شيركو حبيب
ليس غريبا أن يكون بارزاني في بغداد، وقد يستغرب البعض زيارة رئيس حكومة إقليم كوردستان مسرور بارزاني إلى العاصمة بغداد، بعد الأحداث الأخيرة التي أدت إلى توتر العلاقات شيئا ما وظن البعض سوف لن تكون هناك زيارة لمسؤول رفيع المستوى من الإقليم إلى العاصمة العراقية، و خاصة وفد يمثل المكونات الرئيسة الثلاثة التي تتشكل منها حكومة الإقليم.
ورغم أن الوفد الذي ذهب إلى بغداد من الحكومة، إلا أنه ضم مسؤولي الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني وحركة التغيير، وعلى رأسه رئيس مجلس وزراء الإقليم السيد مسرور بارزاني، والتقى بالرئاسات العراقية الثلاث ومسؤولي الأحزاب والحركات العربية الشيعية والسنية وبعض الشخصيات العراقية، والزيارات التي قام بها وفد الحكومة و قبلها وفد الديمقراطي الكوردستاني برئاسة الأستاذ فاضل ميراني مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي ، مع اللقاءات و الحوارات المتعددة للوفد الحكومي، طرحت خلالها نقاط الخلاف بكل وضوح وشفافية، وتم التأكيد فيها مدى إلتزام حكومة الإقليم بالدستور والاتفاقيات، ما يعني ضرورة إلتزام الحكومة الاتحادية أيضا والإيفاء بوعودها وإرسال مستحقات الإقليم حسب قانون الموازنة المصادق عليه من قبل مجلس النواب، وعدم ربط رواتب الموظفين بالخلافات السياسة. وحل الخلافات الاخرى دستوريا.
وقد راهن البعض من العرب والكورد وهم اقل من اصابع اليد على أن كيان إقليم كوردستان سينهار، ونسوا أو تناسوا حقيقة يؤكدها التاريخ دوما مفادها أن الكوردستانيين مروا بظروف بالغة التعقيد وأشد صعوبة مما عليه الحال الآن، مثلا حينما كان الحصار الصدامي على كوردستان والحصار الدولي على العراق كله، فعدم إرسال الميزانية من قبل الحكومة الاتحادية إلى كوردستان منذ 2014 حتى الآن بشكل كامل، إنما ترد عليه حالة النجاح الكوردي في إدارة شؤون الإقليم.
الزيارة التي قام بها الوفد الكوردي فاجئت هؤلاء وأولئك الراغبين في بقاء الخلافات بين أربيل وبغداد على ما هي عليه، فالوفد موحد و الطلبات موحدة من أجل الحقوق المشروعة لمواطني إقليم كوردستان العراق، ولا سبيل إلا الاتفاق بين بغداد و أربيل على حقوق كافة العراقيين دون تمييز، ضمانا للاستقرار والامن وحماية حقوق المواطنين ودعم الخدمات المقدمة إليهم.
كان البعض يتصور وجود قطيعة أبدية بين الإقليم وبغداد، وحاول هؤلاء جاهدين إثارة النعرات الطائفية والمذهبية والقومية بين الكورد والعرب، والبعض كان يعتقد أن دمر الحزب الديمقراطي الكوردستاني قد انحسر، لكن التجارب الماضية وتضحيات ونضال أبناء الحزب هي التي وصلت بكوردستان إلى ما هو عليه الآن من استقرار وتقدم وازدهار، حتى في العراق، تجد للحزب الديمقراطي الكوردستاني الفضل والدور الكبير والواضح في بناء بلد ديمقراطي فيدرالي يستهدف تحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية والحرية، ولم لا، وهو نهج الزعيم الخالد مصطفى بارزاني المستمر بفضل رؤية وتوجهات الزعيم مسعود بارزاني، وإصرار قيادته على المضي قدما في تحقيق الاستقرار والعدالة، مع إصرار ومرونة حقيقيين من قبل رئيس الوزراء السيد مسرور بارزاني في العمل من أجل ضمان الحقوق الدستورية لشعب كوردستان ، ونجاح حكومته في صون الاستقرار والأمن بالإقليم، و حل الخلافات سلميا مع بغداد دون التنازل عن الحقوق القومية لشعب كوردستان.
إن رسالة الكورد وقياداتهم هي رسالة وطنية انسانية مفادها التعايش بأمان وسلام لعموم الشعب العراقي والتقدم و الازدهار والرخاء لكافة مكونات بلد يستحق استعادة مكانته التاريخية والسياسية في المنطقة والعالم، وقد كانت زيارة بارزاني مع الوفد المرافق إلى بغداد ولقاء المسؤولين بالعاصمة العراقية، رسالة إلى كل من يحاول اللعب بمقدرات الشعب الكوردي والحالمين بإثارة النعرات والفرقة بين الكورد، وقد ثبت لمكونات الإقليم وقواه السياسية الوطنية كافة حقيقة أن لا سبيل أمامهم سوى الاتفاق والوحدة وعدم التهاون في حقوقهم القومية و بناء عراق ديمقراطي فيدرالي تعددي، وحقيقة أخرى توضع أمام المرضى سياسيا، مفادها أن كل المكائد وتصفية الحسابات بطرق ملتوية على حساب الوطن ستدفن بإرادة الخيرين من أبناء شعبنا الراغب في العيش الكريم والحرية والكرامة والعدالة، ويوما ما سيحقق الشعب أحلامه وأمنياته، ولتكن وحدة الصف خطوة أولى نحوها.