مسؤول اممي بعد زيارة البصرة: حقبة الغليان العالمي بدأت

 

متابعة ـ التآخي

تقول الأمم المتحدة إن العراق من أكثر الدول عرضة لتغير المناخ في العالم ووصلت المياه هذا العام إلى أدنى مستوياتها المسجلة، ومع حرارة بلغت أحيانا 50 درجة مئوية، يعتقد مسؤول أممي “أن حقبة الغليان العالمي قد بدأت”.

وفي ختام زيارة للعراق استغرقت أربعة ايام، قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك إن حرارة الصيف الشديدة والتلوث في جنوب العراق يشيران إلى أن “حقبة الغليان العالمي” قد حلت.

والتقى تورك خلال زيارته العراق بعدد من المسؤولين والسكان وزار أنحاء في البلاد فيما بلغت درجات الحرارة أحيانا 50 درجة مئوية، وتناول في الزيارة ملف حقوق الإنسان مع التركيز على تغير المناخ.

وعن زيارته للبصرة المنتجة للنفط في جنوب العراق، قال تورك في مؤتمر صحفي ببغداد يوم الأربعاء (التاسع من آب 2023) “عند وقوفي في هذه الحرارة الحارقة… ومع استنشاق الهواء الملوث بسبب كثير من مشاعل الغاز المنتشرة في المنطقة، اتضح لي أن حقبة الغليان العالمي قد بدأت بالفعل”.

وحذر من أن ما يشهده العراق من جفاف وارتفاع في درجات الحرارة هو بمنزلة “إنذار” للعالم أجمع.

واستعاد تورك تعبيراً استعمله الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الشهر الماضي، حيث قال إن العالم قد دخل في “عصر الغليان”، مضيفاً أنه “هنا (في العراق)، نعيش ذلك، ونراه كلّ يوم”.

وقال تورك “ما يحدث هنا هو نافذة على مستقبل قادم الآن لأجزاء أخرى من العالم إذا واصلنا الفشل في الاضطلاع بمسؤوليتنا في اتخاذ إجراءات وقائية ومخففة لحدة تغير المناخ”.

وتقول الأمم المتحدة إن العراق من أكثر الدول عرضة لتغير المناخ في العالم.

وشهد العراق موجة حر قاسية، الأحد والاثنين الماضيين، إذ وصلت درجات الحرارة إلى 50 درجة مئوية في العاصمة بغداد، ما زاد من صعوبة الحياة اليومية لا سيما لمن يعملون خارج منازلهم.

وقال المتحدّث باسم دائرة الأنواء الجوية العراقية عامر الجابري، الاثنين، إن درجات الحرارة بلغت في العاصمة بغداد خمسين درجة مئوية، متحدثاً عن “موجة حرارة”.

أما أعلى درجات الحرارة الاثنين فسجلت حتى 51 درجة في مناطق السماوة والناصرية والديوانية والنجف في جنوب البلاد، وفق المسؤول.

وألقى ذلك بثقله على حركة السكان، فيما قلّصت بعض المحافظات العراقية لا سيما في الجنوب، مثل ذي قار الدوام الرسمي للموظفين.

وتوقّع المسؤول أن تنخفض درجات الحرارة قليلاً في الأيام المقبلة، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن الحرارة ستبقى مرتفعة في العراق حتى نهاية شهر ايلول.

وفي هذا البلد الغني بالنفط، يعاني قطاع الكهرباء من التهالك، ولا يوفر سوى ساعات قليلة من التيار في اليوم. ويلجأ السكان إلى المولدات الكهربائية، لكن ذلك قد يكلّف نحو 100 دولار في الشهر لكل أسرة، وقد لا يكون متوفراً للجميع، كما ان المولدات لا تشغل اجهزة التكييف التي لا غنى عنها لمجابهة الحرارة المرتفعة.

وأكثر المتضررين من الحرارة، هم العمال المجبرون على العمل في الخارج تحت الشمس الحارقة، على غرار فالح حسن، الأب لستة أطفال والبالغ من العمر 41 عاماً، ويعمل عتالا لنقل الأجهزة الكهربائية.

ويقول الرجل فيما يتصبب عرقاً وهو يقف في ساحة تتجمع فيها الشاحنات في الكرادة في بغداد إن “حرارة الشمس موت، حتى نتمكن من العمل، نشرب الماء طوال النهار”.

وأضاف الرجل الذي غزا الشيب رأسه “الحر لا يوصف لكننا مجبرون على العمل ليس لدينا أي عمل آخر”.

وقال ضابط في شرطة المرور وهو يقف وسط شارع رئيس في بغداد مفضلاً عدم كشف اسمه، “أعمل عشر ساعات في اليوم من السادسة صباحاً وحتى الثالثة أو الرابعة عصراً”.

وأضاف “عندما أعود للبيت أستحم ثلاث وأربع وخمس مرات لكن الحر لا يفارقني”.

ويعدّ العراق من بين الدول الخمس الأكثر تأثراً ببعض أوجه التغير المناخي وفق الامم المتحدة، وهو يواجه الجفاف للعام الرابع على التوالي.

ويؤدي تراجع هطول الأمطار إلى جانب سوء إدارة الموارد المائية إلى جفاف مستمر منذ سنوات. وقالت وزارة الموارد المائية إن مستويات المياه هذا العام وصلت إلى أدنى مستوياتها المسجلة.

وتراجع منسوب المياه في نهري العراق الرئيسين دجلة والفرات وأصبح أقل من أن يحافظ على الزراعة التي ازدهرت على ضفافهما سابقا.

وفي محافظة ذي قار، يُمكن مشاهدة الأسماك وهي تحتضر من جراء تراجع مناسيب المياه في هور الجبايش بفعل قلة الأمطار، ولطالما وصلت درجات الحرارة حتى إلى 55 درجة مئوية وربما اكثر في الشمس. ودعا معنيون بالمناخ، السكان وبخاصة من يعملون في أجواء النهار ويتجولون في الشوارع إلى “أخذ الحيطة والحذر من أشعة الشمس بارتداء القبعات وحمل المظلات الصغيرة أو تجنب الخروج نهارا لمن ليس لهم عمل يستوجب التعرض للشمس”.

كما شددوا على “ضرورة الابتعاد عن الأسلاك الكهربائية والمولدات”، فيما نصحوا بـ”شرب الماء كثيرا لتعويض نقص الجسم عن فقدانه”.

ويؤدي انخفاض منسوب المياه وارتفاع درجات الحرارة بشكل عام إلى قلة مستويات الأوكسجين وارتفاع نسبة الملوحة في الأنهار مما يؤثر سلبا على الثروة السمكية.

قد يعجبك ايضا