انتخابات العراق بين الأحزاب التقليدية وكسر التوافق.

محمد حسن الساعدي

منذ عام 2005 عندما تشكلّت أول حكومة في البلاد،وهي تحمل سمة التوافقية،وأصبحت سمة تتسم بها كل الحكومات المتعاقبة، وعلى الرغم من تشكيل هذه الحكومات إلا أنها لم تستطع أن تلبي طموحات المواطن العراقي،وظلت تراوح مكانها دون تقديم أي مشروع خدمي يمكنه التخفيف عن كاهل المواطن العراقي،وجعله يلمس التغيير المنشود.

في بداية أطول عملية تشكيل حكومة في العراق في تشرين الأول 2021، كان أحد الأسئلة الرئيسية التي دارت في أذهان الجميع هو ما إذا كان العراق قد تحكمه أول حكومة أغلبية ؟

فلقد حاولت بعض القوى السياسية تشكيل التحالف الثلاثي،ولكنها لم تفلح ما أضطر التيار الصدري إلى الاعتراف في نهاية المطاف بالهزيمة من خلال دعوة نوابه إلى الاستقالة، وكانت النتيجة هو تشكيل حكومة توافقية أخرى حيث تقاسمت جميع الأحزاب السياسية التقليدية الغنائم، باستثناء التيار الصدري الذي أختار الاعتزال والخروج من الساحة السياسية،ولكن بقى محتفظاً بمناصبه في الحكومات المتعاقبة.

السؤال الآخر الذي يدور في أذهان المواطن العراقي هو هل من الممكن أن تنشأ معارضة برلمانية حقيقية في العراق في ضوء انتخاب العديد من النواب المستقلين وصعود الأحزاب الناشئة ؟
أن توفير البيئة الانتخابية الملائمة وتوحيد الأحزاب الناشئة وزيادة نسبة المشاركة يمكن أن تساهم في جعل المعارضة الهادفة حقيقة واقعة ، وهو أمر ضروري لمواجهة الأحزاب الكبيرة والسيطرة على المشهد السياسي في العراق كما إن “المعارضة الجديدة” لا تمثل حتى الآن تهديداً لأحزاب السلطة في البلاد.

أعتقد كما يرى اغلب المراقبين أن من الأفضل في الوقت الحاضر ومن الأسهل التعامل مع الأحزاب السياسية الجديدة وفسح المجال لها لممارسة دورها الحقيقي في التعبير عن مواقفها السياسية أو المشاركة في الانتخابات القادمة ،لأنها لا تمتلك القاعدة الانتخابية اللازمة لتحدي قاعدة قوة الأحزاب القائمة حالياً.

ويبقى التساؤل المنطقي؛ماذا يحدث إذا تم هزيمة الأحزاب القائمة حقاً أو تم تحديها في صناديق الاقتراع ؟

من غير المؤكد ما هي نقطة التحول التي ستجذبهم إلى القوة الكاملة ؟ وإذا جاءت تلك اللحظة، فما هي الأدوات السياسية التي سيلجأون إليها ؟

كما يتعين على الأحزاب السياسية الجديدة أن تكون أفضل تنظيماً فيما بينها حتى تتمكن من العمل على إيجاد معارضة برلمانية وهذا يتطلب أن تضع مشتركات فيما بينها ورؤية موحدة،كما من الممكن أن تنشأ معارضة برلمانية في العراق إذا ما تم توفر البيئة السلمية والآمنة ما قبل الانتخابات، وتوحيد جهود هذه القوائم والدخول بقائمة موحدة أكثر إحكاماً وأنضباطاً، الأمر الذي يتطلب بذل جهود مشتركة من جانب المجتمع المدني العراقي إلى جانب الجهات الفاعلة الدولية (مثل الأمم المتحدة)،بالإضافة إلى زيادة المشاركة الفاعلة في الانتخابات، خصوصاً وإن عدد غير الناخبين في العراق أكبر من عدد الناخبين وإذا أمكن إقناع هؤلاء المنكفئين عن المشاركة الانتخابية وبالتصويت لصالح الأحزاب السياسية الجديدة والمرشحين المستقلين، فمن الممكن الفوز بعدد كبير من المقاعد البرلمانية بل وحتى بالأغلبية.

قد يعجبك ايضا