المسبار الهندي يهبط على سطح القمر ويبدأ استكشاف قطبه الجنوبي
التآخي ـ وكالات
بعد نجاح المسبار الهندي “براجيان” في مهمته وهبوطه بسلام على سطح القمر، بدأت المركبة الفضائية رحلة استكشاف سطح القطب الجنوبي للقمر وإجراء التجارب المطلوبة. ومن المتوقع بقاء عمل المسبار لمدة أسبوعين.
ويضم المسبار الذي يطلق عليه اسم “براجيان” جهازين لإجراء تجارب تتعلق بالعناصر والمركبات الكيميائية.
ويقول رئيس وكالة الفضاء الهندية إن مسبار مهمة تشاندرايان-3 خرج يوم الخميس 24 آب من المركبة الفضائية ليبدأ رحلة استكشاف سطح القطب الجنوبي للقمر وإجراء تجارب، وهو مستعد لمواجهة تحديات جديدة.
وكانت مركبة الفضاء الهندية قد هبطت الأربعاء بالقطب الجنوبي غير المستكشف من القمر، لتصبح الهند أول دولة تحقق مثل ذلك الإنجاز بعد أيام فقط من فشل المركبة الروسية لونا-25 في مهمة مماثلة.
وأثار الهبوط السلس لمركبة الفضاء، بعد محاولة فاشلة في 2019، حالة من البهجة وأُقيمت الاحتفالات على نطاق واسع في الدولة الأكثر سكانا في العالم. وأشادت وسائل الإعلام بالهبوط التاريخي بوصفه أعظم إنجازات الهند العلمية.
وقال إس. سومانات رئيس منظمة أبحاث الفضاء الهندية إن المركبة الفضائية والمسبار بحالة جيدة و”كلاهما يعمل بكفاءة”، ولكن التجارب لم تبدأ بعد. وكتبت منظمة أبحاث الفضاء على منصة إكس “جميع الأنشطة تجرى في وقتها المحدد. كل الأنظمة في وضع طبيعي… بدأت عمليات تنقل المسبار”.
يضم المسبار الذي يطلق عليه اسم “براجيان” جهازين لإجراء تجارب تتعلق بالعناصر والمركبات الكيميائية، كما أنه مزود بإمكانية تخطيط مسار بشكل آلي لعمليات الاستكشاف المستقبلية. وكلمة تشاندرايان تعني “مركبة القمر” باللغتين الهندية والسنسكريتية.
ومن المتوقع أن يعمل المسبار لمدة أسبوعين، أو ليوم قمري، وهي الفترة الزمنية التي صممت معداته التي تدار بالطاقة الشمسية للعمل خلالها.
وقال سومانات إن هناك “عديد من المشكلات” على سطح القمر التي ستتعامل معها منظمة أبحاث الفضاء لأول مرة، بخاصة الغبار القمري ودرجات الحرارة التي قد تؤثر على الأجزاء المتحركة بالمسبار.
وأضاف لقناة سي.إن.إن نيوز 18 الهندية إن الغبار “يمكن أن يصل إلى الأجزاء المتحركة ويعطلها… وقد لا تعمل المحركات”، قائلا إن الغبار القمري يختلف عن المتواجد على سطح الأرض، ويمكنه أن يلتصق بأجزاء من المسبار في ظل غياب الهواء على القمر، مما قد يؤثر على عمله.
وتأتي هذه المحاولة الجديدة للبرنامج الفضائي الهندي الذي يشهد ازدهارا، بعد أربع سنوات على فشل كبير بعدما فقد الفريق على الأرض الاتصال بالمركبة قبل وصولها إلى القمر. وتضم شاندريان-3 التي طورتها المنظمة الهندية للبحث الفضائي (ISRO)، جهاز الهبوط “فيكرام” (الشجاعة باللغة السانسكريتية) والروبوت المتحرك “برغيان” (الحكمة) لاستكشاف سطح القمر. وتأتي هذه المهمة بعد أيام قليلة على تحطم المسبار “لونا-25″وهو الأول الذي ترسله روسيا إلى القمر منذ العام 1976.
وتعد مهمة شاندريان-3 التي أطلقت قبل ستة أسابيع أبطأ من مهمات “أبولو” الأمريكية المأهولة في الستينات والسبعينات التي وصلت إلى القمر في غضون أيام قليلة. فالصاروخ الهندي أقل قوة من صاروخ “ساترن 5” المستعمل في برنامج أبولو القمري الأمريكي، وقد اضطر إلى الدوران خمس إلى ست مرات حول الأرض لزيادة سرعته قبل أن يسلك مساره باتجاه القمر الذي يستغرق شهرا.
وانفصل “فيكرام” عن صاروخ الدفع منذ ايام وهو ينقل صورا عن سطح القمر منذ دخوله مدار القمر في الخامس من آب. ورأى الرئيس السابق لوكالة الفضاء الهندية ك. سيفان أن الصور الأخيرة التي أرسلتها المهمة تظهر أن المرحلة النهائية من الرحلة تكلل بالنجاح. وأوضح “هذا يشجعنا على القول إن المهمة ستنجح في الهبوط من دون مشكلات”. واستطرد سيفان أن ISRO أدخلت تعديلات إثر الفشل الذي منيت به قبل أربع سنوات.
