الأستفتاء كان قراراً صائباً وناجحاً

رئيس التحرير

رغم الحروب والويلات والكوارث التي حلت بشعبنا الكوردستاني من الانفالات واستخدام الأسلحة الكيماوية والمقابرالجماعية وجميع السياسات الأجرامية والعدوانيةعلى مدى قرن من الزمن لمسخ هويتنا القومية، الا ان شعبنالم يستسلم للواقع المرير وظل صامدا بوجه جميع العواصف التي كانت تهدف للقضاء على روح التحدي والصلابة لديه والتي استمدها من صلابة جبال كوردستان.

لا يخفى على احد ان حلم الدولة الكوردية وبناء كيان مستقل راود شعب كوردستان على مدى قرن بعد تقسيمه عنوة بين دول المنطقة بناءاً على مصالح القوى العالمية الكبرى وفقا لمعاهدة سايكس بيكو عام ١٩١٦ وظل ينتظر بفارغ الصبر الفرصة  المناسبة لتحقيق هذا الحلم بالسبل الديمقراطية والحضارية بعيداً عن العنف واراقة الدماء.

وكان عام ٢٠١٧ هي تلك الفرصة التي كنا ننتظرها بعدالتغير الذي طرأ على نظام الحكم في العراق والمصادقة على الدستورالدائم الذي تضمن حقوق شعب كوردستان في ظل نظام ديمقراطي برلماني،والأهم الوعي والأدراك والنضوج الفكري الذي امتاز بها شعبنا واستعداده للتعبيرعن ارادته ومطالبته المشروعة بتحقيق حلمه الكبير.

بناءاً على تلك المعطيات طرح فخامة الرئيس مسعود بارزاني فكرة الأستفتاء على قيادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني وقيادات الأحزاب الكوردستانية، بغية دراسة الموضوع وبلورة منهاج للأنطلاق بالمشروع القومي حيث تم تأييد الفكرة مبدئيا من الجميع،وبعد عقد سلسلة من الأجتماعات ومداولات مكثفة ومناقشات مستفيضة استمرت اشهر، عقد الرئيس مسعود بارزاني فی ٧ حزیران ٢٠١٧ اجتماعاً مع قيادات كل من الحزب الديمقراطي الكوردستاني والحزب الشيوعي الكوردستانيوالاتحاد الوطني الكوردستاني والاتحاد الإسلامي الكوردستاني والحركة الإسلامية الكوردستانية وحزب كادحي كوردستان، وحزب العاملين والكادحين في كوردستان وحزب الإصلاح التقدمي في كوردستان، وقائمة أربيل التركمانية، والجبهة التركمانية العراقيةوحزب التنمية التركماني وقائمة الأرمن في برلمان كردستان، والحركة الديمقراطية الآشورية والمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري، حيث وضع الجميع امام مسؤوليتهم القومية والوطنية والتأريخية وطرحخلاله موعد اجراء استفتاء الاستقلال في ٢٥ ایلول ٢٠١٧.

لم يعترض أي من القيادات التي حضرت الأجتماع على الموعد سوى طرح بعض الأسئلة والمداخلات بشان آلية تنفيذ المشروع وضرورة طمأنة دول الجوار والدول الكبرى بأن الأستفتاء لايشكل تهديداً او أية مخاطر على أمنهم القومي ومصالحهم في المنطقة وبذلك اصبح اجراء الأستفتاء امراً حتمياً،حتى الدول التي ارسلت لها رسائل بشأن المشروع بطريقة أو بأخرى كانت لها مواقف و وجهات نظر متابينة منها حيث رفضت بعضها الفكرة جملة وتفصيلا ومنهم لم يرفض بل طالبت بتأجيل المشروع والبعض الآخر لم يكن لديهم موقف واضح،كونهم كانوا يشكّون في نوايا القيادة الكوردستانية في اجراء الأستفتاء وكانوا يرون المشروع مجرد مناورة أو ورقة ضغط لأبتزازالحكومة الأتحادية.

وعلى الرغم من كل مارافق الأشهر التي سبقت الأستفتاء من مواقف وتصريحات وسجالات ومناقشات والمطالبات من القيادة الكوردستانية وعلى رأسها فخامة الرئيس مسعود بارزاني لتأجیل المشروع الى إشعار آخر، الا ان الأصرارعلى اجراء الأستفتاء كان سيد الموقف وبعد اعدادالامور اللوجستیة اللازمة، اجري الأستفتاء يوم ٢٥ ایلول ٢٠١٧ عبرعملية سلسة وهادئة وبعيدة عن الصخب والتهويل السياسي والاعلامي،حيث سارعتالجماهيرالكوردستانية من مختلف الشرائح الى مراكز الأقتراع وصناديق الأستفتاء وفي عملية ديمقراطية حرةنزيهة قل نظيرها زينوا اوراق الأقتراع وملؤوا الصناديق بكلمة (نعم للأستقلال).

تصويت 92% من شعب كوردستان من الكورد والعرب والتركمان والاقليات الدينية في داخل الأقليم والمناطقة الكوردستانية خارج الأقليم لصالح الأستقلال وعدم تسجيل اية خروقات او شائبة على عملية الأقتراع التي اشرفت عليها مفوضية الأنتخابات في كوردستان ومراقبة العملية من قبل العديد من المنظمات والمراقبين المحليين والدوليين وعدم تسجيل اي موقف جماهيري عراقي يرفض العملية،دلالة واضحة وبرهان قاطع على نجاح وصواب قرار اجراء الأستفتاء،رغم تداعياته الصعبة على شعبنا بسبب الموقف العدائي من شخص رئيس الوزراء حيدر العبادي وبعض القوى والشخصيات الشوفينية في الحكومة ومجلس النواب وفرض حصارجائر برّي وجوي على شعب كوردستان لمجرد ممارسة حقه المشروع بالمطالبة بكيان مستقل.

في الختام لا يسعنا الا ان نقف احتراما واجلالا لباني فكرة الأستفتاء فخامة الرئيس مسعود بارزاني وكل من ساهم وسجل اسمه في هذه الصفحة المشرقة من تأريخ شعب كوردستان او كان له موقف مشرف وايجابي من تلكالممارسة الديمقراطية الحضارية.

قد يعجبك ايضا