* فاضل ميراني
في اختبار الاداء و القرارات الكاشفة عن طريقة التفكير السياسي و الاداري يمكن كشف عمق الدولة و كذلك يمكن اكتشاف وجود دولة عميقة من عدمه.
لا توجد دولة بلا عمق، وليس شرطا ان يكون عمقها منطويا على خزين طاقات مواكبة او خطط ذكية لأدامة النظام او مواجهة الازمات او المستجدات. لكن ليست كل الدول محتواة من دولة عميقة.
ثمة دول محسوسة الدولة العميقة ملموس كيانها العميق حيث يجري املاء القرارات و تنفيذها بما لو قرنته بالدستور و القانون الوطني يظهر الفارق و يظهر معه التفكير المجرد للجماعة المسيطرة و الهدف الذي يراد بلوغه و لمصلحة من، و طبعا يكون ريع الهدف بشطره كله او اغلبه لمصلحة الجماعة التي تكون على نوعين، نوع خفي و نوع معلن، و النوع الثاني لا يرى حرجا من تقديم نفسه انه صاحب القول الفصل في مسيرة الدولة، وهذا النوع افضل من تلك الجماعة الاولى المتوارية خلف عناوين متعددة لكنها ليست منخرطة بالعلن في القرار، بل هي اختارت حماية نفسها من المسائلة قانونا و من الاحتجاج الشعبي عبر اتخاذ موقع و تجميع قوى ضغط يمكنانها من الحكم بلا مسؤولية عن الاخفاق و الخسارة.
تجارب الحكم عبر التاريخ وبعيدا عن التأثر بالاحداث و الصراعات المتجددة اثبتت ان الدولة التي تصنع عمقا انسانية متراكما بالبحث عن مصالح شعوبها هي دول ابقى و افضل اداءا من الدول التي تقودها دول عميقة.
القضية تعود بالاساس للوعي الشعبي و ليس هو وحده بل للاستعداد الشعبي لمواجهة النظام الذي يبذل الكثير من الكلام غير المستند لواقع من تصريحاته، ذلك ان ورم الدولة العميقة سريع النمو متغول، وهو احد الاسباب الرئيسة لموت النظام.
الخطر في خيار القبول بالدولة العميقة هو ان انسجة ادائها لا تتلف بموت النظام او ازالته، فقدرة تلك الانسجة على زراعة نفسها بباقي اعضاء النظام البديل قائمة بقوة طالما ان الوعي الجماهيري لم يزل ينظر للدولة نظرته الشرقيةالمتراكمة و النمطية في قبول التسليم بكل افعال الدولة دون رقابة برلمانية متخصصة و قضاء غير مهادن.
عوامل التعافي من ذلك يبدأ من جيل جديد محصن ضد الصيغ الجاهزة و الخنوع لأملاءات من يجب مراجعة ادوارهم الظاهرة و الخفية في مسار عمر الدولة اي دولة و المجتمع اي مجتمع.
*مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي
للحزب الديمقراطي الكردستاني