كلمة البارزاني الخالد ” لا تبيعوا مكتسباتٍ تحققت بالدماء” إستشهد بها الأستاذ فاضل ميراني في كتابه

 

 

 

اعداد: عدنان رحمن

اصدار: 12- 9- 2023

 

في عام 2022 في اربيل عاصمة أقليم كوردستان صدرت الطبعة الأولى لكتاب ( وقد أسماها الأستاذ فاضل ميراني كتيب) بعنوان ( توظيف الماضي للمستقبل- تذكيرات لا مذكرات) من مطبعة روژ هه لات- اربيل بطبعتها الأولى.

قام السيدان خليل برواري و شامل بردان بإعداده، وتدقيقه لغوياً من قبَلْ السيد طارق كاريزي. وكان الأستاذ فاضل ميراني قد ذكر في عنوان ( هذا الكتيب) توضيحاً لما نُشِرْ في الكتاب، ورد فيه:

– ” الافكار في العشرين عنواناً وما تحويه مختصرات ما بعد العناوين هي ليست أحكاماً لا تقبل النقد أو الطعن فأنا لم أكتب إلا ما أستقر عليه الواقع الوليد لواقع سبقه، أو تخلّق في بيئة تساعد على النمو. دفعني للكتابة دافع ليس مشجعاً بل دافع مفزع والفرق كبير بين التشجيع والفزع، هذا يدل على عافية المجتمع والثاني يعني أن خطراً مُحدقاً يكاد ينقضّ. أنا لِمَن لا يعرف عني إنسان من أمَّة الكُرد وهي أمَّة تعيش ضمن دولة العراق الحديثة، واقعي في تلقي الأمور هكذا أحسب توجهي وهكذا تعلمت في الحياة والعمل الحزبي والسياسي حيث عشت في كنف الراحل مصطفى البارزاني وتعلمت ان الثورة والنضال عنوانان يمتـدان الى ما هو أبعد من السلاح والرصاص ورومانسية الثوار وحماستهم، عنوانان يمتدان لما بعد الثورة حتى لا تكون الثورة نقمة أو باباً لصنع نموذج أدعّت الثورة رفضها له فقامت من أجله، ولذا فأي خيال لإدامة البناء بعد الثورة يجب أن يكون قابلاً للتطبيق وعلى أساس واقعي، يأخذ في حساباته كل ما يمكن أن يكون مدخلاً لمعادلة الثورة ،والبناء مجتمعياً بتفصيلاته ثقافياً وتاريخياً وعقائدياً واقتصادياً وجغرافياً. هذه الاوراق هي ليست كل ما في ذاكرتي، بل هي تجربة نشر جديدة لما يمكن ان نصفه بالتذكير لا المذكرات تناولت فيها ما شهدته ورأيت أن أفسرّهُ ربما بتفسير يقبله الآخرون أو يردّونه، حيث أن المنشور بعد ما يكون متداولاً لا يصبح مُلك صاحبه إلا إسما اكثر من أي حق ينشأ له. لقد رأيت أن التاريخ، هو أكثر المصادر التي أشتغل عليها أسلاف وأخلاف ليكون بمثابة عملة ورصيد يعيدهم أو يقدمهم للواجهة ليُعيدوا دورة حياة تكررت وتكررت معها ثنائية السلطة الجائرة والشعب المَقموع، وثلاثية السلطة والطبقة المساندة لها، التي تزاوج بها بين السوق والحكم فيما تدفع بالشعب الى مقدرات تحفها المخاطر. هذه العناوين هي من الواقع ومطالب حلها لا تكون إلا من جنس علاجها إعتمادا على تجارب أمم أخرى أو من تجارب سابقة في تاريخنا، لكن لا بد من إرادة.

أخيراً لا يصل عمل للكمال بل الغاية هي التمام وهو الآخر ليس سهلاً، فلا عمل يتم إلا بجهود وفكر يقدمه معاصرون أو يعمل عليه لاحقون يدركون الحاجة لبلاد ومجتمع منتج مستقر غير متناحر ولا طارد لأبنائه نحو المهاجر أو الخراب.

