اشراقات كوردية … حادثة الطوفان العظيم وعلاقتها بتاريخ الكورد

 الكاتبة: بلقيس البرزنجى

مقالي عن واحدة من أكثر المواضع المثيرة للجدل عبر التاريخ وهو موضوع عالمي؛ جعل العلماء يقومون بأعاده قراءة أو فهم معقول له، وهو ليس بالسهل أبدا والتعامل معه يجب أن يكون بحذر، ومصداقية (حادثة الطوفان العظيم بالكتب السماوية والألواح التاريخية) الشيء المعروف على المستويات الاجتماعية والدينية (طوفان نوح) وجميع المسلمين واليهود والمسيحين من اي لغة او قومية يعرفون حادثة طوفان نوح لأنها ذكرت في المصادر الدينية (الكتاب المقدس، القرآن الكريم) وأقدم نص ديني ذكر الطوفان هو التورات في “سفر التكوين” تنص الرواية المذكورة في الآية:

((رأى الرب ان شر الإنسان قد كثر في الأرض فحزن إنه عمل الإنسان في الأرض وتأسف في قلبه وعزم على أن يمحو الإنسان والبهائم والدواب والطيور عن وجه الأرض وان يستثني من ذلك نوحا لأنه كان رجلا بارا كاملا في اجياله وسار نوحا مع الله وتزداد شرور الناس وتمتلئ الأرض ظلما ويقرر الرب نهاية البشر ويحيط نوحا علما بما نواه وأمر اياه بأن يصنع تابوت ضخم وان يكون طلائها بالقار يعني القير من داخل وخارج حتى لا يتسرب إليها الماء وان يدخل إليها اثنين من كل ذي جسد حي ذكرا وأنثى فضلاً عن امرأته وبنيه إلى جانب طعام يكفيه في التابوت))

إما في القرآن الكريم ذكرت في مصادر وسور كثيرة وأبرزها سورة المؤمنون آية (٢٧): ((فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ))

الغالبية من عندنا “نحن مسلمين او اهل الكتب السماوية من اليهود والمسيحيين والصابئة وزرادشت” يعلم قصة النبي نوح عليه السلام ولكن هناك أسئلة تثار يجب الإجابة عنها! من قبيل: أين حدث الطوفان بالضبط، وفي أي زمن، وكم استمر، وغيرها!

 

 

من خلال طرحنا سنحاول الاجابة على هذه الأسئلة. جميع الديانات التي ذكرناها سلفا، مؤمنة بحادثة النبي نوح “ع” من خلال إيمانهم بالله العلي العظيم وكتبه ورسله بمعنى إيمانهم بقصة الطوفان العظيم يتأتى من خلال إيمانهم بكتبهم السماوية التي تروي القصة، ولكن الملحدين او اللا دينين كذلك العلمانيين يعتقدون ان حادثة الطوفان هي أسطورة وان هذه الكتب السماوية التي نؤمن بها مجرد قصص لا يمكن الجزم بصحتها.

لذا سأقوم بشرح منطقي وعلمي لإقناع الجميع. والإجابة عن الأسئلة التي طرحناها سلفا.

عام ١٨٥٣م بدأت عمليات التنقيب عن أثار في بلاد الرافدين وتم العثور على نصب بابلي مكتوب بالخط المسماري والأكدى يتحدث عن حادثة طوفان العظيم، وهنا أصبح لدينا لأول مرة نص تاريخي من الحضارة السومرية يؤكد الروايات الدينية في الكتب السماوية، عام ١٨٩٩م بعثة أمريكية في مدينة نيبور _نفر/ ديوانية جنوب بلاد الرافدين. اكتشفوا لوحا مسماريا سومريا أقدم من النص بابلي الذي ذكرناه يتكلم عن حادثة الطوفان يعود للعام ١٦٠٠ ق. م. النص قسم كبير منه متأكل بسبب العوامل ولكن ما وصل إلينا يؤكد موضوع الطوفان، بالتأكيد نص رواية الطوفان السومرية المكتشفة تختلف كثيراً عن النص الديني ولكن تفاصيل الطوفان والخطوط العريضة للحادثة هي ذاتها.

