حكومة السوداني في العراق…تقييم موضوعي

محمد حسن الساعدي

يهاجم الذين يستهدفون حكومة السيد السوداني، مدعين بأنها حكومة الاطار التنسيقي، وانها جاءت بفرض الأخير، والواقع يؤكد أن هذه الحكومة ولدت من رحم التحالف الثلاثي، الذي جمع القوى السياسية(السنية-الشيعية-الكردية)..

هذا سيدفعنا لتثبيت أن أي نجاح لهذه الحكومة فسوف يكون نجاح للكل، والفشل كذلك من نصيب الكل، ورغم كل الجهود المبذولة، والتي يمكن تميزها وليس من المنطقي إنكارها، لكن ما زالت هناك عقبات تقف عائقاً، أمام أي تقدم لهذه الحكومة، وأهمها الفساد المستشري في مؤسسات الدولة كافة، والمتكئ على المحاصصة التي أفقدت النظام السياسي قوته، وجعلته يقف عائقاً أمام تسلط الأحزاب النافذة، التي أمست أكثر قدرة في التحكم بالنظام السياسي.

أصبح ملف تقديم الخدمات يشكّل أزمة حقيقية للحكومات السابقة، بسبب مافيات الفساد وعمليات النصب والاحتيال، في مختلف العقود والمشاريع، بالإضافة لغياب الارادة السياسية، في تقديم الخدمة للشعب، لذلك ومنذ تسلم السوداني رئاسة الوزراء، بعد مخاض عسير رافق تشكيل الحكومة، وهي تسعى لأن تكون لها بصمة يراها المواطن، فذهب نحو ملف الخدمات، ليكون نقطة انطلاقة نحو التغيير والتطوير، فعمد لبناء وفتح الطرق والحسور السريعة، وإعمار المستشفيات وتوقيع العديد من العقود في المجال النفطي، ومقايضة الغاز مقابل النفط مع طهران، لأجل توفير الغاز لمحطات توليد الكهرباء، وإكمال الموازنة لثلاث سنوات، والاعداد والاستعداد لإجراء انتخابات لمجالس المحافظات، والتي يعول عليها في تغيير واقعه المأساوي.

بالرغم من حالة الرضا النسبي من المجتمع العراقي، عن محاولات الحكومة لتقديم الخدمات العامة، الا أن حكومة السوداني، لحد الان لم تتحرك نحو معالجة العوامل السياسية، المؤثرة في عملية النهوض بالخدمات، كالارادة السياسية والحزبية، والفساد المستشري الذي لم يقبل لأي تقدم ولو بخطوة واحدة، باتجاه الاعمار وتطوير البنى التحتية..
حتى صار يمكن القول ان هناك انطباعا لدى قطاع كبير من العراقيين، بأن حكومة السوداني سوف لن تختلف كثيراً عن سابقاتها، من الحكومات المتعاقبة بعدا عام 2005، لان القوى السياسية هي نفسها من تمارس دور المتسلط على المشهد الحكومي، وتضع يدها في كل شيء يخص الحكومة.. ومن امثلة ما يؤيد ذلك، هو إعلان السوداني عن نيته إجراء تعديل وزاري، واستبدال عدد من المسؤولين ممن لديهم تراجع في الأداء الحكومي، لكن ذلك لم يتحقق.. ويرجع ذلك على الأرجح لضغوطات، تمارسها بعض القوى السياسية المتنفذة على المشهد، وإصرارهم على ان يكون أي بديل من داخل كتلهم وأحزابهم.

لا يكفي إجراء تغييرات على الحكومة، ما لم يعقبها إجراء نفس الإصلاحات على النظام السياسي، من خلال تغيير شكل هذا النظام، وتحجيم المحاصصة بكل ألوانها، والعمل بجدية لتوفير الخدمات العامة، والذي بالتأكيد يتطلب إدارة سياسية، تتخطى الضغوط التي تمارسها القوى السياسية على الحكومة، وكيفية التركيز على تحقيق ما يلامس حياة الناس، لان النجاح الحقيقي سيكون من خلال الاصلاحات الداخلية الحقيقية..
امام حكومة السوداني فرصة مهمة لتحقيق النجاح خصوصاً وأن البلد بأمس الحاجة لإدارة ناجحة، تطبيق الحوكمة وتعيد هيكلة القطاع، العام عبر الشراكات بين القطاعين العام والخاص.. وهذا سيتطلب أن يعمل السوداني بقوة لأقناع القوى السياسية بهذه الإصلاحات.. والا فعليه البقاء ثابتاً في الأقل في مواجهة الضغوط، وهو أسلوب إعتادته بعض القوى السياسية، لتمشية إرادتها وجعل الحكومات أسيرة بيدها.

قد يعجبك ايضا