اعداد: عدنان رحمن
في عام 1987 صدر في كوردستان كتابا لرئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني بعنوان ( البارزاني والحركة التحررية الكوردية- ثورة بارزان 1945- 1958).
ورد فيه كلما يتعلق بهذه المرحلة، أي بين الأعوام ( 1945- 1958) من أحداث وبطولات ومآثر للبارزاني الخالد وما جرى لابناء عشيرته من البارزانيين وغيرهم وعوائلهم خصوصاً في الاتحاد السوفييتي السابق اثناء رحلة الوصول اليها، فضلاً عمّا جرى في فترة جمهورية مهاباد وما بعدها، وايضاً مختلف الأمور السياسية وكيفية تأسيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني (الـپـارتي) في 16 / آب / 1946، وشؤون أخرى كثيرة تخص الكورد وكوردستان.
تضمن الكتاب ثمانية عشرة فصلاً، فضلاً عن المقدمة وهوامش وايضاحات ومصادر البحث ووثائق مهمة وصور تاريخية وخرائط توضيحية وملحق.
وكتب الرئيس مسعود بارزاني في الإهداء:
(( إلى شهداء الحرية في كل مكان ))
الفصل الثالث من الكتاب تضمن عنوانين، الأول ( تأسيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني)، والثاني ( المؤتمر الأول). وقد ورد فيهما: تأسيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني لم يستثني وضع شرق كوردستان (كوردستان ایران) وتطوراتها الايجابية الكبيرة للجنة الحرية ( لیژنه ى ئازادى) عن التفكير بمصير وتطور الحركة الكوردية في جنوب كوردستان (كوردستان العراق) .
وبعد التجربة الناجحة في تأسيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني في ايران والدروس التي استنبطت من ثورة بارزان ( ١٩٤٣- ١٩٤٥)، بات واضحاً ان المرحلة الراهنة تتطلب تأسيس حزب ديمقراطي كوردستاني في العراق على غرار الحزب الديمقراطي الكوردستاني في ايران.
وبعد دراسة مستفيضة لاوضاع المنطقة واحتمالاته المستقبلية قرر البارزاني مع رفاقه الضباط الوطنيين من اعضاء لجنة الحرية ضرورة تأسيس حزب يضطلع بمهام تلك المرحلة وفق التغييرات الجديدة تنسجم اهدافه مع تطلعات الجماهير وتبلورت الفكرة في اواخر شهر شباط من العام ١٩٤٦، فاجتمع البارزاني بالمناضلين:
( المحامي حمزة عبد الله- النقيب مير حاج احمد- العقيد الركن عزت عبد العزيز- النقيب مصطفى خوشناو- النقيب خير الله عبد الكريم- الملازم محمد محمود قدسي- والملازم نوري احمد طه).
ووضعوا اللبنات الاولى للحزب الديمقراطي الكوردي، ثم سعوا الى تثبيت مواد المنهاج والنظام الداخلي للحزب الجديد. كان ثمة موانع حقيقية تقف حائلا دون ممارسة الحزب الجديد نشاطه التثقيفي والتنظيمي بشكل علني في جمهورية مهاباد.
وقد شعر البارزاني وقادة الحزب الجديد، ان عدم رغبة رجال الجمهورية في ممارسة الحزب نشاطه محلياً، رغم ترحيبهم الحار بالفكرة،متأت من الوضع السياسي الذي تمر به تلك الجمهورية الفتية لان ذلك قد يخلق لاعداء الجمهورية الوليدة حجج في تشديد مناؤتها الصريحة لا سيما من تركيا والعراق اللتين يدعمها الحلفاء الغربيون ويحرصون على كيانيهما.
ومن السهولة بمكان ان يفسر ذلك كله بان الجمهورية الفتية التي لم يمر على تأسيسها اشهر قليلة تتبنى خطة سياسية واسعة لكوردستان كبرى مستقلة بضم الجزء التركي والعراقي اليها وهو آخر ما يود ان يواجه به قادة جمهورية مهاباد في وضعهم السياسي القلق المحفوف بالمخاطر.
فضلاً عن ذلك، الحزب الجديد هو حزب تأسس لكوردستان العراق وحدها، وللجماهير الكوردية هناك، فمفاهيمه ونشاطه يجب ان يكونا قاصرين على العراق. ولذلك، تقرر إيفاد المحامي حمزة عبد الله الى جنوب كوردستان(كوردستان العراق) لإجراء الإتصالات الضرورية مع قادة احزاب شورش و رزگاري وفرع الحزب الديمقراطي الكوردستاني في السليمانية وهو فرع للحزب الديمقراطي الكوردستاني بمهاباد، وخوِّل حمزة الصلاحيات الكاملة من قبل البارزاني والهيئة المؤسسة.
