التآخي – ناهي العامري
أستضاف منتدى بيتنا الثقافي الدكتور عامر حسن فياض ، أدار الجلسة الناشطة المدنية سهيلة الاعسم، التي قرأت سيرة الضيف، جاء فيها ” الدكتور عامر حسن فياض يشغل منصب عميد كلية العلوم السياسية جامعة النهرين، وحاصل على شهادة دكتوراه فلسفة علوم سياسية، كما وانه يشغل منصب مدير تحرير مجلة الجامعة التابعة لجامعة بغداد”.
بدأ فياض محاضرته بالتطرق الى شكل الديموقراطية في العراق، وذكر مواصفات سماها انتباهات ، الانتباهة الاولى هي عندما نسمع كلمة ديموقراطية في العراق، علينا ان لا نؤكدها بشكل مطلق ولا الغائها بشكل مطلق، اي لا نتحدث بالمطلق ولا بالالغاء.
الانتباهة الثانية: الديمقراطية ليست نزوة أو رغبة مارة، بل مسار طويل، يحتاج الى نظم وقوانين واصرار وعزم وروح الفريق الواحد بين كل الداعين لها وتحملوا مسؤولية بنائها، مع الاخذ بالاعتبار ان طريقها ليس سهلا، بل غير معبد احيانا ومليء بالاشواك والعثرات.
الانتباهة الثالثة: الديموقراطية لا يمكن تحقيقها الا عبر عملية تكوينية بنائية ، حيث لا يمكن لها ان تكون صيغة جاهزة، نقوم بنقلها من مكان الى آخر، فهي عملية تكتيكية بنائية لها أبعادها وتاريخها، وتحتاج الى مستلزمات وخبرة تراكمية.
الانتباهة الرابعة: أخطر المخاطر على الديموقراطية هو ان تمارس من قبل قادة غير ديمقراطيين، وهذا الحال ليس على مستوى العراق، بل يشمل كثير من المجتمعات، التي تتبنى الديموقراطية على اساس الغالبية، فما بالنا اذا كانت الغالبية أو الاكثرية متخلفة، هنا ستكون مخرجات العمل الديموقراطي متخلفا، لانها أي الديموقراطية تكون تحت وطأة الاستخدام غير البريء أو الصحيح، ومن هنا تدخل في مسار معقد ومبهم وصعب.
الانتباهة الخامسة: لا يمكن للديموقراطية في الاستمرار بدون تحقيق ثلاث ركائز، العدالة الاجتماعية ، الاطار الدولتي ، التأسيس المؤسساتي.
الانتباهة السادسة: هي ضرورة التوقف عند محطة عناصر بناء المجتمع المدني، والذي بدونه لا يمكن بناء النظام الديمقراطي.
ثم انعطف فياض الى العقبات التي تواجه البناء الديموقراطي، وقال ان اكثر العقبات التي واجهتها الديموقراطية في العراق هي ان هناك إرادتان تتنازعان حولها، وهي ارادة داخلية وارادة خارجية، حيث احيانا تتغلب الارادة الخارجية على الداخلية، وبالعكس تتغلب في احيان أخرى الارادة الداخلية على الارادة الخارجية، مثل الارادة البريطانية والامريكية، حينما تغلبت في بعض الفترات على الارادة العراقية، لذا هما في حالة صراع دائم.
والعقبة الثانية هي في قانون التجزئة والتوحيد، مثل محافظة الموصل في عهد الدولة العشرينية من القرن الماضي ، كانت هناك جهات تعمل على انفصالها من العراق، واخرى تقف مع توحيدها،
أما العقبة الثالثة، هي الهويات المتنوعة ، وهذه مشكلة، حيث يحتاج البناء الديموقراطي الى هوية سياسية، وعلى بناة الديموقراطية ان يفكروا بتكوين هوية سياسية مشتركة، على شرط عدم الغاء الهويات الفرعية، قومية ، مذهبية، دينية وغيرها.
وختم فياض محاضرته بالتطرق الى مستلزمات نجاح الديمقراطية ، وقال تحتاج الى مستلزم سياسي، اجتماعي، اقتصادي ، ثقافي، حيث تحتاج الى عقد اجتماعي يقوم على مبادئ التداول السلمي للسلطة ، والتعددية السياسية، الفصل بين السلطات ، استقلالية القضاء ، احترام حقوق الانسان ، اما المستلزم الاقتصادي فيتطلب انتاج متوازن مع نسبة الاستهلاك، واخيرا المستلزم الثقافي، فحين يتم اختيار أحد بناة الديمقراطية عليه تجنب النزعة الفردية، بل يكون الاختيار جماعي بعيدا عن العشائرية والمناطقية والقومية والدينية، وان يتم اختيار الافراد كجماعات عصرية مسلحين بثقافة الاستقالة وليس الاستطالة، أي ان المسؤول أو القائد علية ان يبادر بالاستقالة في حالة حدوث فشل ضمن مسؤوليته، ويبتعد عن ثقافة البقاء في منصبة الى أجل غير مسمى.