فاضل ميراني

أربیل کُردستان العراق”.

وكان المُعِدّان قد كتبا مقدمة للكتاب ورد فيه:

– ” توقفنا في الإعداد وقتاً قارب السنة الكاملة في صياغة كم ونوع من الأسئلة و الاستفسارات لمشروع كتاب يختص بفترة من التاريخ السياسي و الاجتماعي الكوردي مُسابقين الوقت الذي لا يلبي أحياناً حجم مشاريع نتطلع لإنجازها، المصدر الذي نريد أن نأخذ من وقته هو السيد فاضل ميراني، لكننا لم نفُز بسبب إنشغاله المتلاحق إلا بقليل من الوقت تمكنّا فيه من إقناعه أن نَطلِّع على مسودات من كتاباته ومخطوطات يحتفظ بها ضمن أرشيف بعضه مـدوَّن وبحجم خمسة عقود من ضخم الأحداث وبعضه الآخر لم يزل في ذاكرته ولم يتنزل على أداة تسجيل. توصلنا لفكرة أن قسماً من أسئلتنا تحمل مع استفهاماتنا طلبات متكررة لتقييم وتوصيف خبرة تربط بين التاريخ و الحاضر والمستقبل وأسباب تكرار النتائج مع وجود الرفض والنقد للجماعات الحاكمة التي مرّت على قيادة المنطقة والعراق فعثرنا من ضمن ما عثرنا عليه في أرشيف ميراني توظيف الماضي للمستقبل. تذكيرات لا مذكرات. كتابات مُعدّة للنشر غير تلك التي سبق أن نشرتها له وسائل الإعلام، مقالات أو دراسات أو مقابلات، وبعد أخذ موافقته على إختیار عشرين نصاً منها، وجدناه قد ثبت عنوانين جديرين أن يكون أحدهما عنواناً لهذا الكتيب : هما تذكيرات لا مذكرات. وهو رأي كتبه ميراني سيطلّع عليه القارئ بالتفصيل في الكتيب. و العنوان الآخر هو التاريخ قبالة الحاضر. العنوانان لهما ورقة خاصة به لكننا وضعنا تذكيرات لا مذكرات عنواناً لسبب وجدناه مقنعاً حيث أن كل الأوراق التي سننشرها في هذا المطبوع تمثل تذكيراً عبر ملاحظات تقییمیه كتبها سكرتير المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني بمزيج بين شهادته عليها و مقاربتها مع سابقة تاريخية لها أنتجت حوادث غلفت حقب زمن وأجيالاً من الناس خلال فترات العمل المعارض ثم الحكم المحلي، ثم تبدل الوضع لما آلت إليه الأحداث بعد 2003. لن يطول الوقت كثيراً على قارئ الكتيب لينتهي من أوراقه، فقد رأى ميراني أن الإيقاع يسير بالقُراء نحو القليل الدال، لكن الرجوع إلى التواريخ التي أشرّها الكاتب ستتطلب من المُتابع وقتاً أطول بكثير ليُعيد تفحصها إنْ كان قد طالعها قبلاً. الكتيب هـو وريقات عن شرايين وأوردة في المجتمع لو كان نقل نقي الدماء لما كان ثمة داع لـكل هذا التفكر ولو كانت الإرادة عمدت لتنقية المنقول داخل الجسم الاجتماعي الوطني لكنّا الآن نتناول في كتابات ميراني شؤونا غير التي لا زال مجتمعنا يعاني منها”.