مختصرة للقصة السومرية الطوفان، القصة السومرية للطوفان، السومريون كما هو معروف كانوا يؤمنون بتعدد الالهة وهناك مكان في السماء تجتمع عنده الالهة تتناول المواضيع البشرية والأرض، وتتسامر وتتحدث فيما بينها. الالهة توصلت يوما من الايام إلى قرار القضاء على الجنس البشري جميعا! لماذا؟! بالتأكيد النص السومري للأسف متأكل وبه كثير من نصوص المفقودة والتي تذكر: ((في يوم من الايام اجتمعت الالهة السومرية التي هي؛ انگي، آنانا، نينتو، ونوخرساد، ابسو. هذه الالهة السومرية كل إله متخصص بقضية، اجتمعوا وكان قرارهم النهائي القضاء على البشر ولكن هذا القرار لم يكن بأجماع جميع الالهة حيث أن الالهة. انكي. وانانا. ونينتو. كانوا غير موافقين على هذا القرار وكانوا يرون بأن البشر يستحقون فرصة الحياة. رغم معارضة بعض الالهة لكن صدر القرار بإغراق البشر. الاله ENKI بدأ يفكر كيف ينقذ البشر، هلاك البشر بالطريق ونحن يجب أن نتصرف، لن نغرق كل البشر ونقطع نسلهم نهائياً.. لذلك قرر انكي إنقاذ ذكر وأنثى فقط وهؤلاء الاثنين الذين سينقذهم سوف ينجون وينقذون البشرية من الانقراض ولكن من يستحق العيش أكثر، نختار أفضل شخصيتين سوف نختار رجل صالح ولم يؤذي أحد.. بحث انكي عن أفضل رجل وأفضل امرأة وبعد بحث مضني توصل إلى رجل صالح واسمه (زيوسودرا) رجل طيب ومتواضع قال له يا زيوسودرا ان الالهة قررت اغراق البشر لذلك اقوم بنصيحتك ان تبني سفينة. طلب منه أن يبني سفينة يحمل على سطحها زوجته وبذور النباتات والازواج والحيوانات، وفعلاً بنى زيوسودرا هذه السفينة وبعدها الالهة نفذت قرارها واغرقت البشرية.

 

 

في يوم رافيديني قديم مشمس على نخيل جنوب ميزوبوتاميا ومن غير سابق إنذار الغيوم تتكاثف وحجبت أشعة الشمس تماما على الأرض واصبحت الأرض كأنما ليل وانزلت الغيوم مطر كثيف جدا جدا لتتم عملية إبادة البشر “النص السومري يتحدث عن بكاء الالهة آنانا على بشر لما حل بهم حل بهم من دمار بسبب غرق الأرض وعدم رضا الاله انكي على الاله ابسو مما فعله. تحدث النص السومري عن فضل انكي في إنقاذ البشرية من دمار محقق في مشهد مهيب، الأرض امتلأت بالمياه وزيوسودرا هو بطل الطوفان أبحر بالتأكيد زيوسودرا بالعكس اتجاه دجلة والفرات نحو جبال كوردستان وبعد ستة ايام وليالي من الأمطار والأمواج والرعد، هدأت الأرض واله الشمس يشرق بالشمس وبدأت المياه تنخفض واستقرت السفينة على جبل “NISIR” ومكان هذا الجبل مجهول؟ ولكن الذي تم التأكد منه انه جبل من سلسلة جبال زاگورس في جنوب كوردستان وهناك روايات مختلفة يعتقد بعض الباحثين ان جبل NISIR هو نفسه جبل “بيرة مكرون” في محافظة السليمانية جنوب كوردستان المهم بعدما استقرت سفينة زيوسودرا ونزلوا إلى الأرض صلى زيوسودرا شكرا للإله انكي وقدم له القرابين ومنحه الاله انكي الخلود لذا يعتقد ان زيوسودرا هو حي ليومنا هذا! ))

في القرآن الكريم السفينة استقرت على جبل جودي كما في الآية القرآنية:

((وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)) [هود : 44]

