسية التي جرى تحطيمها على جبهة المناخ.
وبات شبه مؤكد أن 2023 هو العام الأكثر سخونة على الإطلاق في العالم، وفقًا لبيانات مرصد كوبرنيكوس الأوروبي.
وتعكس هذه التوقعات القاتمة أيضا خطر تجاوز أهداف اتفاق باريس للعام 2015 بشكل كبير، الذي يطمح إلى إبقاء الزيادة في معدل درجة الحرارة العالمية “أقل بكثير من درجتين مئويتين” ومواصلة الجهود بحيث لا تتجاوز 1,5 درجة مئوية.
ويقول برنامج الأمم المتحدة للبيئة “في السيناريو الأكثر تفاؤلاً، فإن احتمال الحد من ارتفاع درجة الحرارة بحيث لا يتجاوز 1,5 درجة مئوية هو 14% فقط”.
وقالت إنغر أندرسن، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، “لدينا عمل كثير نقوم به لأننا لسنا راهنا على الإطلاق في المكان الذي ينبغي أن نكون فيه”، و”علينا أن نخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بشكل هائل”.
ومع اقتراب موعد انعقاد مؤتمر كوب 28، أبدت أندرسن تفاؤلها بأن “البلدان والوفود تدرك أنه برغم الانقسامات العميقة القائمة التي لا يمكن إنكارها، فإن البيئة والمناخ لن ينتظرا، ولا يمكننا أخذ استراحة”.
وسيجتمع قادة العالم قريبا في دبي لحضور مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 28) من أجل الحفاظ على الهدف الذي نصت عليه اتفاقية باريس المتمثل في منع درجة الحرارة العالمية من الارتفاع أكثر من 1.5 درجة.
وتخطت درجات الحرارة الصيف الماضي، في نصف الكرة الشمالي أرقاما قياسيا مع اشتداد موجة الحر التي اجتاحت أوروبا والولايات المتحدة والصين واليابان وعدد من الدول في الشرق الأوسط.
ففي الصين، أفادت وسائل إعلام محلية بأن درجات الحرارة تجاوزت 52 درجة مئوية في شمال غربي البلاد فيما أصدرت السلطات اليابانية تنبيهات باحتمال حدوث ضربات شمس مع الدعوة للحماية من درجات الحرارة الحارقة.
أما في الولايات المتحدة، فأصبح أكثر من 80 مليون شخص تحت تأثير الحرارة الشديدة، فيما توفي عامل نظافة في إسبانيا إثر تعرضه لضربة شمس خلال عمله في الشوارع.
يشار إلى أن دراسة نشرتها مؤخرا مجلة “استدامة الطبيعة” في أيار الماضي، ذكرت أن درجات الحرارة على مستوى العالم سوف ترتفع بأكثر من 1.5 درجة مئوية على مدار الخمسين عاما المقبلة. ويجري تصنيف الطقس الحار بداية من بلوغ متوسط درجة الحرارة السنوية نحو 29 درجة مئوية.
وأضافت الدراسة أنه في حال استمرار ارتفاع درجات الحرارة على هذا المنوال، وهو سيناريو محتمل في ظل التقاعس عن حلول جذرية لظاهرة الاحتباس الحراري، فإن نحو 3.3 مليار شخص سوف يتعين عليهم التعرض لدرجات حرارة قصوى بحلول نهاية القرن.
وكشفت الدراسة التي أجراها علماء من جامعة إكستر البريطانية وجامعة نانجينغ الصينية، عن أن 60 مليون شخص يتعرضون بالفعل لمستويات حرارة خطيرة تبلغ في المتوسط أكثر من 29 درجة مئوية.
الجدير بالذكر أن العالم يشهد في الوقت الراهن ارتفاعا فعليا في درجات الحرارة بمقدار 1.1 درجة مئوية فوق المستوى؛ وعلى الصعيد العالمي، كان متوسط درجة حرارة الهواء على سطح الأرض في تشرين الأول الماضي، أكثر ارتفاعا بمقدار 1.7 درجة مئوية مقارنة بالشهر ذاته في المدة من 1850 إلى 1900 التي يعرفها مرصد كوبرنيكوس بأنها فترة ما قبل الصناعة.
ويقول المرصد في بيان إن تحطيم شهر تشرين الأول الرقم القياسي يعني أنه “من شبه المؤكد” أن 2023 العام الأكثر ارتفاعا في درجات الحرارة الذي يجري تسجيله. وكان الرقم القياسي السابق من نصيب عام 2016 الذي شهد ظاهرة نينيو أخرى.
ويقول بيرس فورستر، عالم المناخ في جامعة ليدز “يجب ألا نسمح بأن تكون الفيضانات المدمرة وحرائق الغابات والعواصف وموجات الحر التي شهدناها هذا العام هي الوضع الطبيعي الجديد”.