متابعة ـ التآخي
الهواتف الذكية مضرة للبيئة، لهذا السبب قررت شركة فيرفون” الهولندية طرح إصدارها الجديد من هاتف “فايرفون 4” الذكي الذي قالت إنه صديق للبيئة.
قد يعتقد كثيرون من محبي اقتناء الهواتف الذكية أو مستعمليها أن هذه الهواتف لا تلحق الضرر بالبيئة، ربما قد يرجع هذا الاعتقاد إلى وزن هذه الهواتف الذي لا يتجاوز أكثر من 200 غرام، بيد أن هذا الاعتقاد ليس صحيحا. ورغم خفة وزن الهواتف الذكية، إلا أنها تتسبب بأضرار كبيرة للبيئة كونها تُخلف بصمة كربونية ثقيلة بمعنى التسبب في انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن استخدام الهواتف الذكية كبيرة، إذ يقدر أنها مسؤولة عما بين 40 كلغرام و 80 كلغرام من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
وبرغم الدور الفعال الذي تلعبه الهواتف الذكية في حياة الإنسان إلا أنه لا يمكن غض النظر عن مخاطرها وأضرارها على الصحة، لدرجة قد تصل أحيانا للوفاة! فماهي أبرز هذه المخاطر؟
خبراء يحددون العمر المناسب لاقتناء الهاتف الذكي للأطفال
لكن الأمر لا يتوقف عند هذا المستوى، بل أن عملية تصنيع الهواتف الذكية تتطلب استخراج معادن ثقيلة وفي المقدمة الذهب والكوبالت الذي يُطلق عليه أيضا “الذهب الأزرق”. ويتسبب استخراج هذه المعادن من المناجم والمصافي في تسرب ملوثات ونفايات سامة تلحق الضرر بالتجمعات البشرية قرب المناجم أو مواقع التعدين. ويتزامن هذا مع تهافت كبرى شركات التكنولوجيا الرائدة في مجال تصنيع الهواتف الذكية على إصدار نسخ متطورة وحديثة لتحل محل النسخ القديمة من الهواتف الذكية التي تصنعها هذه الشركات.
وفي هذا الصدد، برزت شركة “فير فون” الهولندية التي قالت إنها تضع حماية البيئة وكوكب الأرض نصب عينيها. ولهذا بدأت الشركة في ابتكار أساليب جديدة ترمي إلى زيادة متوسط عمر منتجاتها عن طريق تسهيل عملية إصلاحها؛ وأطلقت قبل نحو عشر سنوات إصدارها الأول من هواتفها الذكية الصديقة للبيئة المعروفة باسم “فيرفون”. وفي الوقت الحالي، تعلن الشركة عن إطلاق هاتفها إصدارها الرابع من هواتفها الذكية “Fairphone 4″ الصديقة للبيئة بعد إعلانها عن هذا الإصدار. لكن الأمر يطرح تساؤلا حيال مدى استدامة هذه الهواتف من طراز فيرفون؟
وفقا لتقرير شركة “فير فون” الهولندية الخاص بإعادة التدوير لعام 2017، أقرت الشركة بأن 30 بالمئة فقط من المواد المستخدمة في إصدارها الثاني من هواتف “فير فون يمكن إعادة تدويرها. وفي إصدارها الثالث من هاتف “فير فون” 3 ، ارتفعت النسبة إلى 50 بالمئة. وإزاء ذلك، يصعب مقارنة الأمر مع الشركات المصنعة الأخرى للهواتف الذكية.
وفي ذلك، تقول منظمة السلام الاخضر “غرينبيس” المدافعة عن البيئة، إن عملاقة التكنولوجيا “آبل” كانت أكثر شفافية مقارنة ببقية منافسيها من مصنعي الهواتف الذكية. ورغم ذلك، فإن الشركة لم تنشر معلومات حول إعادة تدوير هواتفها. ومن أجل توضيح الأمر، فإن غرام من المعادن الثقيلة الثمينة التي يمكن إعادة تدويره من هواتف “فير فون” هو بمثابة غرام لا يجب استخراجه من تفجير منجم أو تعدينه. بيد أنه ما ينقص هواتف “فير فون” غياب وجود خطة تتعلق بإزالة الكربون من منتجاتها.
في هذا الصدد، قالت مونيك ليمبرزد- المسؤولة في الشركة عن قطاع الابتكار، إن الشركة بصدد العمل على تحقيق مثل هذه الأهداف، بيد أنه في الوقت الحالي تسعى الشركة إلى تقليل الانبعاثات من خلال إطالة عمر هواتفها. وأضافت “استطعنا الخروج بنتيجة مفادها أنه إذ قمنا بتحديد العمر الافتراضي لهاتف بما يصل إلى أربع سنوات ونصف، ففي هذه الحالة يمكن خفض بصمتة الكربونية بنسبة 30 بالمئة”. وخلافا للهواتف الذكية الأخرى التي تصنعها الشركات الأخرى، يمكن استبدال المكونات الفردية في هواتف “فير فون” في حالة تلفها أو الرغبة في تحديثها. ولهذا السبب، انتزعت هواتف “فير فون” عشرة من عشرة وفقا لتصنيف موقع “آي فيكست/ iFixit” الأمريكي الذي يقوم بتوفير معلومات عن إصلاح وإعادة استخدام الإلكترونيات، في حين حصلت هواتف iPhone 12 على ستة من عشرة في التصنيف.
وفي هذا السياق، أوضحت ليمبرز أن المؤشرات الأولية تشير إلى أن متوسط عمر الإصدار الثالث من هاتف فيرفون/Fairfone 3″ قد يصل إلى خمس سنوات أي ما يعادل ضعف عمر استخدام الهواتف الذكية العادية. من جانبه، قال ماتياس هويسكين المدير الإداري في موقع “آي فيكست” إن استخدام مثل هذه “التكنولوجيا لفترة أطول يمكن أن يكون له تأثير كبير”. واضاف “إن استبدال هذه الأجهزة كل خمس أو عشر سنوات بدلا من استبدالها كل سنتين إلى ثلاث سنوات، سيُحدث فارقا كبيرا”.
ورغم هذه الطموحات الكبيرة، إلا أن شركة “فيرفون” تواجه مشكلة تتمثل في إشكالية تحديث أنظمة أندرويد التابع لشركة غوغل الذي تعتمد عليه في تشغيل هواتفها الصديقة للبيئة. غوغل تقوم من جهتها بتحديث أنظمة أندرويد كي تواكب أجهزة الهاتف الأحدث، غير أن هواتف فيرفون لا تستجيب لبعض التحديثات الجديدة لأنظمة أندرويد ما يجعلها متخلفة عن الركب. بيد أن الشركة تحاول مواجهة هذه المعضلة عن طريق إبطاء وتيرة التحديثات على هواتفها، لكن المشكلة أن بعض التطبيقات تتطلب اصدارات حديثة من أجل استخدامها بشكل جيد وفعال.