وكان من بين التوصيات التي حملها حمزة معه:
۱ – اختيار الشيخ لطيف الشيخ محمود، نائباً أول للرئيس.
٢ – ان يكون كاكه محمد زياد، نائباً ثانياً.
٣ ـ ان لا يجري تغيير أساسي لفترة من الزمن على الميثاق والمنهاج والنظام الداخلي.
٤ – لتفويت الفرصة على الاستعمار يجب عدم التركيز على مهاجمة المصالح البريطانية مؤقتاً الى ان تترسخ أسس الـپـارتي للحيلولة دون تعرضه لحملات القمع والملاحقة.
فضلاً عن ان الاستعمار البريطاني قد هرم وحان الوقت لملىء الفراغ الذي يتركه بسلطة وطنية مستقلة كي لا يستغل الاستعمار الامريكي الجديد الفرصة الذي اخرجه من الحرب العالمية الثانية وهو في اوج نشاطه وقوته. وفي أواخر ربيع عام ١٩٤٦ عاد حمزة عبد الله الى جنوب كوردستان واتصل بالمعنيين من أحزاب وشخصيات، ووافقت قيادتا حزب شورش ورزگاري مبدئياً على حلّ الحزبين والانضمام الى الحزب، على ان يكون ذلك بعد ان يعقد كل حزب مؤتمره الخاص لإحاطة المندوبين علماً بالوضع الجديد. وتم عقد المؤتمرين في اوائل آب / ١٩٤٦، ووافقت الاكثرية الساحقة في المؤتمرين على تأسيس الحزب الجديد بعد اعتراضات وتقيدات جانبية.
المؤتمر الاول
عقد الحزب الجديد مؤتمره الاول في السادس عشر من آب / ١٩٤٦ في بغداد، فكان يوماً خالداً في تاريخ الأمة الكوردية واتخذ له اسم الحزب الديمقراطي الكوردي في العراق. إلا انه عُرِفَ فيما بعد وحتى الآن باسم ( الپـارتي).
درس المؤتمرون ميثاق الحزب ومنهاجه ونظامه الداخلي الذي كان قد أعدَ في مهاباد، وبعد المناقشة جرت عليه بعض التغييرات الجزئية واقرت صيغته النهائية، وبدأ المؤتمر بانتخاب اعضاء اللجنة المركزية آخذين بتوصيات البارزاني ورفاقه.
وانتخب التالية اسماؤهم لأول لجنة مركزية للحزب:
۱ – مصطفى البارزاني / رئيساً للحزب.
٢ – الشيخ لطيف الشيخ محمود / نائباً أول للرئيس.
٣-کاکه حمه زياد نائباً ثانياً للرئيس.
٤ – حمزه عبد الله.
ه – مير حاج احمد.
٦ – الدكتور جعفر محمد كريم.
٧-علي عبد الله
۸ – صالح اليوسفي.
۹ – عبد الكريم توفيق
۱۰ – رشيد عبد القادر.
۱۱ – رشيد باجلان.
۱۲ – الملا سيد حكيم الخانقيني.
۱۳ – عوني يوسف
١٤ – طه محي الدين
١٥ – عبد الصمد محمد / الاحتياط الاول
ثم عقدت اللجنة المركزية اول اجتماع لها وانتخب السكرتير واعضاء المكتب السياسي بالشكل التالي:
۱ – حمزة عبد الله / امين السر العام.
٢ – الدكتور جعفر محمد كريم.
٣-علي عبد الله
٤- عبد الكريم توفيق.
٥ – رشيد عبد القادر.
اضطلع الحزب بمهامه النضالية وقاد جماهير كوردستان منذ ذلك اليوم وحتى يومنا هذا. وقد ارتبطت به انتصارات وانتكاسات الشعب الكوردي او بمعنى آخر ارتبط به مصير الشعب الكوردي. ورغم كل الصعاب فقد ظل عند حسن ظن الأمة الكوردية.
بعد ان تحققت هذه الخطوة بنجاح بات الاتصال اسرع واكثر تنظيما بين البارزاني والحزب. واستمرت المشاورات بينهما وقام بدَور كبير في جمع التبرعات داخل العراق وإرسالها الى البارزانيين في كوردستان ايران ،وكانوا في ذلك يعانون من الأمراض وسوء التغذية”.
الهوامش
١- التسمية المتداولة بين ابناء الشعب الكوردي للحزب الديمقراطي الكوردستاني والاوساط المحلية والعربية والعالمية حتى الآن.
٢- هامش في الكتاب نفسه: للمزيد من التفاصيل عن تاريخ الحزب الاول، انظر تاريخ الحزب الديمقراطي الكوردستاني منذ تأسيسه حتى نهاية مؤتمره الثالث- تأليف علي عبد الله.