وبعد ان علِمنا انها تذكيرات وليست مذكرات فقد ورد في عناوين إحداها التي كانت بعنوان ( الإمتحان المُستمر للثورة) التي وسمها الاستاذ فاضل ميراني بمقولة للبارزاني الخالد ( لا تبيعوا مكتسباتٍ تحققت بالدماء.) ما يأتي:

– ” أنْ تصل الثورة بمضمونها الانساني إلى نتائج خيّرة بخلاف النتائج التي رأت أنها ثارت عليها، فتلك نتيجة نجاح لا تقرن بنتيجة إزالة نظام بجهد داخلي أم قرار دولي أم بإشتراكهما. ليس من الموضوعية إنكار تبدل ملحوظ في النظام بعكس النظام المتآكل الذي أزيل في ۲۰۰۳، ولا مِنَ الموضوعية أيضاً إنکار مُكتسبات رافقت التبدل، لكن ما هي الضمانات ليس فقط لأستمرار المكتسبات التي في تفصيل إستمرار تدفقها نقاش وحقائق رقمية وسياسية غير مطمئنة، بل وفي تقبُّل الاجيال التي نؤسس لها مثلما أسّس لنا الأب الروحي الراحل مصطفى البارزاني وعملت قيادته لأجل جيلنا؟ مع الاخذ بنفس الاهتمام والدراسة والحرص باقي اجيال المكونات الأخرى. فنحن لسنا لوحدنا كما إننا مع تقديم مصالح شعبنا على أي شيء، لم نكن مُقصرين في الجانب الوطني، رغم الدعاية التي نفهم إنها لولاها لما كسب المجتهدون في خصومنا للوصول لمنافعهم تحت سِتر من شِعار قومي أو مذهبي، نحن ندرك معنى التشابك الوطني المجتمعي الذي يتأثر سلباً وإيجاباً بظواهر وحالات المجتمع، فالشرق لا زال وسطاً سريع النقل لمتغيرات الاداء، والثقافة سيما وإنّ سُرعة وسهولة الاتصال صارت أقوى من مصائد الهضم والرد التي كانت سائدة قبل الانقلاب المعلوماتي الضخم الثقيل.

السؤال الذي أجد كثيراً يتهرب من مواجهته أو الجواب عليه: هل نُكمل إدارة المجتمع وفق نظرية جديدة، أم نُكمل وفق النظرية التي تركتها لنا الانظمة السابقة؟، وأيهما أسهل وأيهما أفضل وإن كان صعباً؟ نحن أدرنا ضمن معادلة، مفروضة، اقليمنا مُبعدين عنه سياسة تسببت لنفسها ولمن ينتهجها الإزالة من السلطة في ۲۰۰۳. قد يزول نظام، لكن زخم تحركه لا يخف ولا يزول بسهولة، خاصة وإنه نظام تراكمي زاد جذوره إمتداداً لطول المدة وكثرة الوفرة المالية والتفردية بالقرار، خالطاً جملة عناصر فكرية ومكونات عرقية ليجعل أساسه صعب ،الاقتلاع ونحن لم نكن لنتلقى دعما بحجم المشروع الاستبدالي الذي نعمل لأجله، ليس فقط لادارة الاقليم بل للتحرك فيه نحو منطقة بعيدة عن إمكانية الخسارة، فالمجتمعات حالها من حال الانسان تمر بمراحل عُمرية لا ترصدها العين كما ترصد الفرد طفلاً وفتىً وكهلاً، لكن المجتمع في حقيقته هو مثل الفرد الذي هو مادته الاساس، لكن حركة عُمره تبدو أبطأ أو غير منظورة لِمَنْ لا تعنيه مضامين المستقبل، لذا تجد إنّ معاهد الدراسات الغربية في هذا الحقل تعمل لرؤى المستقبل باحثة عن مصادر جديدة للطاقة والعمل والموارد بعکس اهتمامات مراكزنا وجمهور منطقتنا. أردِّد دائماً وبثقة إنني انسان واقعي ولِذا فواقعيتي التي أشتغل بموجبها، تجعلني أفرز أننا منطقة لها مقومات نجاح داخلي وعوامل نجاح مشترك وطني، ومشترك اقليمي ودولي. نحن مجتمع زراعي، الارض والفلاح والمحصول والسوق، سلّتنا الغذائية تتطلب مَدْ المدنية للزراعة بما يبقي الزراعة ويطورها، لا أن يتحول الفلاح والمزارع الى هارب من الارض نحو المدينة تاركاً وراءه ما يبور أو يتحوّل لغابة اسمنت. مشترك نجاحنا الوطني هو التعليم الزراعي وزيادة رأس مال المصرف الزراعي عبر تشريعات وقوانين وأنظمة ضمن خطة محلية تُحدَّد مُدداً معلومة للبدء بتنفيذها وتقديم المطالبات للحصول على حصص المياه التي ترعاها اتفاقيات الدول المتشاطئة والشريكة للمياه. ووطنيا يتم هذا ويتم أيضاً عبر الدبلوماسية المنتجة وعبر إعلام مهني ووسائل ضغط قضائية ودولية. كما إن الادارة الغذائية للمحاصيل ووفق جداول الطلب من السوق ستمنع نزف العملة والتحول للاستهلاك الاستيرادي الذي له آثار سيئة على كل المديات”.

