أين ذهبت الأخبار                           

 

كرم نعمة

تكاد شهادة ناديا خومامي نائبة رئيس قسم الأخبار في صحيفة الغارديان البريطانية تكون مثالا متميزا للتأمل فيها بالنسبة إلى جيل من الصحافيين في العالم العربي، يمثلون في حقيقة الأمر خيبة لولا الأمل الذي تقدمه نسبة أخرى من الشباب يبرعون في صناعة الأفكار .

فناديا على قلة تجربتها الصحافية التي تمتد على أعوام معدودة، تتبوأ موقعا في غاية الأهمية بواحدة من أعرق الصحف البريطانية، كنائبة لرئيس قسم الأخبار

وعندما نتحدث عن الأخبار، علينا أن ندرك أن بلدان العالم برمتها لا تتوقف عن توزيع كم هائل من القصص الإخبارية على مدار الساعة، وعلى الصحافي أن يفرز أهمية هذه القصص بالنسبة إلى القراء .

والغارديان معنية بالخبر الدولي مثل عنايتها بالخبر المحلي البريطاني، فهي تخصص نافذة كاملة لأخبار الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مثلما تخصص نوافذ لبقية جهات العالم. وهنا يبرز السؤال عن قدرة الصحافي على الإلمام بمعرفة ما يحدث في هذا العالم لتقديم قصة بمحتوى متميز للقارئ، لا يتركها بمجرد إكمال الفقرة الأولى .

بدا لي من الأهمية بمكان أن أعرض على الزملاء في العالم العربي تجربة هذه الزميلة البريطانية، بعد أن يتم يوميا كسر الدرس الأول في جوهر الصحافة في وسائل الإعلام العربية، دعك من الدروس الأهم التي ما عاد يتم الالتفات إليها من “مشاهير” القنوات الفضائية، ويا لخيبة الجمهور العربي .

اختارت ناديا أن تقارن تجربتها بصحافية ترأست قسم الأخبار في الصحيفة نفسها في ستينات القرن الماضي اسمها جين ستيد ..

ويمكن لأي صحافي أن يجد له معادلا موضوعيا يتخذه مثالا متميزا لتجربته. بالنسبة إلي عندما تقلدت رئاسة قسم في صحيفة الجمهورية البغدادية قبل أكثر من ربع قرن، سألني أحد الزملاء الذي يكبرني تجربة وعمرا: هل تعرف من جلس قبلك في هذا المكتب؟

كنت أعرف أغلبهم، وعندما التقيت بأحدهم بعد أكثر من عقدين في لندن أعدت عليه نفس السؤال لتأكيد أهميته بالنسبة إلى الجيل اللاحق، فرد عليّ بثناء غير متوقع .

التكنولوجيا غيرت صناعة الصحافة، لكن الأخبار مازالت بحاجة إلى عقل ملهم لا يعول على التكنولوجيا في مساعدته على التفكير والأخبار صناعة، وتحتاج إلى تطوير وليس الاكتفاء بفكرة موتها تحت وطأة سرعة تداولها على الإنترنت .

قد يعجبك ايضا