الباحث محمد أمين زكي في كتابه (تاريخ الكرد وكردستان) يقول: (ان كلمة جودي معروفة بكلمة كوتي. جودي=كوتي استبدال الكاف كما في الإنكليزية الانجليزية لذلك كوتي هو جودي وبالنسبة لحرف الدال فقد نقلوها العرب في كتبهم وعليه فإن جبل جودي هو كوتي والسفينة حسب رأي الباحث استقرت في أرض الكوتيين إسلاف الكورد في جنوب كوردستان،، وهذا يعني ان المجموعة البشرية الثانية وحتى الاولى بدأت من ارض كوردستان والدليل ان سفينة نوح رست على جبل جودي ومن أرض، كوردستان تكاثرت السلالات البشرية وتشكلت وهاجروا منها إلى كل بقاع الارض والسلالة الكوردية الآرية سبقت كل السلالات البشرية بآلاف السنين والكوتيون يعتبرون اولى السلالات الكوردية وجودي المعرب تعني جوتي كوتي كودي هذا يعني ان اقوام كانت موجودة فيها قبل الطوفان وسميت الجبال باسمهم، بدأت الهجرات من كوردستان عندما تكاثر الناس وضاقت المراعي والارض بالناس، وطبعا حدثت بعد ذلك هجرات بشرية معاكسة ايضا بعض الكورد هاجروا إلى قفازيا ثم عادوا لزاغروس وبعضهم سكن بلاد الرافدين والكورد سبقوا الاقوام السامية في بلاد الرافدين ب 3000 آلاف عام.

 

 

 

قصة الطوفان كانت من القصص القديمة في بلاد الرافدين ولها نسخ عديدة بابلية واشورية، ونحن مؤمنين ايمان قاطع بأن الطوفان لم يكن في ميزوبوتاميا فقط بل شمل كل الكرة الأرضية وهناك اختلاف بالأسماء بين القصة السومرية والقصة البابلية، اما نص البابلي اسمه اوت نيشوا في القصة البابلية الأدوار معاكسة واله انكي هو من أغرق البشر مع وجود الاختلافات لكن حادثة الطوفان وهيكلها العام هو واحد.

دليل علمي آخر: عام ١٩٢٨ قدمت لمدينة اور في الناصرية جنوب بلاد الرافدين بعثة بريطانية برئاسة (ليوناردووالى) أثناء العمل والتنقيب تم التوصل إلى مقبرة وقبور السومريون مفروض يتم تنقيب لآخر نقطة ولكن (ليو ناردوو ولي) طلب منهم تنقيب بعمق ٩٠ سم. تحت مقبرة ووجدوا (ترسبات گرينية) معناه ان هذه الأرض كانت ممرا للمياه في مرحلة من المراحل ان هذه الأرض كانت مغمورة بالماء وبعد أن ذهب الماء نشأت مدينة اور والمفاجأة ان ليو طلب منهم تنقيب تحت طبقة الگرينية وهنا تم التأكد ان الطوفان حقيقي وليس أسطورة. حدث وبدأ في أرض بلاد الرافدين يعني حسب الاكتشاف كان هناك مدينة واغرقت المدينة بالمياه وبعد مدة انحسرت هذه المياه وبنيت المدينة ثانية، بالمقابل حتى السومريون قسموا تاريخ قبل طوفان وبعد طوفان وما كانت أسطورة، بعد أعوام أصبحت حقيقة دامغة بعد هذا الاكتشاف على يد البعثة البريطانية.

هنا يقول ليوناردووالى: ((أكثر ما هو خرافة وغير قابل للتصديق يكون فيه شيء من الحقيقة)) بمعنى اخر عندما تسمع قصص أسطورية من اجدادك لا تكذب قصصهم لان الحقيقة موجودة بين السطور! وهنا علمنا لماذا العالم ليوا عمل تنقيب تحت طبقات الگرينية!

على أرض كوردستان بكت إنانا، من سومر أبحر زيوسوردا، وفي ارض كوردستان استقر على جبالها الشاهقة، وحادثة الطوفان مهلكة أباد البشر ونجا منه الصالحين فقط لكنها في ذات الوقت بينت عظمة تاريخ الكورد، تاريخنا يسجل الكثير من الأسرار لا يبوح بها وعندما نقول تاريخ كوردستان يعني بداية البشرية والسلالات الأولى.

 

 

قد يعجبك ايضا