 

 

وايضا في الكتاب عنوان ( الذين كتبوا في تاريخنا) التي استهلت بــ ( في التاريخ مفاتيح لمشاكل الحاضر.) لـــ ( هنري كيسنجر) ذكر الاستاذ فاضل ميراني:

– ” قليلاً ما يكتب التاريخ طرف واحد، فأن حدث وأنفرد طرف بالكتابة فلن يسلم المدون وما دونه من نقد وتجريح أو من نفي أو تأكيد وحذف وإضافة وهو أمر- عدم سلامة النص- يطال كل التاريخ بخاصة وقت يكون التاريخ مادة نزاع. كتبنا شيئاً من التاريخ، خصماؤنا أيضاً كتبوا عن تاريخنا وكلانا كتبنا شيئاً من متبادل السيرة، كتبوا عنّا وكتبنا عنهم كنّا مادة في تاريخهم وكانوا مادة في تاريخنا، وربما نزعم إننا كتبنا كُلَّ الصدق وأيضا ربما يزعم الخصماء إنهم صدقوا. والفيصل في صادق التاريخ رياضة روحية تسمو بالمؤرخ فوق الاهواء، وأساسها التثبت من الحدث بأدلة إثبات والحكم على الماضي بأحكامه، فأخيراً وأولاً لسنا أمام محكمة بل أمام حدث فائدته هي جبر الضرر والحؤول دون إعادة إنتاج ما ثبت ضرره وظهر أو بَطُن خطره أو- وهو الأفدح- مال بالمسار عن الترقي الانساني ليرتد وبنكوص الى ما لا يصح. التاريخ يصيبه العطب إن مازجه الوهم شأنه في ذلك شأن العقائد إن جرى تأسيسها على الوهم أو تطعيم مدخل أو سياق أو مُخرج منها بالوهم. نحن ضمن ثقافة مجتمعية فيها التاريخ بمضمون وشكل يشابه هويتنا، وقبل ذلك فهو من المأخوذ به عند الاغلب الاعم من الناس في حسابات الحاضر والتحسب للقادم، ولذا فلا ينفع- على ما استقر- التاريخ الخام للاستهلاك بلا تكرير وتنقية. أمر آخر يدفعنا للتأمل في الركون للتمعن في الحاجة للتاريخ، وأعني بهذا تزاحم التواريخ تاريخ العقائد ( روحيها ومبتدعها)، المتبدل من المفاهيم بين الانسانية والتخصيصية بعد ثبوت عوامل السيادة والوطنية، تواريخ النزاع والتنازع بين القوى داخلية وخارجية والعالق منها ربما وإن كان على خطأ والزائل منها وإن كان مفيداً. لقد عانينا باعتبارنا حركة حزبية سياسية من تزاحم في التواريخ وتقبل عدد غير قليل بدعايات تاريخية حوّلت النضال في نظر المتأثرين الى خيانة، والدفاع تمرداً والقتل عقوبة لا شهادة. غير إننا مع ذلك نجحنا الى حد بعيد في منع تكرار كثير من أخطاء يراها جمع كبير حقاً، مثل الانتقام والاخطر منها ان نكون جلادين بعد أن كنّا أعني المناضلين الحقيقين والقطاع الشعبي الاكبر- عدد ضحايا”.

