سبعة وسبعون عاما من النضال الحزب الديمقراطي الكوردستاني بين الماضي والحاضر

 

 

الكاتب والباحث : سردار علي سنجاري

الجزء الثالث

بعد مقتل عبد السلام عارف في حادث مروحية غامض أجمع القياديون في الوزارة على اختيار شقيقه عبد الرحمن عارف  رئيسا للجمهورية و ثالث رئيس للجمهورية في العراق وثالث حاكم بعد إعلان الجمهورية.

 

لم تعرف لعبد الرحمن أية انتماءات أو توجهات متطرفة كشقيقه وكان شعاره التسامح ثم التسامح حتى مع معارضيه الشيء الذي اعتُبر ضعفا وفسح المجال أمام البعثيين للانقضاض على السلطة في 17 تموز 1968. وبعد تسلمه منصب رئيس الجمهورية استقبل الرئيس عبد الرحمن محمد عارف وفدا كورديا برئاسة الأب الروحي الراحل (الملا مصطفي بارزاني)  يضم كلا من حبيب محمد كريم وعلي عبد الله ونافذ جلال وصالح اليوسفي وقد اعرب الوفد الكوردي عن قبوله لعرض السلام الذي تقدمت به حكومة البزاز لانهاء الحرب القائمة آنذاك.

محاولة عارف عبدالرزاق الانقلابية الثانية كانت البلاد تنتظر ترجمة بيان 29 حزيران (يونيو) 1966 الخاص بحل القضية الكوردية الذي اعلنه عبد الرحمن البزاز رئيس الحكومة في عهد الرئيس عبد الرحمن عارف بخصوص حل المشكلة الكوردية لكنها فوجئت في اليوم التالي 30حزيران (يونيو) 1966 بمحاولة انقلابية قام بها عميد الجو عارف عبد الرزاق وعدد من اعوانه. وبسرعة تم القضاء علي المحاولة الانقلابية الثانية وتم اعتقال عارف عبد الرزاق في مطار الموصل .

 

وكانت علاقة عبد الرحمن عارف  مع الحركة التحررية الكوردية والملا مصطفى البارزاني تتسم بالهدوء ولكن العديد من حوله كانوا يعملون على خلق الفتن بين الجانبين  وبالاخص التيار القومي الذي اطاح به سنة ١٩٦٨ ولكن المرحوم عبد الرحمن عارف لم  يعطي لتلك الاصوات اذان صاغية ووثق علاقته بالبارزاني الخالد وقام بزيارته الى كوردستان والالتقاء به ومناقشة الخطوات التالية لضمان وحدة العراق وشعبه . ولكن تمكن عبد الرزاق النايف ومجموعته بمساعدة البعثيين من الاطاحة به واستلام حكم العراق الذي دار في دوامة من الدماء والحروب والقتل والتنكيل لثلاثة عقود .

 

قبل وصول حزب البعث الى الحكم في العراق كان هناك تواصل بين قيادي الحزب الديمقراطي الكوردستاني وحزب البعث الذي اقر على لسان احد قادته ( علي صالح السعدي ) الذي كان يشغل منصب امين سر حزب البعث بمنح الكورد حكما ذاتيا وذهب اكثر من ذلك عندما قال لا مانع لدينا حتى في حق تقرير المصير وهذا ما ذكره المرحوم فؤاد عارف في مذكراته .

 

وعند وصول البعث الى السلطة للمرة الثانية ١٩٦٨ بدات المفاوضات الجدية من اجل ايقاف كافة اشكال العمليات القتالية في كوردستان . وكانت بداية الاتصالات بين الجانبين تتم عبر الطلبة الكورد والطلبة البعثيين في جامعات بغداد والموصل حتى وصلت الى لقاءات مباشرة على مستوى المسؤولين في الحزبين حيث مثل الحزب الديمقراطي الكوردستاني في اولى المفاوضات سكرتير الحزب الديمقراطي حبيب محمد كريم وضم كل من الشهيد صالح اليوسفي والمرحوم علي سنجاري والمرحوم يد الله كريم ومن الجانب البعثي كان عبدالله سلوم السامرائي وبعض اعضاء الحزب . كما عقدت اجتماعات بين الطرفين برئاسة احمد حسن البكر وقادة بعثيون اخرون مثل صالح مهدي عماش وحردان التكريتي وصدام حسين .

بعد استلام البعث السلطة الرسمية في العراق وتعيين الرئيس الاسبق احمد حسن البكر رئيسا لمجلس قيادة الثورة ورئيسا للعراق بدا البعثيون يتنصلون من الاتفاقيات التي التزموا بها امام الحزب الديمقراطي الكوردستاني مما ادى الى الاقتتال من جديد بين الجانبين الا ان الجانب العراقي تكبد خسائر كبيرة في تلك المعارك ومنها في كركوك منطقة جباري وسه ركه لو وطاسلوجة والشيخان . ولكن في شهر كانون الثاني من عام ١٩٧٠ جرت محاولة انقلابية ضد حكم البعث والتي عرفت باسم عبد الغني الراوي وعبد الرزاق النايف وكاد الانقلاب ان ينجح لولا كشف احد اعضائها للمحاولة . وهنا شعر البعثيون بالخطر المحدق بهم اذا استمر القتال في كوردستان وعليه تم معاودة الاتصال بقيادة الثورة والقائد الخالد الملا مصطفى البارزاني ولجاء الى اطروحات جديدة لحل القضية الكوردية وكان عراب تلك المحاولة صدام حسين حيث انبثق عن تلك المحاولة اتفاقية ١١/اذار ١٩٧٠ واذيع نص الاتفاقية مساء يوم ١١/اذار /١٩٧٠ من راديو وتلفزيون بغداد وكان كل من السيد الرئيس مسعود البارزاني والشهيد ادريس البارزاني وعدد من قادة الكورد من الحزب الديمقراطي الكوردستاني متواجدين في بغداد حيث توجهوا مع احمد حسن البكر وصدام حسين ومجموعة من قادة البعث الى ساحة التحرير في بغداد للاعلان عن وقف نهائي للاقتتال بين الجيش العراقي وقوات البيشمه ركة والتي غمرت العراق شمالا وجنوبا فرحا بهذا الاتفاق التاريخي ولكن بدات مرحلة جديدة من صفحات الغدر البعثي ضد قيادة الحزب والشعب الكوردي . يتبع

قد يعجبك ايضا