وفقد يومها العلماء الاتصال بالمركبة القمرية قبل لحظات من هبوطها على سطح القمر. ومضى يقول “شادريان-3 سيقوم بمهمته بمتانة أكبر نحن واثقون ونتوقع أن تسير الأمور على ما يرام”.
وعشية عملية الهبوط أشارت ISRO عبر شبكات التواصل الاجتماعي إلى أن عملية الهبوط على سطح القمر تسير على ما يرام وأن مركز التحكم بالمهمة “مفعم بالطاقة والحماسة”. وأضافت الوكالة عبر منصة “اكس”، “الملاحة تتواصل بهدوء”.
وتبقى ميزانية البرنامج الفضائي الهندي متواضعة مع أنها زادت بشكل ملحوظ منذ المحاولة الأولى لوضع مسبار في مدار القمر في العام 2008. وتبلغ كلفة المهمة الهندية هذه 74.6 مليون دولار على ما ذكرت وسائل الاعلام المحلية وهي أقل بكثير مقارنة مع مهمات دول أخرى.
ويفيد خبراء في القطاع أن الهند تنجح في إبقاء الكلفة متدنية عن طريق نسخ التكنولوجيا الفضائية المتوافرة وتكييفها لأغراضها الخاصة بفضل وفرة المهندسين المؤهلين الذين يتلقون اجرا أقل بكثير من زملائهم الجانب. وكلفت محاولة الهبوط السابقة على سطح القمر في 2019 تزامنا مع الذكرى الخمسين لأول مهمة لرائد الفضاء الأميركي نيل أرمسترونغ على سطح القمر، 140 مليون دولار أي تقريبا ضعف كلفة المهمة الحالية.
وكانت الهند أول بلد آسيوي يضع قمرا اصطناعيا في مدار المريخ في آذار 2023؛ ويفترض أن ترسل مهمة مأهولة تستمر ثلاثة أيام إلى مدار الأرض بحلول السنة المقبلة. وقال سيفان إن جهود الهند لاستكشاف القطب الجنوبي للقمر تشكل مساهمة “كبيرة جدا” في المعرفة العلمية. وحدها روسيا والولايات المتحدة والصين نجحت في الهبوط بشكل مضبوط على سطح القمر.
وكانت محاولة هندية فاشلة للنزول على القمر نفذت في عام 2019 وقال مسؤول في وكالة الفضاء الهندية، في حينها، إنه قد تم تحديد موقع وحدة الهبوط التابعة لمهمة “تشاندرايان2” الهندية، على سطح القمر. وجاء تحديد موقع وحدة الهبوط بعد يوم من فقدان الاتصال بالمحطة الأرضية أثناء محاولة الوحدة الهبوط على سطح القمر.
وقال المسؤول التابع لـ”منظمة أبحاث الفضاء الهندية”، إن حالة وحدة الهبوط لم تتضح بعد، كما لم يتم الاتصال بها بعد. وكانت المحطة الأرضية التابعة لمنظمة أبحاث الفضاء الهندية، فقدت الاتصال بوحدة الهبوط “فيكرام”، قبل دقائق من هبوطها الذي كان مقررا في وقت مبكر من صباح السبت السابع من ايلول 2019، في منطقة لم يتم استكشافها من قبل، بالقرب من القطب الجنوبي للقمر، وكان من المقرر أن تجري وحدة الهبوط والمسبار الذي كان بداخلها، تجارب لمدة 14 يوما لوضع خريطة لسطح القمر وتحليل تركيبه والبحث عن الماء.
يشار الى ان فرقا بحثية دولية تخطط لإجراء عمليات حفر وتحليل للتربة الصخرية للقمر، بهدف كشف عدة ألغاز عن كوكب الأرض استعصى على العلماء حلها حتى يومنا هذا، منذ أن هبط الإنسان لأول مرة على سطح القمر قبل أكثر من نصف قرن من الزمن.
ويعتقد العلماء أن القمر، الذي يبلغ حجمه ربع حجم الأرض ووزنه أقل 80 مرة من وزن الأرض، تشكل منذ نحو 4.5 مليار سنة من بقايا تصادم وقع بين كوكب الأرض وجسم آخر في مثل حجم كوكب المريخ، ثم دارت بقايا ذلك الجسم حول الأرض إلى أن اندمجت في القمر.
وكان علماء توصلوا إلى اكتشاف مثير يدل على احتمال تواجد معادن ثمينة تحت سطح القمر، بعد إجراء عمليات نمذجة للظروف الجيولوجية المتوقع تواجدها على القمر.
ووجدوا أن عباءة القمر غنية بعناصر معينة من siderophile، التي ترتبط بسهولة بالحديد (مثل الذهب والبلاتين).
وليس من الواضح بالضبط ما هي المعادن الثمينة التي قد تكمن تحت سطح القمر، وما إذا كان من السهل استخراجها إذا رغب العلماء بذلك.
ويقول الجيولوجي جيمس برينان من جامعة دالهوزي في كندا متحدثا عن القمر أن “هذا هو المكان الذي نعتقد أن المعادن الثمينة قد تركت وراءه عندما تم تشكل الحمم البركانية”.