البارزانيون تاريخ من النضال المشرف

 

 

 

الباحث : سردار علي سنجاري

الجزء الثاني

تحدثنا في الجزء الأول عن مرحلة مابعد سنة ١٩٦٦ حتى بيان ١١ آذار ١٩٧٠ ومارافق تلك الفترة من تجاوزات من طرف الحكومة العراقية باتجاه القيادة الكوردية وشخص الزعيم الكوردي المُلا مصطفى البارزاني  .. وما تم الاتفاق عليه بخصوص مدينة كركوك ……

 

ولكن الحكومة العراقية وصدام حسين يبدو كانت نيتهم كسب الوقت لتعزيز قدراتهم العسكرية وإبرام الاتفاقيات الدولية وبالأخص مع الاتحاد السوفيتي  لشراء الأسلحة وتطوير القدرات القتالية لمواجهة البارزاني  اذ حاول ان يقوم بثورة ضدهم بعد انتهاء المهلة المحددة لتنفيذ بنود اتفاقية آذار . وهذا ما حصل بعد انتهاء المهلة المحددة للبت في موضوع كركوك تنصلت الحكومة العراقية ، وأخذت باستخدام لغة التهديد والوعيد ، عندها قال البارزاني الخالد كلمته المشهورة ( كركوك قلب كوردستان.. ولن نتنازل عنها سوف نقاتل من اجلها ولا تقول عنا الأجيال ان المُلا مصطفى البارزاني تنازل عن شبر من ارض كوردستان ومنها كركوك ).

 

 

 

عندها بدأت الطائرات الحربية العراقية بقصف المناطق الكوردية في تلك الأحداث التحق بعض القادة الكورد ببغداد ومنهم من كان موجودا ولم تسمح له الحكومة العراقية بالالتحاق بالثورة والبارزاني ومنهم الشهيد المعلم صالح اليوسفي وعائلته والشهيد سامي عبد الرحمن الذي كانت عائلته في تلك الفترة في بغداد حيث كان الشهيد المرحوم سامي يشغل منصب وزير الدولة لشؤون الشمال . وقد تحدثت السيدة زوزان اليوسفي في مذكراتها الى تلك الحقبة وكيف تم مضايقتهم من قبل ازلام النظام الصدامي قبل وفي طريق العودة من بغداد الى كوردستان.

 

“بعد انتكاسة ثورة أيلول والانشقاقات في صفوف الحزب، استمر البارزانيون في اعادة تنظيم القاعدة الجماهيرية وايقاد شعلة ثورة جديدة اطلق عليها اسم  ثورة كولان المباركة وكانت هذه الثورة بقيادة الشهيد الخالد إدريس البارزاني و فخامة الرئيس  مسعود البارزاني”

 

 

وبقى مع البارزاني بعض القيادة الموالية له مع البارزانيين الذين كانوا دوما اوفياء له ولنهجه ومن العشائر والمناطق الاخرى ،وعندما اشتدت المعارك وبدا البارزاني الخالد يحث قواته على الصمود والقتال كانت الدول الكبرى مع الدبلوماسية العراقية تتحرك لإنهاء الثورة الكوردية وانهاء أسطورة المُلا مصطفى البارزاني وثورته  . ولم تكن امام تلك الدول الا الوصول الى شاه ايران الذي كان داعما كبيرا للثورة الكوردية آنذاك لحثه عن إنهاء مساندته للبارزاني وثورته مقابل تنازلات عراقية له عن شط العرب . وبالفعل تم في الجزائر في مارس من عام ١٩٧٥ توقیع اتفاقا بين العراق وإيران بحضور صدام حسين الذي كان نائبا لرئيس الجمهورية وشاه ايران و بحضور الرئيس الحزائري الأسبق هواري بومدين ، وتم  بموجبه تنازل العراق عن جزء من أراضيه في شط العرب مقابل إيقاف ايران مساعدتها للبارزاني والقضاء على ثورة أيلول المجيدة . تلك الحقبة كانت من اصعب الحقب على شعبنا الكوردي والتي تم فيها لجوء الاف العوائل الكوردية الى ايران وخروج البارزاني الخالد من كوردستان التي طالما ناضل وضحى وقام بثورات من اجل ان ينعم شعبه بالحرية والكرامة ولكن الغدر والخيانة كانت دوما سبب انتكاسة ثورات  الشعب الكوردي وبالذات ما يتعلق بالقيادة البارزانية التي حاول وتحاول العديد من الأطراف ان تنهي أسطورتها بشتى الطرق والوسائل .

