التآخي – ناهي العامري
عقد ملتقى رواد المتنبي الثقافي ندوة بعنوان(التصنيع والصناعة النفطية في العراق) استضاف فيها المحاضر الاستاذ (ثامر الهيمص) في المركز الثقافي البغدادي قاعة علي الوردي.
بدأ المحاضر ثامر الهيمص محاضرته عن التاريخ القريب للتصنيع في العراق، وكانت البداية هي النقلة الاجتماعية الطبقية من الاقطاع الى البرجوازية الوطنية، كما تحدث عنها الاقتصادي والدبلوماسي العراقي(مير بصري) في كتابه (مباحث في الأقتصاد العراقي الصادر سنة ١٩٤٨، بمقدمة من الاستاذ يوسف عجينة، اذ كان لدى العراق في تلك الفترة (٧٠ معمل) بما فيها صناعة واستخراج النفط. وان اسباب وعوامل تأخر التصنيع وكذلك الصناعة النفطية اجمالاً هي سياسية، فما افرزته الاحتلالات والانتدابات والصراع على السلطة كان سبب رئيسي، وخير مثال على ذلك، انه في العشرين سنة الاخيرة لم ينجز سوى مصفى واحد، رغم ان النفط مؤمم بموجب القانون رقم ٨٠ لسنة ١٩٥٩، لذا من المتوقع حسب رأي الخبراء بأن العراق يبقى مستورد للمشتقات النفطية لغاية عام ٢٠٢٥.
وأضاف هيمص ان الصناعة العراقية لم تتعشق مع الزراعة ولم توفق حتى مع القطاع العام الرسمي، فمثلا فشل مجمع الاسكندرية في تسويق منتوجه حتى لدوائر الدولة، وهكذا باقي المشاريع في الصناعات النسيجية والجلدية، وهذا التخلف يعود الى الاعتماد على الريع النفطي أو ما يسمى المرض الهولندي، فهو سبب اساس للتضخم وارتفاع كلف الانتاج، ومن الطريف ان المشتقات النفطية هي احد العوامل الرئيسية في رفع كلفة الانتاج الصناعي والزراعي، لذا بدون صناعة نفطية لا يمكن النهوض بالتصنيع ونصبح مجرد ممر ترانزيت، والصناعة النفطية قائدة للصناعة الوطنية لانها تكسر احتكار وزارة النفط أي الاقتصاد الريعي وتنعش الصناعة الوطنية العراقية حسبما حددها (مير بصري) ، فالمواد الخام للصناعة النفطية جميعها عراقية، وهي ايضا عريقة ومألوفة لما يقارب مئة عام، بدءاً من مصفى بابا گرگر الى الوند وصولا الى مصفى كربلاء وبيجي بعد اعادة اكماله، فالزراعة وبقية الصناعات تحتاج الصناعة النفطية ، مثلا البتروكيميائيات من البلاستك الى الاسمدة وغيرها من الصناعات، مثل صناعة البطاريات والاطارات، بعد ان بات لدينا الان تسعة ملايين سيارة ناهيك عن اطارات المكائن والمعدات، والصناعة النفطية تحتاجها كل الصناعات.
وعرج الهيمص على الحلول التي من شأنها ان تنهض بالصناعة ، ومن تلك الحلول، وضع الحقائق كما هي، اذ ان العراق يقع بين اكبر ثلاث دول في الشرق الاوسط ، لذا يجب ان يكون مشروعنا التنموي له علاقة بالاستقرار في العراق والمنطقة، اذ يستحيل اقامة تنمية اقتصادية في ظل الانفتاح التام على استيراد البضائع من تلك الدول في ظل الليبرالية العراقية.
كذلك استثمار الشراكات التجارية والصناعية مع الجارين تركيا وايران، حيث يمكن للمفاوض العراقي ان يكون قويا في استثمار هذا المجال في الرهان على أزمة المياة أولا وأزمة السياحة ثانيا، وازمة الاستيراد المفرط العشوائي ثالثا، من خلال أحياء (١٠٤) معمل ، بالشراكة والتكامل صناعيا مع الجارتين، نظرا لان الاصابة بالمرض الهولندي لا زالت عراقيا راسخة.