منارات عراقية … رضا علي .. لمحات من فنه ودوره في الأغنية العراقية

قحطان جاسم جواد

غادرنا المطرب العراقي المعروف رضا علي بعد ان ترك لنا ارثاً فنياً كبيراً من الاغاني والالحان العراقية الاصيلة.

يعتبر الفنان رضا علي من طليعة الفنانين الذين نهضوا بالأغنية العراقية في مرحلة الاربعينات والخمسينات وما تلاها من سنوات حيث تميز بالأصالة والشمولية وتلاقف الحانه اشهر مطربي العراق والوطن العربي.

رضا علي من مواليد سوق حمادة في الكرخ وتعلم في مدارسها ثم درس في معهد الفنون الجميلة وعند تخرجه اواسط الاربعينات دخل الى الاذاعة وبدأ رحلة احتراف الفن.

رضا علي استطاع عبر ألحانه ان يشكل مركز جذب وتأثير في الساحة الغنائية العراقية وذاع صيته في خارج القطر في لبنان وسوريا ومصر وتناقلت اخباره هناك فانجذبت اليه اصوات المطربات العربيات مثل فائزة أحمد وسميرة توفيق ونرجس شوقي وانصاف منير ونهاوند وغيرهن. فجئن الى بغداد يطلبن ألحانه. وهو يدين بالفضل للشيخ علي درويش الذي اعانه على دخول الاذاعة وتخطى لجنة الاختبار وتسجيل اول اغنية له عام 1949 (حبك حيرني) ثم تلاها بقصيدة زكي الجابر (ذكريات) ثم أغنية (مالي عتب وياك) وأغنية (شد عليك يلي حركت طلبي) التي ادتها فيما بعد نرجس شوقي، ثم جاءت اغنية كل المواسم (سمر سمر) التي منحت رضا علي جواز المرور الى قلوب المعجبين والعشاق.. والغريب ان هذه الاغنية ما زالت ذات النكهة والتميز والقبول في ايامنا هذه فمجرد سماعها يرن لها القلب والعقل ومن أبرز الحانه للأصوات العراقية (طلب طلب) وموشح (قيل لي قد تبدلا) لعفيفة اسكندر و (مر يا اسمر وبيا عين جيتو تشوفني وانتظار وحرام وحمد يا حمود و اسألوه لا تسألوني لمائدة نزهت وتفرحون افرح لكم ويا بنت البلد لزهور حسين والأغنية الأخيرة غنتها المطربة زهور في فيلم (وردة).

 

 

 

اما المطربات العربيات فقد قدم رضا علي عشرات الاغاني الجميلة منها (اللوم مرمر حالتي) لسميرة توفيق و(ادير العين ما عندي حبايب) لراوية و(ادلل واشلون عيون عندك) لنهاوند و(يا سامري دك الكهوة) لفهد بلان.

ولم يقتصر دور الفنان رضا علي على الغناء والتلحين بل أسهم كممثل في بعض افلام السينما العراقية منها فيلم (ارحموني) مع المطربة هيفاء حسين اخراج حيدر العمر وغنى فيه (يا وليدي يلة نام) واغنية رمضانية بعنوان (عباد الله) واستعراض غنائي بعنوان (وادي الرافدين) غنى فيه كل الوان الغناء العراقي من شماله حتى جنوبه.

 

 

 

كما شارك في فيلم (لبنان في الليل) تم تصويره في لبنان اخراج المطرب اللبناني محمد سلمان ومثلت معه صباح وسميرة توفيق ورشدي اباظة وغنى فيه اسألوه لا تسألوني التي غنتها فيما بعد الفنانة مائدة نزهة، كذلك شارك في لبنان بفيلم آخر بعنوان (يا ليل يا عين) اخراج كاري كاربنتيان. وقد عانى الفنان الكبير رضا علي كونه من الكورد الفيلية وكاد ان يطرد خارج العراق لولا الواسطات التي احرزت تقدماً في بقائه في العراق لكنه مقابل ذلك جرى تعتيم مقصود ضده اضطره الى مغادرة العراق الى اوروبا للعيش هناك والعمل في معمل للصناعات الجلدية!

ان رضا علي يمثل مرحلة متكاملة في تطور الغناء العراقي واضاف لها اضافات نوعية تجلت في نقله ألحان الموروث الفلكلوري الى الاغنية الشعبية الملحنة اصلاً للروح المدنية كما يشير الى ذلك الناقد الموسيقي عادل الهاشمي.

كما اعتمد رضا علي جانب البساطة والسلاسة في اسلوب التلحين التي اضفت على اعماله نسمة شعبية الامر الذي قربه كثيراً الى قلوب المستمعين… وجعله أحد رواد الاغنية العراقية اداءً ولحناً على مدة عقود من الزمن وما يزال.

قبل عدة اعوام من سقوط النظام السابق غادر العراق الى اوربا بعد ان ضاقت السبل به.. وظل هناك الى حين سقوط النظام وعاد إلى ارض الوطن ثانية ليسجل بعض الاغاني الدينية لكنه لم يشارك في اغنيات عاطفية رغم قدرته الرائعة في ذلك بسبب هروب المطربين الى خارج العراق وكذلك لعدم استفادة الجهات الفنية من قدرته وهي نفس القضية التي عانى منها سابقاً لكن سيبقى رضا علي منارة للأغنية العراقية الجميلة ومجددا لها لجهوده وخدماته الجليلة لها.

قد يعجبك ايضا