ارهاصات بيئية .. دور الحدائق في الحد من التلوث البيئي

 

 

صادق الازرقي

 

بحسب المعطيات العلمية وخبراء النباتات فان الحدائق تمتص غازات العادم الضارة مثل ثاني أوكسيد الكربون (CO2) وأوكسيد النيتروجين (NOx) والمواد العضوية المتطايرة (VOCs) من الجو، وهذا يقلل من تراكم هذه الملوثات في الهواء ويحسن جودته.

كما تسهم الأشجار والنباتات في الحدائق في توفير مناطق ظل وتقلل من درجات الحرارة في المناطق الحضرية، وذلك يقلل من احتمال حدوث ظواهر الجفاف والتسخين الحضري، وبالتالي يقلل من الحاجة إلى استعمال أجهزة تكييف الهواء التي تؤدي الى انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون.

كما ان النباتات في الحدائق تساعد في تصفية المياه عندما تمتص الملوثات والمواد الغذائية الزائدة من المياه الجوفية والمياه السطحية، ما يسهم في حماية المصادر المائية وتقليل تلوثها، وكذلك الحدائق توفر موئلًا للكائنات الحية المتنوعة، بما في ذلك الحشرات المفيدة والطيور، وهذا يساعد في الحفاظ على التنوع البيولوجي ويعزز توازن النظام البيئي.

والنباتات والأشجار في الحدائق تعمل كحاجز طبيعي لامتصاص الضجيج، مما يقلل من تأثير الضوضاء البيئية ويخلق بيئة هادئة ومريحة للسكان المحليين، وكذلك تعزيز الصحة النفسية، اذ ان التواجد في الحدائق والمساحات الخضر يقلل من التوتر وزيادة الرفاهية النفسية للأفراد، فيسهم بتحسين الصحة النفسية الفردية والعامة للمجتمع.

وبشكل عام، وعلى وفق التصنيفات فان الحدائق تؤدي دورا مهما في تحسين جودة البيئة والحفاظ على البيئة الطبيعية والصحة البشرية، وهي تعد وسيلة فعالة للإسهام في جهود الحد من التلوث البيئي.

يلاحظ على وفق تلك الفوائد الجمة للحدائق، ان دول العالم تفرد مجالا واسعا لإنشاء الحدائق المتنوعة ابتداء بتشجيع انشاء الحدائق المنزلية، وليس انتهاء بالحدائق في المتنزهات العامة، لاسيما في المدن لإدراكها اهمية الامر وما يمثله للسكان في مجال تنقية بيئتهم ودرء المخاطر عنهم، وتحسين صحتهم الجسدية والنفسية، فكثيرا من الحدائق العامة ترفق معها وسائل الرياضة والتمرين كما تشكل هندستها مكانا ملائما لممارسة رياضة المشي والهرولة وما يجلبه ذلك من ايجابيات على السكان.

ولدينا في العراق ولاسيما في المدن ومنها العاصمة بغداد تعرضت الحدائق بشقيها الخاص والعام الى مخاطر كبيرة، فالحدائق المنزلية تكاد تختفي من المنازل بفعل فوضى البناء وتقسيم البيوت الى مساحات متعددة بفعل ازمة السكن المتفاقمة؛ اما الحدائق العامة فقد تعرضت الى الاهمال وجرى استغلال مساحات كثير منها كأماكن لرمي الانقاض والقمامة؛ ما تسبب في انبثاق التشوهات البصرية والتأثيرات السلبية على صحة ونفسية الناس فأضيف اهمال الحدائق الى مخاطر التلوث البيئي.

ان ضرورات الاعمار والبناء والتطور في العراق تستلزم إفراد سياسة خاصة بالمتنزهات والحدائق، ففيما يتعلق بالمشاريع العمرانية ينبغي إلزام الجهات المسؤولة عن البناء بتخصيص مساحات واسعة لإنشاء الحدائق والمتنزهات برفقة العمارات والتجمعات السكانية، كما يتوجب ان يركز في البرامج الحكومية ومشاريع المحافظات والبلديات على انشاء المتنزهات العامة ورفدها بالحدائق بأنواعها والعمل على ادامتها وتطويرها.

ان الوعي بأهمية الحديقة لاسيما في مجال الحد من التلوث تتطلب من الجميع جهودا جبارة لجعل الحديقة امرا إلزاميا يستوجب الانشاء والرعاية، كما ان على السكان مسؤوليتهم ايضا في رفد بيوتهم بمستلزمات الحدائق الخاصة في أي مساحة متوفرة وحتى في الغرف الداخلية.

 

 

 

 

قد يعجبك ايضا