الديمقراطي الكوردستاني.. تاريخ نضالي وتضحيات مستمرة

شيركو حبيب

لم يكن تأسيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني وليد
صدفة أو فكرة عابرة، بل كان حتمية وضرورة تاريخية تطلبتها ظروف أمة وشعب منتصف الأربعينات من القرن الماضي.

فبعد انتهاء الحرب الكونية الثانية وتحرر العديد من الشعوب و الدول من الهيمنة الاستعمارية و انتشار روح القومية و الوطنية بين الأعراق المضطدة، وإيمانا بحقوق الإنسان وحريته، حضرت الحاجة إلى النشأة والتأسيس في هذه الأثناء ورغم وجود عدد من الأحزاب الكوردية التي لم تستطع الصمود أمام التحديات و وجود أيديولوجيات مختلفة، وبعد انهيار جمهورية كوردستان في مهاباد  عام 1946 لأجل المصالح الاستعمارية وخدمة لرغبات الدول العظمى، كان من الضروري وجود حزب جديد يواجه هذه المشاكل و التحديات.

احتاجت الأمة إلى دماء جديدة لاستكمال وإعادة إحياء مسيرة النضال من أجل الحقوق المشروعة للشعب الكوردي، فكان الحزب الديمقراطي الكوردستاني بقيادة الأب الروحي للشعب الكوردي الخالد مصطفى بارزاني في 16 من آب عام 1946 و رفع شعار “الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكوردستان” لإيمان مؤسس الحزب بالديمقراطية وبناء دولة مدنية ديمقراطية تضمن حقوق مكوناتها كافة.

إلتحق العديد من مثقفي ومناضلي كوردستان بهذا الحزب إيمانا بقائده و نهجه الوطني، فالديمقراطي الكوردستاني حزب ناضل و لا يزال من أجل الأهداف المشروعة لشعب كوردستان حسب نهج البارزاني الخالد وتوجهات الزعيم مسعود بارزاني، ولم يكن نضال الحزب الديمقراطي من أجل الشعب الكوردي وحده، بل من أجل جميع مكونات كوردستان المختلفة قوميا و دينيا و مذهبيا لحصولهم على كافة حقوقهم ، والنضال من أجل عراق ديمقراطي، ولهذا نرى شخصيات من قوميات وأديان مختلفة التحقوا بهذا الحزب و كانوا ولايزالوا يتمتعون بمكانة و مناصب رفيعة داخل الحزب.

واجه الديمقراطي الكوردستاني خلال مسيرته النضالية المستمرة عبر 77 عاما، الكثير من المصاعب و المتاعب والتحديات، إلا أن حكمة مؤسس الحزب وحنكة و توجهات الزعيم مسعود بارزاني وقيادته ونضال البيشمركة الأشاوس استطاعت التغلب على كل هذه المشاكل، فالحزب لم يؤمن يوما من الأيام بالحل أو الخيار العسكري، إلا أن قسوة الأنظمة العراقية وعدم حل القضية الكوردية سلميا و فرض القتال، اضطر الحزب لإعلان ثورة عارمة في كوردستان ردا على قصف النظام العراقي لكوردستان عام 1961 وضرب الشعب الكوردي بالقنابل، مما اضطر قيادة الحزب لإعلان ثورة 11 أيلول.

ورغم أن الثورة كانت كوردية و في أراضي كوردستان إلا أنها أصبحت ثورة عراقية و التحق بها العديد من الشخصيات العراقية غير الكوردية لإيمانهم بنهج الثورة و قائدها البارزاني الخالد.

خلال ثورة أيلول استطاع الحزب أن ينجز الكثير من الانتصارات العسكرية و التي كانت سببا لابرام اتفاقية 11 آذار عام 1970 و التي تعتبر من أهم إنجازات الثورة الكوردية في تاريخ العراق ليومنا هذا.

وقد حاول الكثيرين النيل من الحزب الديمقراطي الكوردستاني والعمل من أجل إضعاف الدور التاريخي و النضالي له، إلا أن جميع محاولاتهم باءت بالفشل رغم مساعدة القوات العراقية لهم، لأن الحزب الديمقراطي الكوردستاني و نهج البارزاني الخالد مغروس في قلوب و أعماق المخلصين و المناضلين من شعبنا و لا تستطيع أي قوة في العالم اضعاف الثقة به.

أقول للذين يحاولون اليوم إعادة عقارب الساعة للوراء عليهم مراجعة التاريخ و عدم اللعب بالنار، فللحزب الديمقراطي الكوردستاني الفخر بأن يرى اليوم برلمان و حكومة كوردستان، وله حصة الأسد من التضحيات و النضال و بناء مؤسسات ديمقراطية، وعلى الصعيد العراقي له الدور المشرف في بناء عراق ديمقراطي فيدرالي تعددي على أساس التوازن و التوافق بين مكوناته كلها، ويسعى لحل الخلافات بين المركز و الإقليم وفقاً للدستور.

وللحزب اليوم علاقات على مستوى عال و جيد من الدول العربية و الأوروبية و أمريكا تخدم المصالح المشتركة، لكنه رغم كل التحديات و المصاعب يواصل نضاله و لن يتهاون عن دعم المصالح الوطنية و بناء دولة ديمقراطية مدنية حديثة أساسها العدالة والمساواة.

المجد والخلود لشهداء الحركة التحررية الكوردستانية و على رأسهم البارزاني الخالد والحي في القلوب ادريس بارزاني.

قد يعجبك ايضا