وبعنوان لاحد المدونات التي كانت بعنوان ( عُرُف لا يستحق أن يكون عُرفاً) التي وسمها الاستاذ فاضل ميراني ( شريك في الجرم، لا ضحية مَن يَنتخب فاسداً.) لــ ( جورج اورویل) ورد فيه:

– ” العُرف هو أحد مصادر القانون، والقانون قواعد مجردة موجهة للكافة ترتبط بجزاء ليس من العُرف أبداً وإن تحجج قسم من الناس إنه عرف ان يؤخذ بالرخــص السياسية متى اقتضت مصلحة ما، ثم يعطل الاخذ بها إن كانت في مرّة لمصلحة طرف آخر، فهذه إنتقائية في السلوك وتعطيل لحق يفترض أنّه للجميع. كما سُنّ عُرف ما هو أيضاً من التاريخ فهو سيكون سابقة يؤخذ بها وتكون حجة كاشفة لحق، لكنها تبقى منقوصة إذا جرى تعطيلها تحت أي حجة إذا ما أراد فرد أو طرف تكرار الاخذ بها، كما فعل فرد أو طرف لما أخذ بها يوماً أو سنّها. لكن العُرف، وأقصد العُرف غير الفاسد، لا يصار لتقديمه في حال وجود قواعد تحكم أمراً ما، إنما يجري العُرف إذا أقتضت الضرورة، أو إنّ الاحتكام يكون على العُرف إن كانت القضية محکوم بها عرفيا قبل أي حكم آخر. لطالما سَنّ الأقدمون أعرافاً لمصالحهم لا مصالح عامة، فأخذ الناس على أساس التقسيم اللوني، الذي كان عُرفاً وصار قانوناً، وأفرزت ممارسته مآس حاولت الاديان والحركات التحررية حلّها بعد أن فاض المجتمع الانساني بسوء الاستعباد، وبعد أن تحلى المتنورون بوافر من أقدام للمواجهـات بــكـل أشكالها لتعديل مسار البشرية التي جارت على لون جلد لتجعل من حملته أرقاء بلا حق. لم تسلم أغلب مجالات الحياة من سُنَن وأعراف فاسدة فادحة الخسارات في المحصلة ولكَ أن تراجع نصوص الاديان وأدبيات الشعوب وهويات الثقافات لتكتشف كيف جرى التعبير عن الظلامات التي كان سببها العُرف ومدى عمقه في التاريخ، وكيف مزجت الطبقية بين التاريخ والعُرف لتتحجج بصحة وصواب أفعالها على حساب حياة وحق وكرامة الانسان. لم تزَل ولم تزُل ظاهرة التحجج بالعُرف السيء من مسيرة قسم من المجتمع ليس قليلا، بل طورت من نفسها عبر وشيجة الارتباط بقوى تكتلية في المجتمعات، فصارت تخلق العنف عُرفاً، ومن المساومة عُرفاً، ومن الاقصاء والاغتيال والتسقيط أعرافاً تزج بها الى عالم الحزبية والسياسة معطلة بذلك القانون، وجاعلة الناس من المشككين بإمكانية الخلاص في وقت يتقدم فيه قسم من المجتمعات بخطوٍ حثيث نحو تشريعات أكثر قرباً للأنسان وتلبية حاجاته التي كفلها له الخالق، ولم تستغرب تطويرها المجتمعات التي تتقيد بالسلوك لا بالأديان. ليس إلا عُرفاً فاسداً ذاك الذي يحصن صاحب القوة عن المسائلة، بحجة أنّه من العُرف أن لا تجري محاسبته وليس إلا عُرفا فاسداً ذاك الذي يشتد على الفرد والجماعة، فلا يبقي لهم من الحياة إلا تمني الموت بحجة أفضلية عُرفية لفلان على فلان بلا عمل أو تقوى. لقد عانى مجتمعنا من سلسلة أعراف فاسدة، صار فيها الصواب استثناء والخطأ سيادة، وما النتائج التي تزدحم بها الاخبار المحبطة التي لا شك فى مصداقيتها إلا وليدة تكرار أو تطوير أو سَنْ فاسد العُرف”.

قد يعجبك ايضا