صادق الازرقي
لم تعد قضية التغير المناخي والمخاطر الناجمة عن ذلك مسألة هامشية يمكن تجاوزها، بعد أن شاهد الجميع الكوارث التي تسببت فيها التغيرات المناخية ومنها الحرائق والفيضانات، وحتى الزلازل يربطها بعض العلماء بتغير المناخ ايضا.
ابتداء من تركيا واليونان وليس انتهاء بليبيا والجزائر تنبثق الأعاصير والفيضانات التي تجرف المركبات والمنازل وتتسبب في خسارة أرواح كثير من السكان، وقبل ذلك كانت حرائق الصيف التي دمرت مدنا ومناطق بأكملها مثلما جرى في جزر هاواي التي تسببت في مقتل مئة شخص وحرائق اليونان وكندا وغيرها، ولن نعرف ما يخبئه لنا الغد.
وارتباطا بالكوارث الأخيرة، لاسيما فيما يتعلق بالفيضانات يركز المتخصصون على الأهمية القصوى لإنشاء السدود كإجراء لابد منه لمواجهة تدفقات المياه وتوجيهها إلى فضاءات السدود وخزنها واستعمالها عند الحاجة؛ وبعض الدول التفتت منذ وقت مبكر إلى ذلك وهي تواصل بناء السدود لغرض مجابهة موجات الماء المتدفق.
فيما تقصر دول اخرى ومنها العراق في تنفيذ ذلك الأمر المهم فتترك المياه من دون معالجة الى الحد الذي بتنا نعجز فيه حتى عن معالجة تدفقات المياه للأمطار الموسمية، فما بالك بالفيضانات التي باتت تفاجئ الناس من دون سابق إنذار.
لم ننشئ سدودا جديدة وأماكن لخزن المياه تحسبا للطوارئ، وباتت الشكوى هي وسيلتنا الوحيدة لمواجهة شحة المياه والجفاف، وفي حين نتهم الدول الأخرى بإقامة السدود الكبيرة وخزن المياه والتسبب في شحته لدينا، نعجز نحن عن بناء ما يماثلها أو بما ينسجم مع حاجتنا إلى المياه لاسيما في مواسم الجفاف.
ان مشكلات المياه والحاجة الماسة اليها تستدعي تحركا عاجلا على جبهتين، الأولى تتمثل في التحرك نحو الدول التي تنبع منها مصادرنا المائية، وطبعا نتحدث هنا عن تركيا وايران على وجه الخصوص؛ اما الجبهة الأخرى فتتمثل في تنشيط حركة بناء السدود وبخاصة في المناطق التي تحدث فيها تدفقات مائية في مواسم معينة لغرض الحفاظ على المياه بخزنها وعدم تسربها لاستعمالها في أوقات الشدة، ومن دون ذلك لن نستطيع الاستفادة من مصادر المياه فتذهب المياه في أوقات الوفرة الى مسارب لا نفع فيها، فيما تتكرر لدينا مواسم الجفاف والشحة فيؤثر ذلك على السكان في مجالات الإنتاج الزراعي و توفير الماء الصالح للشرب لجميع السكان على مدار الساعة.
اما الاكتفاء بالشكوى من قلة المياه والقاء اللوم على الدول الأخرى في التسبب بأزمة المياه لدينا فيمثل نصف الحقيقة، وقد يكون لسخرية البعض من التغيرات المناخية عاملا محبطا يمنع التحرك باتجاه حسم ملف المياه وجعله مطواعا بين أيدينا؛ التغيرات المناخية حقيقة قاسية متسارعة، ونتائجا الكارثية تظهر في صور شتى من ابرزها حاليا فضلا عن ارتفاع درجات الحرارة والحرائق، تدفقات المياه غير المسيطر عليها في شكل فيضانات او بشكل تدفقات مائية كبيرة في مواسم الامطار؛ ومن الضروري احتوائها في أوقات ذروتها والسيطرة عليها وتوجيه المياه الى الأماكن الاعتيادية لخزنها ومن ذلك السدود والخزانات، والتنسيق مع دول الجوار المعنية بملف المياه للاستفادة من المياه في أوقات توفرها بتوجيهها الى خزاناتنا للاحتفاظ بها، تمهيدا لاستعمالها في أوقات الشح.