“الصحافيون وظلالهم” سردية مؤثرة من مراسل أميركي شهد انهيار مهنته

 

التأخي / سلمان شوكت

يعدّ كتاب “الصحافيون وظلالهم” لصاحبه باتريك لورانس مزيجا يجمع بين المذكرات والتاريخ الاجتماعي. وهو يصور الحالة المزرية التي تعيشها وسائل الإعلام الأميركية في العصر الحالي، مسجلاً تدهورها ولحظات أزماتها وما شهدته من تحولات، كل هذا من وجهة نظر صحافي يعمل في القطاع طوال هذه الفترة .

ويعيد الكتاب الذي أسال الكثير من الحبر التذكير بالعلاقة المختلة وغير المتوازنة بين وسائل الإعلام الأميركية ودولة الأمن القومي اليوم بشكل يوقظ في الأذهان ما شهدته الأيام الأولى من الحرب الباردة .

ودخلت وسائل الإعلام نتيجة لذلك فترة من التحول العميق، حيث ظهرت المنافذ المستقلة باعتبارها القسم الأكثر ديناميكية في القطاع .

ويستكشف الكتاب المعضلة النفسية التي يجب فهمها إذا أردنا معالجة الأزمة الحالية. ويعيش الصحافيون في عصرنا تمزقا داخليا، فهم يسعون لتلبية المعايير المهنية والمنسجمة أيديولوجيًا، ومن ناحية أخرى وبشكل لاشعوري يبذلون جهودا مضنية لاختراق الحواجز التي تحول دون نقل الحقائق التي يدركون أهمية إيصالها. وهذا هو ظل الصحافي .

وتعتبر معالجة الكتاب، بطرحها مسألة إعادة دمج الصحافي الذي يعيش حالة تمزقّ، طريفة ومثيرة للاهتمام. ويسلّط سجلّ خيانة وسائل الإعلام الأميركية لثقة الجمهور الضوء على العوامل التي شكلت نظرة الشعب إلى قطاع الإعلام ووعيه بغياب الحقيقة التي يبحث عنها، وكيف يمكن له أن يعيد اكتشاف هذه الحقيقة الغائبة رغم كل شيء، لأن الكتاب، في الحقيقة، دليل لمستقبل الصحافة نفسها .

وجذب كتاب “الصحافيون وظلالهم” أنظار العديد من الصحافيين والكتاب المخضرمين في العالم، الذين أجمعوا على أن باتريك لورانس نجح في وضع الإصبع على داء الإعلام الأميركي، وكشف تناقضاته وانعكاساته على نفسية أصحاب المهنة .

يقول سيمور هيرش، الصحافي الاستقصائي الأميركي الحائز على جائزة “بوليتزر” للصحافة، “سرد لورانس، متسلحا بذكائه وفطنته، تاريخ الصحافة الحافل والمثير في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية وسياسة الاحتواء الأميركية الخارجية. وكان حبه لمهنتنا التي تشوبها النقائص والعيوب وسعادته بممارستها هُما ما يبرر المرارة ونظرته النقدية التي تنبع من نوايا حسنة. إن قراءة هذا الكتاب ممتعة للغاية.

ويرى ستيفن كينزر، الكاتب الأميركي والمراسل الصحافي المخضرم الذي عمل لدى صحيفة نيويورك تايمز، أن “هذا الكتاب وإن كان يتنكر في شكل مذكرات مراسل أجنبي يجوب العالم، فإنه يتجاوز في جوهره هذا الأمر بكثير. إنه سردية مؤثرة من مراسل مثالي شهد انهيار مهنته المحبوبة. ويعدّ هذا وصفا حيا لكيفية تدهور الصحافة الأميركية إلى منصة علاقات عامة، وتأثير ذلك على ديمقراطيتنا، وما يمكننا فعله في مواجهة الأمر .”

 

ويصف جون بيلجر، الصحافي الأسترالي المقيم في لندن، الكتاب بـ”الخارق للعادة والبليغ”، ويضيف بيلجر “كان فيه لوارنس غاضبا وحكيما، ومنحنا الأمل. وحدد كون تحوّل جل القطاع إلى منصة دعاية خام لم يكتمل بعد وأن ‘السلطة الخامسة’ المكونة من رواة الحقيقة المستقلين تظهر. وتوجد حقيقة واحدة ثابتة: إننا نحن الصحافيين خدم للشعب، وليس للسلطة أبدًا”

ويقول روبرت شير، الصحافي الأميركي، “يعدّ هذا الناقوس المحذّر الرائع والبليغ للمراسل الأجنبي المخضرم باتريك لورانس مهمّا لأي شخص يؤمن بالتأكيد الجيفرسوني الذي يعتبر الصحافة الحرة الشرط الأساسي لحكومة الأحرار .”

ويعلق جو لوريا “كتاب حيوي جاء في الوقت المناسب لفهم النقائص التي ابتُليت بها وسائل الإعلام العريقة، التي ساء حالها كثيرا منذ (أحداث) 11 سبتمبر .”

من جهتها ترى ديانا جونستون أن الصحافة الأميركية السائدة اليوم فقدت كل مصداقيتها بسبب دورها العميل للسلطة. وأن باتريك لورانس بجهده الشخصي الطويل لنشر الحقيقة عبر وسائل الإعلام التقليدية والمستقلة بث نداءً قويا لإحياء الصحافة الصادقة .

ويقول الدكتور آرون غود، مؤلف كتاب “الاستثناء الأميركي: الإمبراطورية والدولة العميقة”، “يعتمد باتريك لورانس على خبرته وحكمته التي اكتسبها بجهد كبير لتأريخ روح الصحافة الأميركية المكرسة لنشر الحقيقة وتأبينها وإحيائها. ويوفّر كتاب ‘الصحافيون وظلالهم’ قراءة متّزنة وحتى مشجعة خلال هذه الأوقات الكارثية التي نمر بها!”.

 

وباتريك لورانس هو مؤلف ومراسل وكاتب مقالات ومحاضر. نُشرت مقالاته عبر عدد من المنافذ التي شملت صحيفة الغارديان، ونيويورك تايمز، والنيويوركر، وكريستشن ساينس مونيتور، وإنترناشيونال هيرالد تريبيون، ومجلة فار إيسترن إيكونوميك ريفيو ظهرت تعليقاته المتعلقة بالشؤون الخارجية ووسائل الإعلام في مجموعة متنوعة من المنشورات مثل سالون، وكاونتر بانش، وذي نايشن، وراريتان، وكونسورتيوم نسوز، وسكير بوست، وكونسيرنز، وأوريزون إيه ديبا، وزيت فراغن.

قد يعجبك ايضا