16 اكتوبر خرق فاضح للدستور وانتهاك صارخ لحقوق الأنسان

رئيس التحرير

تمر هذه الأيام الذكرى السادسة لأحداث 16 اكتوبر 2017 واجتياح المناطق الكوردستانية خارج الأقليم من قبل القوات الأتحادية بمختلف مسمياتها بالتعاون مع القوى الأقليمية في خرق فاضح للدستور العراقي الذي ينص على عدم زج القوات المسلحة في حسم الخلافات السياسية،ذلك الأجتياح الذي ادى الى اراقة الدماء من قوات البيشمركة والقوات الأتحادية والمواطنين الأبرياء ونزوح الآلاف من المدنيين من تلك المناطق الى أخرى آمنة.

مهما كانت مسوغات الحكومة الأتحادية للقيام بهذا الأجتياح سيبقى 16 اكتوبر من كل عام، يوما كئيبا وحزينا في تاريخ شعبنا الكوردي والعراقيين الشرفاء تستذكره الأجيال المقبلة بغصة وسخط ،تضاف تداعياتها الى صفحات تأريخنا المليء بالمآسى والآلام والقتل والدمار والتشريد والأنفالات والقصف الكيماوي الذي تعرض له شعب كوردستان خلال القرن الماضي.

اجتياح الآلة العسكرية العراقية للمناطق الكوردستانية خارج الأقليم وقتل وتشريد النساء والاطفال وبث الرعب والذعر بين الأهالي التي شارك ابناؤها في القتال ضد الأرهاب الى جانب القوات الأتحادية والذين كان لهم دور مهم في حسم المعارك ستترك آثاراً نفسية سلبية في جسد المواطن الكوردي الذي تأمل خيرا في تغيير نظام الحكم في العراق من نظام دكتاتوري قمعي دموي الى نظام ديمقراطي يحكمه القانون والدستور، لكن ذلك كان مجرد سراب وضرب من الخيال.

أن جميع المشاركين والمساهمين بشكل مباشر و غير مباشر في قتل المواطنين الكورد في المناطق الخاضعة للمادة 140 من دون سبب ومسوغ سوف نراهم خلف القضبان لأنزال حكم الشعب والقانون بحقهم تحقيقا للعدالة وسينالون جزاءهم العادل لما اقترفته ايديهم من اراقة دماء الأبرياء وحرق وتدمير مساكنهم و قراهم ومزارعهم، كما تمت محاكمة رأس ورموز النظام البعثي المباد على جرائمهم الوحشية.

الحملة البربرية العسكرية ضد المناطق الكوردستانية خارج الأقليم من قبل القوات الأتحادية بالتواطؤ مع القوى الاقليمية والميليشيات تركت آثارا سلبية خطيرة على واقع السلم الأهلي في تلك المناطق و كوّن الضغينة والحقد و الكراهية بين ابنائها من الكورد والعرب والتركمان والاقليات الأخرى الذين تعايشوا معا منذ آلاف السنين، ونتيجة لتلك المغامرة الدونكيشوتية, مايزال التوتر والحذر يخيم على حياة المواطنين اليومية في محافظة كركوك والمناطق الاخرى، رغم مرور ستة اعوام عليها.

ومن أسوء مشاهد ذلك السيناريو الخياني الذي حيكت خيوطه بأياد اجنبية خارج الحدود هو تواطؤ بل تعاون واضح من قبل مجموعة من ابناء جلدتنا مع القوات الغازية التي جاءت لقتل ابنائهم وتدنيس كرامتهم وكسر ارادتهم دون وازع اخلاقي او تأنيب ضمير مقابل كسب امتيازات شخصية ومكاسب حزبية سرعان ما ذهبت ادراج الرياح لما ذاقوه من الأذلال والأحتقار فيما بعد على يد تلك القوات.

لقد كان الهدف الأساس من تكالب قوى الشر في 16 اكتوبر هو كسر ارادة شعب كوردستان ومحو اقليمه العامر من خارطة العراق،الا ان صمود وبسالة قوات البيشمركة في المواجهة الكبرى في (بردي) و(سحيلا) وجبهات المواجة الأخرى خيبت آمال المتكالبين رغم فقدان التوازن بين الأمكانيات والقدرات العسكرية للجانبين من حيث العدد والعدة و وقوف العالم وبالاخص اصدقاء الكورد صامتين ازاء ماجرى من انتهاك صارخ لحقوق الأنسان بعد دخول تلك القوات لكركوك والمناطق الاخرى.

ان احداث 16 اكتوبر اثبتت لجميع الطامعين بأرض كوردستان والساعين لأذلال شعبه،ان شعب كوردستان لم ولن يتنازل عن حقوقه الدستورية والقانونية وسيبقى يدافع عن كرامته وارضه ويستمر بالسعي لأزالة آثار تلك الهجمة البربرية التي خططت لها قوى محلية واقليمية مشتركة وسط صمت مطبق من المجتمع الدولي.

الحزب الديمقراطي الكوردستان ومن منطلق ايمانه الراسخ لحل الخلافات بالطرق السلمية وترسيخ النظام الديمقراطي الفدرالي في العراق،سيستمر بالحوار مع الحكومة العراقية ومؤسساتها الرسمية وفق الأطر الدستورية والقانونية لتصحيح المسارات وتغيير الأرادة المفروضة على كركوك وشنكال وخانقين ومخمور وبقية المناطق الكوردستانية خارج الأقليم بقوة السلاح، وايجاد حلول تحفظ حقوق وكرامة جميع اهالي تلك المناطق من المكونات العراقية المتعددة.

واخيرا ينبغي تذكيرالجميع أن تأريخ شعبنا الكوردي وتجاربنا المريرة مع الانظمة الشمولية والشوفينية في العراق، اثبتت ان مسيرة الحياة والظروف السياسية لا يمكن ان تبقى على حالها ولابد ان تتغير وعلينا جميعا اخذ الدروس والعبر من مصير الأنظمة الدكتاتورية القمعية وبالاخص النظام الصدامي الذي شاهدنا نهايته المخزية.

قد يعجبك ايضا