 

لم تثني تلك الخيانات البارزانيين فأعادوا تنظيم صفوفهم رغم الانشقاقات التي حصلت بعد انتكاسة ثورة أيلول المجيدة ، حيث انشقت بعض الشخصيات القيادية الكبيرة عن الحزب الديمقراطي الكوردستاني وشكلت احزاب كوردية جديدة كان البعض منها قريبا من نهج البارزاني الخالد والحزب الديمقراطي الكوردستاني والبعض منها كانت أفكاره اشتراكية ولكنها حافظت على علاقتها الجيدة مع شخص البارزاني ومنها من سلك دربا  مغايرا لنهج البارزاني . استمر البارزانيون بعد انتكاسة أيلول والانشقاقات التي ذكرتها بثورة جديدة اطلق عليها اسم  ثورة كولان المباركة وكانت هذه الثورة بقيادة الشهيد الخالد إدريس البارزاني و السيد الرئيس  مسعود البارزاني .

 

التفت عشيرة بارزان خلف قيادة نجلي البارزاني الخالد لاستمرارية الثورة الكوردية وإعادة صفوفها من جديد . في الوقت الذي كان غالبية رؤوساء العشائر الكوردية يتمتعون بالمزايا الصدامية من مسؤوليات في الوزارات والمجلس الوطني والدوائر الحكومية والسلك الدبلوماسي والبعض منهم  حمل السلاح وقاتل البارزانيين وانضموا الى الأفواج الشعبية كما سميت انذاك  بالجيش الشعبي  تحت اشراف الجيش العراقي . بينما كانت عشيرة بارزان تقبع تحت ضربات الأسلحة العراقية ليلا نهارا وتتعرض مناطقهم بشكل ممنهج للدمار . وكانت عائلة البارزاني الخالد في ايران  مقيدة بشروط فرضها عليهم شاه ايران قبل انتصار الثورة الإسلامية بقيادة الامام ايه الله الخميني . وفي الحقبتين دفع البارزانيون الكثير من التضحيات من اجل عودة الثورة الكوردية من جديد وانهاء الحالة المذلة للشعب الذي بدا يعاني من السياسات القمعية لنظام صدام حسين وتضيق الخناق على الشعب الكوردي .

 

 

 

 

 

“في الوقت الذي كان عدد من رؤساء العشائر الكوردية يتمتعون بمزايا نظام البعث من مسؤوليات في الوزارات والمجلس الوطني والدوائر الحكومية والسلك الدبلوماسي، كانت قرى ومناطق عشيرة بارزان تواجه الدمارالممنهج بفعل استمرار قصف طائرات ومدفعية الجيش العراقي لها”

 

 

وعندما اندلعت الحرب العراقية الإيرانية كان البارزانيون في ايران التي حاولت جاهدة استخدامهم كاداة ضد الجيش العراقي الا انهم رفضوا وحاولو بالرغم من كل المعاناة والجرائم الصدامية ان يتوصلوا الى اتفاق مع العراق لتجنب العراق ومناطق كوردستان ويلات الحرب ، ولكن الغرور الذي اصاب القيادة العراقية حال دون التوصل الى اَي اتفاق مع الثورة الكوردية . وعندها كان لابد من ان يتم تحرير بعض المناطق الكوردية التي تقع تحت سيطرة الجيش العراقي . وقعت عدة معارك شرسة استطاعت قوات البيشمركة من السيطرة على الكثير من المناطق وتحريرها ونقل قواتهم الى العمق الكوردي في كوردستان ، ما دفع  صدام حسين باتهام البارزانيين بالخيانة معتقدا وحسب ما تم إعلانه  ان القوات الكوردية البيشمه ركة والبارزانيين اعادوا انتشارهم وسيطرتهم على المناطق الحدودية الكوردية، ما دفعه الى إصدار حكم بإعدام  كافة  افراد ابناء الملا مصطفى البارزاني المتواجدين  في بغداد مع ابنائهم وتم تنفيذ حكم الإعدام بثلاثين فرداً من اشقاء السيد مسعود البارزاني وابنائهم في ليلة واحدة . ولم يكتفي النظام الديكتاتوري الصدامي بذلك بل امر قواته بأعتقال كافة الشباب البارزانيين الذين تجاوزوا سن  الثامنة  عشر فما فوق وقيدهم الى الصحراء وتم تنفيذ احكام الإعدام بهم جميعا في مقابر جماعية في الصحراء العراقية ، وبلغ عدد الشهداء من عشيرة بارزان خلال تلك الفترة حوالي ٨٠٠٠ ثمانية الآلاف شهيد  . هذه هي عشيرة بارزان التي تبنت الثورة الكوردية منذ بداياتها وتحملت كل الصعاب والمشقات والويلات من اجل ان ينعم الشعب الكوردي بالسلام والكرامة . بالمقابل كانت أفواج من العشائر الكوردية المعادية تحمل السلاح وتقاتل جنبا الى جنب مع النظام الصدامي  المقبور .. يتبع

قد يعجبك ايضا